أحسب أن التنمية السياسية و الاقتصادية لا تتم إلا في إطار التراضي على نظام سياسي مستدام و التوافق على مبادئ عامة تدعم إستدامة النظام السياسي تكون نتاج للحوار الوطني المنشود و الذي يجب أن يدعمه و يشارك فيه الجميع . من هذا المنظور كانت هذه الرؤية أو المساهمة في توصيف النظام السياسي الذي يمكن أن يُفضي الى قيام كيانات حزبية واضحة المعالم و البرامج قوية البناء معافاة من أمراض الإبهام و التشرذم و الاختراق ويمكنها تداول السلطة بطريقة مستدامة عبر التنافس على تقديم أفضل الخدمات و الحلول للمواطن السوداني و لا يتم ذلك إلا بعد التوافق على ضوابط صارمة و محددات لمهددات إستقرار النظام السياسي و ديمومته . هذه الرؤية تتمثل في: أولاً : إصلاح البيئة المجتمعية 1. لا للجهوية لا للعنصرية أهل السودان أمة واحدة سواسية كأسنان المشط يحق لكل منهم الاقامة في أي بقعة من أرضة و يتمتع الجميع بذات الحقوق و الواجبات في إطار الوطن الواحد . الجهة أو العنصر ليست ميزة سالبة أو موجبة في إطار التكاليف ألعامة. هذة سمة القوانين السائدة منذ لستقلال . 2. الارض الارض في السودان كلها مملوكة للدولة و الحيازة و التملك تحكمهما القوانين العامة و للدولة الحق في نزع أي أرض و في أي بقعة من السودان للصالح العام إذا سبق أن خصصتها لشخص أو جهة إعتبارية. ويجب أن يضمن ذلك في الدستور و يفصل في القوانين و اللوائح اللاحقة. 3. المراحيل الترحال وراء الكلأ و الماء من سمات التخلف على الدولة أن تسعى وفي فترة لا تتجاوز العقدين بتوفير مشاريع تكفي لأقامة هذه المجموعات حتى يمكنها الاستفادة من خدمات التعليم و الصحة و من ثم ترفد هذه المجموعات الاقتصاد الوطني إقتصادياً و بشرياً و يكون ذلك إغلاقاً لباب تهب منه رياح الفتن و الغلاقل وعدم الاستقرار. 4. المناطق المتخلفة تحديد المناطق المتخلفة و توفير خدمات التعليم و الصحة والبنى التحتية و دعم الاقتصاد المحلي ليفضي ذلك للإستقرار و تقليل الهجرة و الاحساس بالتهميش و التخلف. 5. توفير الخدمات الاساسية السعي لتوفير خدمات التعليم و الصحة وكذلك المياة النظيفة و الكهرباء و ربط البلاد بشبكات طرق و إتصالات ذات كفاءة عالية تدعم التواصل و التجانس و تقتل الجهوية و العنصرية. ثانياً : إصلاح البيئة السياسية. 1. على الجميع الاقرار بأن التنافس لخدمة الوطن و المواطن أي الممارسة السياسية يجب أن تكون سلمية و أن حمل السلاح أو تعويق العمل أو إتلاف المال العام أو الخاص أو السعي بالفتنة من الكبائر و أن حمل السلاح بالذات في وجه الدولة أو الأخر جريمة تقع تحت طائلة القانون و من لا يتخلى عن حمل السلاح و يعلن ذلك صراحة لا مقعد له في النظام السياسي الجديد. 2. الادارة الاهلية يجب ن تكون أداة لأصلح البيئة المجتمعية و السياسية و تتماهى مع جهد الدولة في ذلك ولا تضادها بل قانون الدولة ينسخ الاعراف و التوافقات المحلية متى ما إقتضت المصلحة ذلك. 3. أري أن يقتنع السياسيون و رجالات الاحزاب الثمانين القائمة أن هذه الكثرة مؤشر مرض يجب علاجه و إن من علامة الاستقرار السياسي و إمكانية تداول السلطة أن لا يزيد عدد الاحزاب عن إثنين وهذا هو الامثل ولكن يجب أن لا تزيد عن أربعة إبتداءً حتى تستقر الحال . 4. الصحافة السودانية ورقية و إلكترونية و الفضائيات الرسمية و الخاصة و مجموعات وسائط التواصل الإجتماعي يجب أن تكون أكثر إنضباطاً و أن يكون جهدها إصلاح البيئة المجتمعية و السياسية لا إثارة النعرات الجهوية و العنصرية و التستر خلف حرب التهميش و الفساد. 5. يجب الاتفاق بأن الحكم الفدرالي لا ينتج عنه هذا الترهل المُقعد في النظام الاداري و الوظائف الدستورية و المجالس التشريعية. في زمن سهولة الاتصال و الحركة يجب أن تدار الولايات بعدد قليل من الدستوريين وعدد كبير من رجالات الخدمة المدنية. ثالثاً : مقترح نظام حزبي جامع و فعال كأساس للنظام الديمقراطي المستدام من غير الدخول في التفاصيل و إستدعاء التاريخ و المواقف أري أن قيام نظام سياسي قوي متصالحمحصن ضد إختراقات القوى الظلامية لا يتأتي الا بإجراء تغيرات رادكالية تُفضي الى أن تتجمع أحزابنا السياسية في أربعة مجموعات متجانسة غير قابلة للتشظي لخامس. لبلوغ ذلك أرى أن تتكون هذه الاحزاب كالتالي: 1. يبقى المؤتمر الوطني كماهو وعليه إصلاح بنيته الداخلية وتحديد توجهه السياسي و نظرته الايدولوجيه الحاكمة لأعماله بضبط الممارسة بداخله بوضوح يُفضي الى إبعاد كل من لا تتسق رؤيته أو ممارساته مع برنامج الحزب. وعلى الحزب كما الاحزاب جميعاً أن تضع لنفسها التزاماً بأن لا تكون الجهوية أو القبلية أو الترضيات المرتبطة بهما معياراً للإختيار للوظائف السياسية أو المهنية و أن يكون غدوة ًلغيره في الشفافية و محاربة الفساد و أن يكون هناك قيد زمني لاي فرد لا تتعدى الدورتين ( 8 سنوات) في الوظائف القيادية للحزب و الوظائف العامة. 2. الاحزاب الطائفية, الامة و الاتحادي الديمقراطي أديا دورهما خلال الفترة السابقة ولكنها (الطائفية) لم تعد تصلُح للمستقبل و هذا ما يوضحه التشرذم و التشظي المستمر في قياداتها الفاعلة و تآكل قاعدة مريديها عاماً بعد عام وعليه فإنى أرى أن تنسحب الطائفتان من الفضاء السياسي إنسحاباً مدروساً حفاظاً على جوهرهما و تاريخهما و يبقى إمام الانصار و مرشد الختميه يؤديان دورهما فيما يجمع الناس و يوحدهما بعيداً عن مسرح السياسة المتغير الذي يذري بأمثالهم. أرى أن يتجمع من شاء من أعضاء هذه الاحزاب في الحزب الثاني فلنُسمة (حزب إصلاح الامة و أتحادها ) و يقوم هذا الحزب على مرجعية إسلامية واضحة كما المؤتمر الوطني و يختلف عنه في تفاصيل إدارة الشأن الاقتصادي و السياسي..الخ. يضم هذا الحزب ذوي الميول الاسلامية من الحزبين ( الامة و الاتحادي) إضافة الى عديد الاسلامين الذين خرجوا من المؤتمر الوطني و الاخوان المسلمين و المؤتمر الشعبي و غيرهم من الاسلاميين خارج مظلة المؤتمر الوطني. هذا الحزب يمكن أن يكون في المستقبل القريب مؤهلاً لتداول السلطة مع المؤتمر الوطني لأن هذه الثنائية ضرورية لدعم الشفافية و محاربة الفساد كما جار في النظام الغربي. 3. الحزب الثالث حزب يقوم على مرجعية تحترم الاسلام ولكن يقول بأن الدين ينتهي عند عتبة المسجد ( لاسياسة في الدين و لا دين في السياسة) كما يؤكد الحزب بأنه لن يسمح بإستباحة الخمور و الدعارة و يسعى لتشجيع المثل العليا التي تقرها الاديان و كرائم الاعراف (لأن من يُعلن مخالفة ثوابت الدين لن يجد له أنصاراً في بلاد المسلمين). هذا الحزب يمكن أن يتجمع فيه يسار حزب الامة و يسار الحزب الوطني الاتحادي و بعض الاسلاميين و من شاء من الشيوعين و الليبراليين و القوميين وبقية أهل اليسار. 4. الحزب الرابع يقوم على أيدولوجية علمانية و اضحة المعالم تبعد الدين عن السياسة كليةً و يدعو للحرية الكاملة كما تنص عليها المواثيق الدولية؟؟ و يمكن أن يضم هذا الحزب يسار اليسار و من شاء من العلمانيين و الليبرالين و آخرين... أرجو أن تكون هذه المساهمة المتواضعة إثراءً للحوار الوطني من أجل بناء النظام السياسي المستدام تقدم جبر ضرر الوطن على جلب النفع لطائفة أو جه أو حزب و أن يشارك الجميع في تنقيحها و تعديلها لتكون شاملة و وافية و مرضية و تسع الجميع و تؤسس لنظام ديمقراطي مستدام. نسأل الله بكل إسم هو له أن يوحد كلمة أهل السودان و يجمع شملهم ويذهب الغل من صدورهمويجعل جهدنا جميعاً خالصاً لوجهه وعلى الله قصد السبيل وله الامر كله و من عنده التوفيق. م. تاج السر حسن عبد العاطي جامعة الجزيرة - كلية الهندسة و التكنولوجيا 25 مايو 2014 ‘tagelsir2003@ yahoo.com ( مختصر من مقال مطول نشر بالصحف اليومية) مقترح نظام سياسي مستدام 25 مايو 201413/