تمر علينا سنويا ذكري في الحادي والعشرين من اكتوبر ذاكرها التي جسدت حب الشعوب السودانية في التعبير عن رفضها عن القمع السياسي وللقمع الديكتاتوري للشعوب السودانية ، كانت ثورة عام 1964 هي الشرارة الاولي للتعبير عن رفضها للمسلك الديكتاتوري لابراهيم عبود ، وكانت اكتوبر ثمرة نضال لكل السودانيين الرافض لخنق حريتهم من شكل من اشكال الحكومة كانت عسكرية ومدنية ، مع العلم التام ان الثورتين في اكتوبر وابريل قامت ضد الديكتاتورية العسكرية في فترتي عبود ونميري ، فالكلمة الاخيرة كانت للشعوب السودانية الا ان الثورتين فشلتا في حل قضايا اساسية من الحرب التي اندلعت في الجنوب الي مشكلة الهوية بالنسبة للشعوب السودانية والعدالة الاجتماعية والتنمية الاقتصادية المتوازنة ، اكتوبر كانت ثورة اقتعلت نظام الديكتاتوري ابراهيم عبود ، ولكنها استبدلت بديكتاتورية مدنية مارست نفس سلوك العسكر ، وهذا ليس بغريب عن السياسة السودانية التي ترتكز علي منهج الفكر الاسلامو عروبي محتكر النضال والثورة باسم جميع السودانية السودانية من شرقها الي غربها ، ثم شمالها الي جنوبها ، وعنجهية السياسية السودانية ، لا تري الا في المركز الاسلامو عروبي هو المعبر الوحيد والمتكلم باسم الاخرين ، علي الاخرين ان يكون موافقين مسبقا علي ما طرح عليهم ، او يشكك في وطنيتهم ، هذا هو المنهج الذي اتبع ، ومازالت نهجه مستمر .. نعم اكتوبر تمر علينا سنويا ، ونحتفل بها كل عام ، لكن هل تحقق الشيء الملموس الذي كان يرتجي من الثورتين علي ارض الواقع ، لا شيء اطلاقا تحقق من الوعود كالديمقراطية والعدالة الاجتماعية والتنمية المتوازنة ، واشكالية الهوية التي حصرت علي مستويي العروبة والدين الاسلامي ، اذا تحقق ثورة اخري واقتعلت الحزب الاسلامي الدموي العنصري المؤتمر الوطني، ستظل القضايا الاساسية التي ذكرت سابقا علي محيط غير متحرك ، وسترفص نفس القوي اقتعلت النظام الاسلامي المتعطش للقتل عنصريا ، ولن تناقش قضايا الهوية السودانية والعدالة الاجتماعية والتنمية المتوازنة ، وايضا قضية الاعتراف ان المركز الاسلامو عروبي ارتكب فظاعات ضد كل الشعوب الافريقية في جبال النوبة والنيل الازرق ودارفور ، وتهجير النوبيين في شمال السودان ليس عن طريق القتل لكن عبر التهجير القسري ، وهذا في ذاته ابادة جماعية للذات التاريخية والمناطقية ، فالمركز الاسلامو عروبي الي الان لم يمتلك الشجاعة الكافية للجهر بذلك ، لكن قد يجهر انه اسقط حكومتين ديكتاتورتين عبر التاريخ القصير للسودان بعد الاستقلال ، لكنه كان استقلالا مهد لاستعمار داخلي ، مارسه عن طريق التضليل الوطني .. تاتي اكتوبر ونحتفل بها ، لكن يظل امل الشعوب السودانية في خطها الحقيقي علي اقتلاع فكرة المركزية القابضة ، هذا يجب ان لا يفسر ان المجموعات الاخري انها تريد القضاء علي الاخر ، بل تريد ان تنال حقها ، وهي علي حق عندما تستخدم الوسيلة النضالية التي تراها مناسبة لانتزاع حقها الانساني في الوجود، اتت ثورة اكتوبر وسيحتفل الجميع بالثورة ، الا ان امل تحقيق العدالة الاجتماعية والتنمية المتوازنة واشكالية الهوية هو الشغل الشاغل للجميع ، فلتكن هناك ثورية شهرية اخري ،بل عليها ان ثورة عادلة تري جميع السودانية نفسها علي مراة الثورة لكل الشعوب السودانية .. عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.