عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته. (1) هو فرس نشأ وترعرع من عشب أحلامي. كائن مركب من الحقائق والأحلام. وفي هذا المزيج الفريد المتداخل العناصر تداخل الخصل السوداء والشهباء في جديلة يكمن سحر الكائن وسرّ اصطفائي إياه فرساً كأنه ينبعث من قصيدة "الخيول"ل أمل دنقل. بحظه الوافر من الفتنة انتصب أمامي الفرس عملاقاً يكاد يقضم من ذؤابات الغمام. فأيقنت في الحال أنّه لاقبل لي بمقاومة فتنة كهذه وسحر كهذا وشموخ إذا ماضاهيته بأفراس بلادي العادية تلك الموثوقة راضية بالقيود وهي تمضغ أعلاف العبودية. أو الأخرى التي تجرّ المركبات في الطرقات، أو الثالثة التي تصهل فوق جثث الأبطال المبعثرة في ميادين الوغى لبدا فرسنا في جبلته أدنى إلى الخيول التي تحيا حرّة في المروج والغابات لم يطوّعها لجام ولا ركابان ولا سوط يتثنّى. (2) بوجدان مشبوب العاطفة، وذهن مشحوذ، وحماسة سقفها قبّة السماء التي يقضم منها الفرس العملاق كلما عضّه الجوع تبعتُ الفرس العمالي، فرس طبقتي التي أحببت، يرمح في مروج النضال. تحت أشعة الشمس الصحراوية. واليوم أقف شاهداً على موت الفرس بعد أن تسرّبت من عروقه الدماء. في العينين المفتونتين بالأفق المجهول أسى، والضلوع مطويّة على حزن حارق كأنه سعلة المصدور، تلك السعلة التي كأنها البارود حُشيتْ به الرئتان، كلما قاومتها وكتمتها في الجوف اتقدت السعلة وزاد ضرامها دماً قاني الجوف اتقدت وزاد ضرامها دماً قاني الحمرة مطبوعاً على المنديل. ربّاه كيف وقعت هذه المأساة التي أُهدِر بسببها كدح أجيال من الشيوعيين أسهمت في صناعة فرس نصفه من الحقائق ونصفه الآخر من الأحلام، نصفه الأول هنا ونصفه الثاني في المستقبل؟!. كيف تداعي جوّاب البراري وتهالك جثّة هامدة قبل أن يقتحم قلعة المستقبل الموعود؟. مقوّس الظهر متوكئاً على الجراح حملت بانتظار ردّة الروح على كتفي جثة الفرس. ولامناص الآن من دفن هذه القطعة العزيزة من روحي في البراري التي طالما شهدت الفرس في زمان مضى فتياً لامع النظرات قويّ الصهيل. لا مفرّ من إيداعه التراب لأتمكّن من النهوض فأنشيء من شغفي الذي نجا من المشيب بالفرس المسجّى فرساً آخر تضجّ في شرايينه الحياة. (3) أيا فرساً من السماء ! عثمان محمد صالح تلبرخ- هولندا