رأي: د. عبد الرحيم عبد الحليم محمد : 1 «ماكانش العشم يا سلفا» أو «دي أخرتا يا سلفا» عبارة محزونة أطلقها أحد الصحفيين ... سيدي الرئيس وهو الذي كان يكتب في صحافته تطميناتك وتطمينات نائبك الأول سابقا بأن لا عودة مطلقا إلى الحرب . إن الصحفي الحزين، يرى الآن الكثير من نذر المواجهة بين الشمال والجنوب. ولأن النار بالعودين تذكي وأن الحرب أولها كلام ولأن وطننا الذي ذاق مرارتها دما ودمعا يخشى أن يكون لها ضرام، فإن نصيحتي لك يا سيادة الرئيس أن تكون المجادعة بينك وبين الرئيس سيلفاكير مجادعة بالدوبيت ورقصا بالسكسك .يجب أن يختفي صوت الدبابة إلى الأبد ويعلو هدير الكراكة فنشم رائحة الحقل القادم من بعيد لا رائحة البارود المرعبة. 2 لماذا لا تأتي يا ذا البرد الطويل نجاده على فرس من أفراس أهلك ويأتي الريس سيلفا على صهوة ثور أسطوري من ثيرانه في منتصف المسافة بين الدولتين. بإمكانك يا سيدي قذف الرئيس سيلفا بقندول عيش ريف وبإمكانه أن «يحدفك» بكرتونة مانجو. بإمكانه أن يرسل إليك براميل مملوءة بالنفط وأن تغزو أنت بلاده بالقمح...بالقراصة !!! فمن غيركما سيدي الرئيس يستطيع تطمين الشعب في الشطرين بأن الأصل في إلتقاء الأهل ، كان يجب أن يكون بطعم المانجو وقندول العيش عنواناً لمودة تبقى ومحنة تعيش. ومن غيركما مسئول أمام الله والشعب والتاريخ في ألا تسيل دماء إلا بحق ولا تسفك لغياب حكمة ممكنة أو تنازل نبيل يصنع غدا لجيل قادم لا يعرف مرارة الحقد يبني وطنا موحداً من جديد من بين الركام ؟ لماذا لا يكون لكما فضل بناء هذا الوجدان القادم؟ ومن غير القادة يمنح إرادة صناعة الحياة ويثريها ويصنعها؟ 3 لقد تجرع شعبنا ... سيدي الرئيس مرارة انفصال الجنوب ولم يكن ليدور بخلد أحد أن وطننا سينقسم. لقد رأيتم يومها أن الحكمة هي أن يكون هناك انفصال بسلام لا وحدة بغبن أو إكراه .إن قناعتي كمواطن هي أن قدراً مشئوماً تخلل ذلك الاتفاق المسمى باتفاقية السلام بوضع خيار الانفصال فيه وأن سما لعينا قد دس في دسم خالط ابتسامات الموقعين وأربطة عنقهم الزاهية اذ داعبها النسيم الأفريقي في ذلك المنتجع يومئذ .هناك كان مصممو سياسات العداء والفرقة ، يعرفون أن سنين عجفاء ستمر على الوطن وأنه سينشطر ذات يوم تنمحي فيه خارطته الجميلة من وجدان أهله وتصبح تلك الحادثة سابقة مؤلمة ممكنة التطبيق في أنحاء أخرى وطن يتنزى جسده بالكثير من الأوجاع يعرفون هم كيف يزيدونها ضراما وايلاما. لقد شاهدت من مكاني البعيد هذا وقفتك كنسر جريح يوم استقلال الجنوب.لقد شاهدت وأنا الذي عاصرت طفلا أحجل في حوش أسرتي في قرية نائية بالشمال ، رفع الرئيس إسماعيل الأزهري لعلم الوطن يوم استقلاله مرفرفا في ألق وجمال وفخر. كما شاهدت إنزال علمنا في ذلك اليوم المشئوم الذي أسموه استقلال الجنوب، فغزت وجداني سحابة من الشؤم الماحق رأيتها ذلك اليوم تمطر دما قانيا على مساحة الوطن حسرة على أرواح الشهداء الذين رووا بدمائهم تلك الأرض في سبيل أن تظل رايته خفاقة وترابه مقبرة للطامعين. 4 سيدي الرئيس لئن فصلكما واقع أحترابي مرير أو باعدت بينكما حكمة كانت مرتجاة يريد الشيطان أن ينتج منها وبالا جديدا على الوطن فمن الأوفق هنا إلباس المرارة ثوب النضارة وإحلال رشاد ممكن محل حداد وشيك. عليك بغزو الجنوب بالحكمة مستخدما طعم القمح والغناء. عليك بصناعة أصوات العقل حتى ينهض من بين الركام صوت عاقل يعيد الغناء الضائع إلى حناجر المغنيين بما يؤلف بين قلوب الراقصين في حلبة مداها المسافة بين حلفا ونمولي. عليكما بالإستثمار في المستقبل رفقا بهذا الوطن وهذه القارة التي كادت أمنياتها في الحرية وتبادل المنافع والعيش الكريم أن تذهب أدراج الرياح. عليك وبلا إبطاء سيدي الرئيس، أن تعد خطة لغزو الجنوب بالقراصة!!!