لجان مقاومة النهود : مليشيا الدعم السريع استباحت المدينة وارتكبت جرائم قتل بدم بارد بحق مواطنين    كم تبلغ ثروة لامين جمال؟    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء الشاشة نورهان نجيب تحتفل بزفافها على أنغام الفنان عثمان بشة وتدخل في وصلة رقص مؤثرة مع والدها    حين يُجيد العازف التطبيل... ينكسر اللحن    شاهد بالفيديو.. في مشهد نال إعجاب الجمهور والمتابعون.. شباب سعوديون يقفون لحظة رفع العلم السوداني بإحدى الفعاليات    أبوعركي البخيت الفَنان الذي يَحتفظ بشبابه في (حنجرته)    جامعة ابن سينا تصدم الطلاب.. جامعات السوق الأسود والسمسرة    من رئاسة المحلية.. الناطق الرسمي باسم قوات الدعم السريع يعلن تحرير النهود (فيديو)    شاهد بالصور والفيديو.. بوصلة رقص مثيرة.. الفنانة هدى عربي تشعل حفل غنائي بالدوحة    تتسلل إلى الكبد.. "الملاريا الحبشية" ترعب السودانيين    بحضور عقار.. رئيس مجلس السيادة يعتمد نتيجة امتحانات الشهادة السودانية للدفعة المؤجلة للعام 2023م    إعلان نتيجة الشهادة السودانية الدفعة المؤجلة 2023 بنسبة نجاح عامة 69%    والد لامين يامال: لم تشاهدوا 10% من قدراته    احتجز معتقلين في حاويات.. تقرير أممي يدين "انتهاكات مروعة" للجيش السوداني    هجوم المليشيا علي النهود هدفه نهب وسرقة خيرات هذه المنطقة الغنية    عبد العاطي يؤكد على دعم مصر الكامل لأمن واستقرار ووحدة السودان وسلامة أراضيه    منتخب الشباب يختتم تحضيراته وبعثته تغادر فجرا الى عسلاية    اشراقة بطلاً لكاس السوبر بالقضارف    المريخ يواصل تحضيراته للقاء انتر نواكشوط    الحسم يتأجل.. 6 أهداف ترسم قمة مجنونة بين برشلونة وإنتر    استئناف العمل بمحطة مياه سوبا وتحسين إمدادات المياه في الخرطوم    هيئة مياه الخرطوم تعلن عن خطوة مهمة    هل أصبح أنشيلوتي قريباً من الهلال السعودي؟    جديد الإيجارات في مصر.. خبراء يكشفون مصير المستأجرين    باكستان تعلن إسقاط مسيَّرة هنديَّة خلال ليلة خامسة من المناوشات    ترامب: بوتين تخلى عن حلمه ويريد السلام    إيقاف مدافع ريال مدريد روديغر 6 مباريات    تجدد شكاوى المواطنين من سحب مبالغ مالية من تطبيق (بنكك)    ما حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة؟    عركي وفرفور وطه سليمان.. فنانون سودانيون أمام محكمة السوشيال ميديا    تعاون بين الجزيرة والفاو لإصلاح القطاع الزراعي وإعادة الإعمار    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    الكشف عن بشريات بشأن التيار الكهربائي للولاية للشمالية    ترامب: يجب السماح للسفن الأمريكية بالمرور مجاناً عبر قناتي السويس وبنما    كهرباء السودان توضح بشأن قطوعات التيار في ولايتين    تبادل جديد لإطلاق النار بين الهند وباكستان    علي طريقة محمد رمضان طه سليمان يثير الجدل في اغنيته الجديده "سوداني كياني"    دراسة: البروتين النباتي سر الحياة الطويلة    خبير الزلازل الهولندي يعلّق على زلزال تركيا    في حضرة الجراح: إستعادة التوازن الممكن    التحقيقات تكشف تفاصيل صادمة في قضية الإعلامية سارة خليفة    الجيش يشن غارات جوية على «بارا» وسقوط عشرات الضحايا    وزير المالية يرأس وفد السودان المشارك في إجتماعات الربيع بواشنطن    حملة لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة في مدينة بورتسودان    ارتفاع التضخم في السودان    شندي تحتاج لعمل كبير… بطلوا ثرثرة فوق النيل!!!!!    انتشار مرض "الغدة الدرقية" في دارفور يثير المخاوف    مستشفى الكدرو بالخرطوم بحري يستعد لاستقبال المرضى قريبًا    "مثلث الموت".. عادة يومية بريئة قد تنتهي بك في المستشفى    وفاة اللاعب أرون بوبيندزا في حادثة مأساوية    5 وفيات و19 مصابا في حريق "برج النهدة" بالشارقة    عضو وفد الحكومة السودانية يكشف ل "المحقق" ما دار في الكواليس: بيان محكمة العدل الدولية لم يصدر    ضبط عربة بوكس مستوبيشي بالحاج يوسف وعدد 3 مركبات ZY مسروقة وتوقف متهمين    الدفاع المدني ولاية الجزيرة يسيطر علي حريق باحدي المخازن الملحقة بنادي الاتحاد والمباني المجاورة    حسين خوجلي يكتب: نتنياهو وترامب يفعلان هذا اتعرفون لماذا؟    من حكمته تعالي أن جعل اختلاف ألسنتهم وألوانهم آيةً من آياته الباهرة    بعد سؤال الفنان حمزة العليلي .. الإفتاء: المسافر من السعودية إلى مصر غدا لا يجب عليه الصيام    بيان مجمع الفقه الإسلامي حول القدر الواجب إخراجه في زكاة الفطر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تشليع البيت .. بقلم: شوقي بدري
نشر في سودانيل يوم 23 - 12 - 2015

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
تقول الميثالوجية الاوربية ان الاله قرر الموت للإنسان فقال بعض الآلهة ان هذا سيمنع الانسان من ان يستمتع بالحياة وهو يري الموت دائما امامه . فقال الاله انه سيعطي البشر الامل . والامل هو اجمل ما يمتلكه الانسان . حتي الامل فقده انسان السودان في ظروف الانقاذ .
قرأت وشاهدت صورا لمولانا قاضي المديرية طارق طه الامين الذي احالته الانقاذ الي الصالح العام . وسببت هذه الصدمة في تردي حالته الصحية . والصور المنشورة تدمي القلب . لقد احالت الانقاذ الي الصالح العام مئات القضاة المميزين في بداية مشوارها في تشليع البيت ، بسبب سياسة التمكين وحرق كل ثمين .

لسوء الحظ لقد بدأت هذه السياسة في بداية مايو . ولقد فرضتها المخابرات المصرية التي كانت تدير السودان وشارك الفصيل الاكبر من الشيوعيين في تلك العملية التي عرفت بالتطهير . وانتهي الامربخراب الحزب الشيوعي الذي كان من المفروض ان يكون صمام الامان للحركة الوطنية . وكما قلت كثيرا ،الحزب الشيوعي هم السنان في رمح القوة الوطنية .
قاضي المديرية كان شخصية ضخمة كان يتمتع بثاني اكبر مرتب في حكومة السودان 375 جنيه وله المخصصات والمنزل الذي هو المنزل الحكومي الضخم والسائق والسيارة والجنايني والخدم . وله مخصصات . وفي بعض المديريات كان له حصان وسائس للحصان . لقد كانوا تسعة مديريات . ولم يكن قاضي المديرية منعزلا عن الشعب السوداني لقد ولدوا مثل الجميع في بيوت الجالوص العادية او بيوت القش . احدهم كان شقيق الزعيم الشيوعي عبد الرحمن الوسيلة . وكان والده غسال الحي في الركابية امدرمان . وكان ابن خالته اول مدير لمديرية كردفان وهو الاديب والاشتراكي الاستاذ مكاوي سليمان اكرت . والذي كان كذلك اول ظابط لاكبر بلدية في السودان بلدية امدرمان . المنزل الذي بالقرب من الطابية من الناحية الشمالية علي النيل كان منزل ظابط البلدية . هكذا كان الحال قبل تشليع البيت . وكان الامل لدي كل السودانيين لبلوغ اعلي المراكز، لان التعليم كان متاحا ومجانيا . وكانت الصحة والتعليم يقتطعان 25 % من ميزانية الدولة . ويمكن لاي مواطن بسيط ان يحلم بأن يكون ابنه مديرا او وزيرا . والآن يبتلع الامن كل الميزانية .
رئيس الوزراء الازهري كان يستلم 150 جنيها كمرتب وليس له مخصصات او سائق . ولقد اندهش بعض البسطاء لضخامة المبلغ حسب فهمه وقال ,, طيب لو كل يوم اشتري ليه وقة لحمة وقزازة زيت الباقي بيوديه وين ؟ ,, سعر الماء كان 60 قرشا في الشهر . وفاتورة الكهرباء العادية حوالي 60 الي 80 قرشا اذا تعدت الجنيه يعتبر الامر مصيبة .
اعلي مرتب في الدولة كان مرتب محافظ الجزيرة الذي هو 485 جنيه وله منزل في بركات يكاد ان يكون قصرا ، فهو تحفة من المعمار وله حديقة رائعة . فالرجل كان يتحكم في اهم مصدر للدخل في الدولة . والجزيرة بورد كانت شركة تجارية انتهي عقدها في 1950 فاممتها الحكومة الاشتراكية البريطانية بعد الحرب وقدمت لحكومة السودان . كان اول محافظ سوداني هو الاشتراكي مكي عباس وهو رئيس تحرير صحيفة الرائد التي كانت تدعو للجمهورية عندما كان الانحادي يدعو للإتحاد مع مصر ، وحزب الامة يدعو للملكية وان يصير السيد عبد الرحمن ملكا علي السودان . الاستاذ مكي عباس كان متزوجا من انجليزية في الثلاثينات .
الرجل الآخر الذي له دخل مماثل هو مدير السكة الحديديبة
والنقل النهري كان منزل مدير السكة الحديدية في اتبرا من الضخامة بحيث يسمح بدخول القطار الي داخله لكي يهيأ صالونه الخاص . وله ذهبية في النيل . وكان اول مدير للسكك الحديدية العم محمد الفضل وهو خال المناضلة فاطمة احمد ابراهيم . لقد كان موظفي وعمال السكة الحديدية اكثر من 90 الف موظف . ومن تلك المؤسسة ومدرسة الصنائع تخرج اغلب المهنيين الذين انتشروا في السودان وطوروا الصناعة . فمنهم الخراطين والبرادين والسباكين والحدادين والميكانيكين والنجارين والسمكرية والنقاشين والمنجدين والمهنسين المعمارين . فلقد شيدوا المنشئات والمخازن والارصفة والجسور والفنادق الاستراحات والمنازل التابعة للسكك الحديدية والنقل النهري. وامتدت خطوط السكك الحديديه لكي تصير الاطول في افريقيا . وعندما ارادت زامبيا ان تبني سككها الحديدية بسبب حصار روديسيا لها . ذهب الفنيون والمهندسون من السودان لمساعدة زامبيا كما ساعدوا في مد الكهرباء .
كان هنالك ما عرف بشركة النور والماء . وكانت مسئولة عن الكهرباء والماء وتمتلك البصات والترام في العاصمة . ولقد اممت هذه الشركة وصارت حكومية . وكان من اول الاخطاء هو بيع الترام الي دوله افريقية بتراب الفلوس . وكان مديرهذه الشركة من اصحاب الدخل العالي والمخصصات ولهذا لم يكن هنالك فساد يذكر . واتثنين من البريطانيين وضعا في السجن لتلاعبهما بمواد التموين ايام الحرب العالمية . وحكم مولانا الدرديري علي بريطاني بالجلد ونفذ الجلد بسبب سرقته لتمثال غير اثري لا يساوي كثيرا .
السكك الحديدية هذا الصرح الشامخ قرر نميري تحطيمه لان النقابات لم تخضع لمايو . وكانت الاضرابات التي ضايقت النميري ومايو . وبدا الترحيل بالشاحنات التي تساوي خمسة اضعاف السكك الحديدية . انها سياسة تشليع البيت .
مشروع الجزيرة الذي شلع بسبق الاصرار والترصد كان اكبر مزرعة في العالم تحت ادارة واحدة . نعم لقد بناه البريطانيون ، ولكن امتداد الماقل كان صرحا عظيما بناه السودانيون . وظهر اسم اثنين من المهندسين الوطنيين احدهما المهندس كوباوي والمهندس صالح العبيد وآخرون . وعندما غنت الفنانة حوار جاه الرسول ,, الطقطاقة ,, في زواج العم صالح العبيد الفت الاغنية ,,المهندس جا ورسم البنا ,, . ولكن لسوء الحظ كانت هنالك بعض القرارات الادارية الغير صحيحة . بدأت الادارة باستيراد سيارات فولكسواجن للمفتشين والعاملين . وفي البداية احتج موظفي الجزيرة لان الفولكسواجن كانت جميلة الشكل . ولكن بعد شهور بدأت المشاكل .لم تكن الورش في مارنجان مهيئة للتعامل مع الفوكسواجن وبعض المركبات والمعدات الجديدة . والمورس ماينر قد صممت خصيصا بعد دراسات لتلائم جو السودان وظروف الجزيرة . والفولكسواجن تتميز بتبريد عن طريق الهواء ويبقي التبريد بالماء هو الافضل في جو السودان الصحراوي . والميكانيكي في كل السودان كان متعودا علي صيانة المورس . والمورس لا تزال موجودة في السودان وبعضها لسة مدور .
من افضل المنظمات حتي علي مستوي العالم كانت الخطوط الجوية السودانية . كانت من العظمة والانضباط انهم كانوا يسخرون من مستوي الخدملت في الخطوط المصرية . كان حتي الاوربيين يفضلونا علي خطوط الطيران الاخري . كان العاملين فيها يتمتعون فيها بمرتبات ومزايا يحسدهم عليها الجميع . حتي المضيفين والمضيفات يعتبرون موضع حسد الشباب الآخرين . اين هي الخطوط السودانية . واين هو خط هيثرو . ومطار هيثروا شيد في 1946 وكانت الخطوط السودانية من اول الدول التي تعاملت معه . بارك الله في الاستاذ فاتح جبرة الذي لا يزال يسأل عن خط هيثرو .
الخطوط البحرية كانت فخرا للسودان . كنا نحس بالعزة ونحن نري بواخرنا في في مواني اوربا , في سنة 1980 شاهدت سفينة سودانية في مينتاء اوسكارسهامن في الشاطي السويدي الشرقي . وكان يصحبني صدبقي وليام ماكينا من ترينداد وهو بحار سابق . فاوقفت السيارة وطلبت منه متابعتي . وتردد قليلا وقلت له ستدخل ارض سودانية وستجد الترحيب ، ولقد كان . وعندما خرجنا . قال لي انها انظف سفينة قد دخلهل وهو قد عمل منذ بداية الخمسينات في كثير من البواخر ولم يكن يتوقع ان يري باخرة افريقية بذلك المستوي .
لقد كان العم بخيت يعرف عالميا باوناسيس السودان . واوناسيس هو الملياردير اليوناني الذي بدا حياته كصبي صغير في تركيا يعمل في بيع السجاير المهرب . وانتهي به الامر لمالك شركة اوليمبيا للطيران واسطول ضخم من السفن وتزوج جاكلين كيندي ارملة الرئيس الامريكي جون اف كينيدي . السفن السودانية كانت مسجلة بإسم العم بخيت .
اذكر ان الباخرة امدرمان كانت تحضر لمالمو لشحن الدقيق السويدي وكانت بحجمها الضخم تجثو في ميناء فري هامن .وكان الكابتن هو الاخ قاسم اول قبطان سوداني من كوكبة من الرائعين قبل ان يتشلع البيت السوداني وينفرط عقد تلك الكوكبة من الابطال . لقد ارتفع المستوي المعيشي لآلاف الاسر بسبب الخطوط البحرية والجوية .
اكمال التعليم الاوسط كان ممكنا ومتوفرا . كما كان التعليموالعلاج بدون مقابل . عندما يكمل الطالب التعليم الاوسط يكون عمرة 15 سنة او 16 سنة لان البعض كان يتاخر في الإلتحاق بالمدرسة الاولية بسبب التحاقه بالخلوة لتعلم القرآن . تكون عند الكثيرين العمل مباشرة ام الالتحاق بالمدارس الصناعية ، معهد النسيج ،مدرسة البريد والبرق ومن خريجيها شيخ الهدية واستاذه الشيخ حسون والاستاذ عبد الرحمن مختار صاحب ورئيس تحرير جريدة الصحافة وشادي السودان خليل فرح والآلاف من البشر .
مدرسة الصتائع في عطبرة خرجت اعطم رجال السودان منهم البطل الشفيع الحاصل علي وسام لينين الذي كان يحلم به حتي زعماء الاتحاد السوفيتي وبعض رؤساء الدول . منهم المناضل قاسم امين وابراهيم زكريا سكرتير اتحاد النقابات العالمي ، والالاف . كان الطريق مفتوحا للمعاهد التعليمية مثل بخت الرضا والتونج والدلنج واماكن اخري . وهنالك التدريب المهني والمعهد الفني للدراسات المسائية للعامل الذي يريد ان يطور نفسه . المدرسة التجارية كانت تخرج المحاسبين الذين تستوعبهم الشركات واالبنوك ، ومن الخريجين الامير صديق منزول كابتن السودان ولاعب الهلال .
هولاء الفتيان يتخرجون وهم في السابعة او الثامنة عشر وهم في ما يعرف بالدرجة الرابعة . ومرتبهم عبارة عن عشرين جنيها و45 قرشا . وكان كيلو اللحم يباع ب 16 عشر قرشا للضان و12 قرشا للحم البقر ارتفع في يداية الستينات الي 14 قرشا . كان رطل زيت السمسم يباع 6 قرش ونصف ورطل الحليب واصل المنزل بقرشين ،ورطل السكر ياربعة قروش . والشاي الذي يكفي لتلقيمة الصباح والظهر بنصف القرش. والرغيف الذي يكفي لرجل بقرش واحد والرغيف الضخم يساوي قرشا ونصف القرش . السلطةعبارة عن طماطم وليمونة وقطعة عجور وربطه جرجير بقرشين او قرشا ونصف القرش في الموسم . . والبنطلون من الصوف الانجليزي يساوب ثلاته جنيهات ونصف الحنيه . والجلابية من البوبلين الجيد تساوي 125 قرشا . والمركوب الجيد يساوي 35 الي 50 قرشا . يمكن لخريج جديد ان يشتري عجلة رالي بكل لوازمها ب17 ونصف جنيه يدفعها في اقصاد . وتعش تلك الدراجة بسبب متانتها لاكثر من عشرين سنة .
مرتب ذلك الشاب اليافع يساوي اكثر من 2الف رغيف او الف رطل من اللبن وحوالي 150 كيلو جرام من اللحم الطازج او نفس العدد من الفراخ الحي . ونفس عدد ازواج الحمام . او نفس عدد جوالين البنزين . ارجو المقارنة مع اليوم . ولنسأل انفسنا لماذا تشلع البيت ؟؟
رفيق الدرب الميكانيكي عثمان ناصر بلال في النقل الميكانيكي كان في العشرين وله سيارة مورس . ومن العادى ان الشاب الذي يسكن عند اهله يستطيع ان يوفر 8 الي عشرة جنيهات في الشهر بعد ان يدفه ربع او ثلث مرتبه في البيت . وعندنا يقترب من سن الزواج يكون قد وصل مرتبه الي 30 جنيه تتيح له ان يستاجر منزلا معقولا بستة او ثمانية جنيهات وعندما يصير ابا تتاح له الفرصة في ان يتحصل علي قطعة ارض في الثورة مثلا بسعر 30 جنيها التي هي اقل من مرتب شهر واحد بالنسبة له لان مرتبه يقارب الخمسين جنيها . وهذا ما يتحصل عليه خريج الجامعة الذي لا يفشل ابدا في الحصول علي وظيفة . والبناء لن يكلف اكثر من 200 الي 250 جنيها والبنك العقاري كان يساعد الجميع . الزواج كان يكلف اكثر قليلا من المئة جنيه . فالمهر في حدود 30 الي 50 جنيه ووقية الذهب المشغول 16 جنيه والرطل 12 وقية . العرس يعني 3 الي اربعة خراف والخروف بثلاثة الي 3 ونصف جنيه . ومن العادة ان الاهل والجيران يساهمون في الدفع .

البوليس كان يعين في الدرجة الاولي وتعني 12 جنيها ولكن الدولة ملزمة باسكانه . وله بعض المخصصات في شكل مؤن باسعار متدنية واكل بسعر اسمي . وعندما يصير رب اسرة يتحصل علي مسكن في الاشلاق وقطعة ارض صغيرة حتي في العاصمة لزراعة الخضروات ولا يدفع اي شئ للماء والكهرباء. والتعليم مكفول لابناءه بدون مقابل حتي الجامعة . لقد كان الامل موجودا عند الجميع والآن ينعدم الامل حتي عند خريجي الجامعات . ولكن المولم ان من كان قاضي مديرية والذي يشار اليه بالبنان ويتصدر المجالس يعاني اليوم من الاهمال . عندما نغضب ونكتب لا نريد ان نحقر الوطن ، ولكن لكي ينهض الناس .
لقد قال رئيس السويد السابق كارل بيلد ان السويد كانت جد فقيرة وان الاجور في السويد وما تعطيه للعامل من قوة شرائية كان قليلا جدا في الستينات . ووعدد بعض الدول التي كانت خيرا من السويد منها السودان . وكان البريطانيون والاوربيون يعتبرون السودان بلد فرص . وكان 52 % من سكان الخرطوم من الاوربيين في الخمسينات . لقد قال الشيخ زايد انه يطمع في ان تكون ابو ظبي مثل الخرطوم .
في يوم الثلاثاء 22 سبتمبر 1964 شاهدت يونانيا عجوزا في سفارة السودان في اثينا كان قد اتي مصحوبا بحفيده الشاب ليصرف معاشه و وعرفنا منه ان هنالك عدد كبير من اليونانيين يتحصلون علي معاشات مريحة لانهم عملوا في السودان . وكانت اشارات المرور في الخمسينات والستينات باللغة العربية الانجليزية واليونانية . والآن لايكفي معاش قاضي المديرية لاعاشته .
والدي عمل في حكومة السودان لما يقارب الثلاثين سنة . كان معاشه يساوي 120 جنيها . وهذا يعني 330 دولارا . في بداية الخمسينات . وبعد وفاته كانت والدتي تتحصل علي 54 جنيها . وهي لم تعمل يوما واحدا في حياتها واستمر المعاش الي وفاتها رحمة الله عليها في بداية هذا القرن . واستمر معاشها لفترة الي ان اكتشف الموضوع القاضي محمد صالح عبد اللطيف زوج شقيقتي وقام بارجاع المبلغ واوقف المعاش . وتصدق بالمال الذي كان لها فيه الحق .السودان كان مستقرا جدا الاسعار ثابتة . والبنوك كتانت تسكب الاموال للسودانيين لاستسثمارها وبسبب ارتفاع اسعار القطن عالميا تمكن كثير من السودانيين من تكوين شركات زراعية منها شركة ام هاني خارج كوستي كلنت شراكة بين عمدة امهاني والدي وبعض الموظفين. وكانت تدخل علينا حوالي الخمسمية جنيها . شهريا . ومحمد اليمني وهم شاب متعلم ويحمل افكارا سياسية صاحب الكنتين في السردارية كان يقول انه يدخل 150 جنيها شهريا ودكانه لم يمض عليه اكثر من سنة واحدة وان العم قايد في الهاشماب يدخل ضعف ربحه . وكان في كل حي في السودان تاجرا يمنيا . والآن يهاجر السودانيون الي اليمن . النائب البرلماني كان يتحصل علي 100 جنيه وبعض المخصصات . وكان البعض يغني الله لي انا الما بقيت نايب اقبض الميه وكل يوم غايب . وكانت السيارات الجيد تساوي 500 الي 600 جنيه وكان السهم الذهبي يبيعها للنايب او الموظف ويكون القصت 50 جنيه في الشهر . كل شئ كان متوفرا .
وكان والدي يتحصل علي العلاج في العناية الخاصة في مستشفي الخرطوم بأجر اسمي . وكان لنا الحق في تلقي العلاج في ذلك القسم كابناء موظف في المعاش . ولكن لم نحتج ابدا للذهاب الي المستشفي . كان السوداني ياكل الاكل الطازج .لم يكن هنالك تلوث او نفايات مسرطنة . الملاريا اختفن في وسط السودان والمدن الكبيرة .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.