ضربة موجعة لمليشيا التمرد داخل معسكر كشلنقو جنوب مدينة نيالا    مدير مستشفي الشرطة دنقلا يلتقي وزير الصحة المكلف بالولاية الشمالية    شاهد بالفيديو.. شاعرة سودانية ترد على فتيات الدعم السريع وتقود "تاتشر" للجيش: (سودانا جاري في الوريد وجيشنا صامد جيش حديد دبل ليهو في يوم العيد قول ليهو نقطة سطر جديد)        ضياء الدين بلال يكتب: نحن نزرع الشوك    بالصور.. اجتماع الفريق أول ياسر العطا مساعد القائد العام للقوات المسلحة و عضو مجلس السيادة بقيادات القوة المشتركة    أقرع: مزايدات و"مطاعنات" ذكورية من نساء    وزير خارجية السودان الأسبق: علي ماذا يتفاوض الجيش والدعم السريع    محلية حلفا توكد على زيادة الايرادات لتقديم خدمات جيدة    شاهد بالفيديو.. خلال حفل حاشد بجوبا.. الفنانة عشة الجبل تغني لقادة الجيش (البرهان والعطا وكباشي) وتحذر الجمهور الكبير الحاضر: (مافي زول يقول لي أرفعي بلاغ دعم سريع)    شاهد بالفيديو.. سودانيون في فرنسا يحاصرون مريم الصادق المهدي ويهتفون في وجهها بعد خروجها من مؤتمر باريس والقيادية بحزب الأمة ترد عليهم: (والله ما بعتكم)    غوتيريش: الشرق الأوسط على شفير الانزلاق إلى نزاع إقليمي شامل    أنشيلوتي: ريال مدريد لا يموت أبدا.. وهذا ما قاله لي جوارديولا    سوداني أضرم النار بمسلمين في بريطانيا يحتجز لأجل غير مسمى بمستشفى    محاصرة مليوني هاتف في السوق السوداء وخلق 5 آلاف منصب عمل    غوارديولا يعلّق بعد الإقصاء أمام ريال مدريد    امين حكومة غرب كردفان يتفقد سير العمل بديوان الزكاة    نوير يبصم على إنجاز أوروبي غير مسبوق    تسلا تطالب المساهمين بالموافقة على صرف 56 مليار دولار لرئيسها التنفيذي    مناوي ووالي البحر الأحمر .. تقديم الخدمات لأهل دارفور الموجودين بالولاية    محافظ بنك إنجلترا : المملكة المتحدة تواجه خطر تضخم أقل من الولايات المتحدة    منتخبنا يواصل تدريباته بنجاح..أسامة والشاعر الى الإمارات ..الأولمبي يبدأ تحضيراته بقوة..باشري يتجاوز الأحزان ويعود للتدريبات    بايرن ميونخ يطيح بآرسنال من الأبطال    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    العين يهزم الهلال في قمة ركلات الجزاء بدوري أبطال آسيا    مباحث المستهلك تضبط 110 الف كرتونة شاي مخالفة للمواصفات    قرار عاجل من النيابة بشأن حريق مول تجاري بأسوان    العليقي وماادراك ماالعليقي!!؟؟    الرئيس الإيراني: القوات المسلحة جاهزة ومستعدة لأي خطوة للدفاع عن حماية أمن البلاد    بعد سحق برشلونة..مبابي يغرق في السعادة    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    خلال ساعات.. الشرطة المغربية توقع بسارقي مجوهرات    مبارك الفاضل يعلق على تعيين" عدوي" سفيرا في القاهرة    وزير الخارجية السعودي: المنطقة لا تحتمل مزيداً من الصراعات    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    ماذا تعلمت من السنين التي مضت؟    إنهيارالقطاع المصرفي خسائر تقدر ب (150) مليار دولار    أحمد داش: ««محمد رمضان تلقائي وكلامه في المشاهد واقعي»    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    تقرير: روسيا بدأت تصدير وقود الديزل للسودان    تسابيح!    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    وصفة آمنة لمرحلة ما بعد الصيام    إيلون ماسك: نتوقع تفوق الذكاء الاصطناعي على أذكى إنسان العام المقبل    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    ما بين أهلا ووداعا رمضان    تداعيات كارثية.. حرب السودان تعيق صادرات نفط دولة الجنوب    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    الجيش السوداني يعلن ضبط شبكة خطيرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تشليع البيت .. بقلم: شوقي بدري
نشر في سودانيل يوم 23 - 12 - 2015

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
تقول الميثالوجية الاوربية ان الاله قرر الموت للإنسان فقال بعض الآلهة ان هذا سيمنع الانسان من ان يستمتع بالحياة وهو يري الموت دائما امامه . فقال الاله انه سيعطي البشر الامل . والامل هو اجمل ما يمتلكه الانسان . حتي الامل فقده انسان السودان في ظروف الانقاذ .
قرأت وشاهدت صورا لمولانا قاضي المديرية طارق طه الامين الذي احالته الانقاذ الي الصالح العام . وسببت هذه الصدمة في تردي حالته الصحية . والصور المنشورة تدمي القلب . لقد احالت الانقاذ الي الصالح العام مئات القضاة المميزين في بداية مشوارها في تشليع البيت ، بسبب سياسة التمكين وحرق كل ثمين .

لسوء الحظ لقد بدأت هذه السياسة في بداية مايو . ولقد فرضتها المخابرات المصرية التي كانت تدير السودان وشارك الفصيل الاكبر من الشيوعيين في تلك العملية التي عرفت بالتطهير . وانتهي الامربخراب الحزب الشيوعي الذي كان من المفروض ان يكون صمام الامان للحركة الوطنية . وكما قلت كثيرا ،الحزب الشيوعي هم السنان في رمح القوة الوطنية .
قاضي المديرية كان شخصية ضخمة كان يتمتع بثاني اكبر مرتب في حكومة السودان 375 جنيه وله المخصصات والمنزل الذي هو المنزل الحكومي الضخم والسائق والسيارة والجنايني والخدم . وله مخصصات . وفي بعض المديريات كان له حصان وسائس للحصان . لقد كانوا تسعة مديريات . ولم يكن قاضي المديرية منعزلا عن الشعب السوداني لقد ولدوا مثل الجميع في بيوت الجالوص العادية او بيوت القش . احدهم كان شقيق الزعيم الشيوعي عبد الرحمن الوسيلة . وكان والده غسال الحي في الركابية امدرمان . وكان ابن خالته اول مدير لمديرية كردفان وهو الاديب والاشتراكي الاستاذ مكاوي سليمان اكرت . والذي كان كذلك اول ظابط لاكبر بلدية في السودان بلدية امدرمان . المنزل الذي بالقرب من الطابية من الناحية الشمالية علي النيل كان منزل ظابط البلدية . هكذا كان الحال قبل تشليع البيت . وكان الامل لدي كل السودانيين لبلوغ اعلي المراكز، لان التعليم كان متاحا ومجانيا . وكانت الصحة والتعليم يقتطعان 25 % من ميزانية الدولة . ويمكن لاي مواطن بسيط ان يحلم بأن يكون ابنه مديرا او وزيرا . والآن يبتلع الامن كل الميزانية .
رئيس الوزراء الازهري كان يستلم 150 جنيها كمرتب وليس له مخصصات او سائق . ولقد اندهش بعض البسطاء لضخامة المبلغ حسب فهمه وقال ,, طيب لو كل يوم اشتري ليه وقة لحمة وقزازة زيت الباقي بيوديه وين ؟ ,, سعر الماء كان 60 قرشا في الشهر . وفاتورة الكهرباء العادية حوالي 60 الي 80 قرشا اذا تعدت الجنيه يعتبر الامر مصيبة .
اعلي مرتب في الدولة كان مرتب محافظ الجزيرة الذي هو 485 جنيه وله منزل في بركات يكاد ان يكون قصرا ، فهو تحفة من المعمار وله حديقة رائعة . فالرجل كان يتحكم في اهم مصدر للدخل في الدولة . والجزيرة بورد كانت شركة تجارية انتهي عقدها في 1950 فاممتها الحكومة الاشتراكية البريطانية بعد الحرب وقدمت لحكومة السودان . كان اول محافظ سوداني هو الاشتراكي مكي عباس وهو رئيس تحرير صحيفة الرائد التي كانت تدعو للجمهورية عندما كان الانحادي يدعو للإتحاد مع مصر ، وحزب الامة يدعو للملكية وان يصير السيد عبد الرحمن ملكا علي السودان . الاستاذ مكي عباس كان متزوجا من انجليزية في الثلاثينات .
الرجل الآخر الذي له دخل مماثل هو مدير السكة الحديديبة
والنقل النهري كان منزل مدير السكة الحديدية في اتبرا من الضخامة بحيث يسمح بدخول القطار الي داخله لكي يهيأ صالونه الخاص . وله ذهبية في النيل . وكان اول مدير للسكك الحديدية العم محمد الفضل وهو خال المناضلة فاطمة احمد ابراهيم . لقد كان موظفي وعمال السكة الحديدية اكثر من 90 الف موظف . ومن تلك المؤسسة ومدرسة الصنائع تخرج اغلب المهنيين الذين انتشروا في السودان وطوروا الصناعة . فمنهم الخراطين والبرادين والسباكين والحدادين والميكانيكين والنجارين والسمكرية والنقاشين والمنجدين والمهنسين المعمارين . فلقد شيدوا المنشئات والمخازن والارصفة والجسور والفنادق الاستراحات والمنازل التابعة للسكك الحديدية والنقل النهري. وامتدت خطوط السكك الحديديه لكي تصير الاطول في افريقيا . وعندما ارادت زامبيا ان تبني سككها الحديدية بسبب حصار روديسيا لها . ذهب الفنيون والمهندسون من السودان لمساعدة زامبيا كما ساعدوا في مد الكهرباء .
كان هنالك ما عرف بشركة النور والماء . وكانت مسئولة عن الكهرباء والماء وتمتلك البصات والترام في العاصمة . ولقد اممت هذه الشركة وصارت حكومية . وكان من اول الاخطاء هو بيع الترام الي دوله افريقية بتراب الفلوس . وكان مديرهذه الشركة من اصحاب الدخل العالي والمخصصات ولهذا لم يكن هنالك فساد يذكر . واتثنين من البريطانيين وضعا في السجن لتلاعبهما بمواد التموين ايام الحرب العالمية . وحكم مولانا الدرديري علي بريطاني بالجلد ونفذ الجلد بسبب سرقته لتمثال غير اثري لا يساوي كثيرا .
السكك الحديدية هذا الصرح الشامخ قرر نميري تحطيمه لان النقابات لم تخضع لمايو . وكانت الاضرابات التي ضايقت النميري ومايو . وبدا الترحيل بالشاحنات التي تساوي خمسة اضعاف السكك الحديدية . انها سياسة تشليع البيت .
مشروع الجزيرة الذي شلع بسبق الاصرار والترصد كان اكبر مزرعة في العالم تحت ادارة واحدة . نعم لقد بناه البريطانيون ، ولكن امتداد الماقل كان صرحا عظيما بناه السودانيون . وظهر اسم اثنين من المهندسين الوطنيين احدهما المهندس كوباوي والمهندس صالح العبيد وآخرون . وعندما غنت الفنانة حوار جاه الرسول ,, الطقطاقة ,, في زواج العم صالح العبيد الفت الاغنية ,,المهندس جا ورسم البنا ,, . ولكن لسوء الحظ كانت هنالك بعض القرارات الادارية الغير صحيحة . بدأت الادارة باستيراد سيارات فولكسواجن للمفتشين والعاملين . وفي البداية احتج موظفي الجزيرة لان الفولكسواجن كانت جميلة الشكل . ولكن بعد شهور بدأت المشاكل .لم تكن الورش في مارنجان مهيئة للتعامل مع الفوكسواجن وبعض المركبات والمعدات الجديدة . والمورس ماينر قد صممت خصيصا بعد دراسات لتلائم جو السودان وظروف الجزيرة . والفولكسواجن تتميز بتبريد عن طريق الهواء ويبقي التبريد بالماء هو الافضل في جو السودان الصحراوي . والميكانيكي في كل السودان كان متعودا علي صيانة المورس . والمورس لا تزال موجودة في السودان وبعضها لسة مدور .
من افضل المنظمات حتي علي مستوي العالم كانت الخطوط الجوية السودانية . كانت من العظمة والانضباط انهم كانوا يسخرون من مستوي الخدملت في الخطوط المصرية . كان حتي الاوربيين يفضلونا علي خطوط الطيران الاخري . كان العاملين فيها يتمتعون فيها بمرتبات ومزايا يحسدهم عليها الجميع . حتي المضيفين والمضيفات يعتبرون موضع حسد الشباب الآخرين . اين هي الخطوط السودانية . واين هو خط هيثرو . ومطار هيثروا شيد في 1946 وكانت الخطوط السودانية من اول الدول التي تعاملت معه . بارك الله في الاستاذ فاتح جبرة الذي لا يزال يسأل عن خط هيثرو .
الخطوط البحرية كانت فخرا للسودان . كنا نحس بالعزة ونحن نري بواخرنا في في مواني اوربا , في سنة 1980 شاهدت سفينة سودانية في مينتاء اوسكارسهامن في الشاطي السويدي الشرقي . وكان يصحبني صدبقي وليام ماكينا من ترينداد وهو بحار سابق . فاوقفت السيارة وطلبت منه متابعتي . وتردد قليلا وقلت له ستدخل ارض سودانية وستجد الترحيب ، ولقد كان . وعندما خرجنا . قال لي انها انظف سفينة قد دخلهل وهو قد عمل منذ بداية الخمسينات في كثير من البواخر ولم يكن يتوقع ان يري باخرة افريقية بذلك المستوي .
لقد كان العم بخيت يعرف عالميا باوناسيس السودان . واوناسيس هو الملياردير اليوناني الذي بدا حياته كصبي صغير في تركيا يعمل في بيع السجاير المهرب . وانتهي به الامر لمالك شركة اوليمبيا للطيران واسطول ضخم من السفن وتزوج جاكلين كيندي ارملة الرئيس الامريكي جون اف كينيدي . السفن السودانية كانت مسجلة بإسم العم بخيت .
اذكر ان الباخرة امدرمان كانت تحضر لمالمو لشحن الدقيق السويدي وكانت بحجمها الضخم تجثو في ميناء فري هامن .وكان الكابتن هو الاخ قاسم اول قبطان سوداني من كوكبة من الرائعين قبل ان يتشلع البيت السوداني وينفرط عقد تلك الكوكبة من الابطال . لقد ارتفع المستوي المعيشي لآلاف الاسر بسبب الخطوط البحرية والجوية .
اكمال التعليم الاوسط كان ممكنا ومتوفرا . كما كان التعليموالعلاج بدون مقابل . عندما يكمل الطالب التعليم الاوسط يكون عمرة 15 سنة او 16 سنة لان البعض كان يتاخر في الإلتحاق بالمدرسة الاولية بسبب التحاقه بالخلوة لتعلم القرآن . تكون عند الكثيرين العمل مباشرة ام الالتحاق بالمدارس الصناعية ، معهد النسيج ،مدرسة البريد والبرق ومن خريجيها شيخ الهدية واستاذه الشيخ حسون والاستاذ عبد الرحمن مختار صاحب ورئيس تحرير جريدة الصحافة وشادي السودان خليل فرح والآلاف من البشر .
مدرسة الصتائع في عطبرة خرجت اعطم رجال السودان منهم البطل الشفيع الحاصل علي وسام لينين الذي كان يحلم به حتي زعماء الاتحاد السوفيتي وبعض رؤساء الدول . منهم المناضل قاسم امين وابراهيم زكريا سكرتير اتحاد النقابات العالمي ، والالاف . كان الطريق مفتوحا للمعاهد التعليمية مثل بخت الرضا والتونج والدلنج واماكن اخري . وهنالك التدريب المهني والمعهد الفني للدراسات المسائية للعامل الذي يريد ان يطور نفسه . المدرسة التجارية كانت تخرج المحاسبين الذين تستوعبهم الشركات واالبنوك ، ومن الخريجين الامير صديق منزول كابتن السودان ولاعب الهلال .
هولاء الفتيان يتخرجون وهم في السابعة او الثامنة عشر وهم في ما يعرف بالدرجة الرابعة . ومرتبهم عبارة عن عشرين جنيها و45 قرشا . وكان كيلو اللحم يباع ب 16 عشر قرشا للضان و12 قرشا للحم البقر ارتفع في يداية الستينات الي 14 قرشا . كان رطل زيت السمسم يباع 6 قرش ونصف ورطل الحليب واصل المنزل بقرشين ،ورطل السكر ياربعة قروش . والشاي الذي يكفي لتلقيمة الصباح والظهر بنصف القرش. والرغيف الذي يكفي لرجل بقرش واحد والرغيف الضخم يساوي قرشا ونصف القرش . السلطةعبارة عن طماطم وليمونة وقطعة عجور وربطه جرجير بقرشين او قرشا ونصف القرش في الموسم . . والبنطلون من الصوف الانجليزي يساوب ثلاته جنيهات ونصف الحنيه . والجلابية من البوبلين الجيد تساوي 125 قرشا . والمركوب الجيد يساوي 35 الي 50 قرشا . يمكن لخريج جديد ان يشتري عجلة رالي بكل لوازمها ب17 ونصف جنيه يدفعها في اقصاد . وتعش تلك الدراجة بسبب متانتها لاكثر من عشرين سنة .
مرتب ذلك الشاب اليافع يساوي اكثر من 2الف رغيف او الف رطل من اللبن وحوالي 150 كيلو جرام من اللحم الطازج او نفس العدد من الفراخ الحي . ونفس عدد ازواج الحمام . او نفس عدد جوالين البنزين . ارجو المقارنة مع اليوم . ولنسأل انفسنا لماذا تشلع البيت ؟؟
رفيق الدرب الميكانيكي عثمان ناصر بلال في النقل الميكانيكي كان في العشرين وله سيارة مورس . ومن العادى ان الشاب الذي يسكن عند اهله يستطيع ان يوفر 8 الي عشرة جنيهات في الشهر بعد ان يدفه ربع او ثلث مرتبه في البيت . وعندنا يقترب من سن الزواج يكون قد وصل مرتبه الي 30 جنيه تتيح له ان يستاجر منزلا معقولا بستة او ثمانية جنيهات وعندما يصير ابا تتاح له الفرصة في ان يتحصل علي قطعة ارض في الثورة مثلا بسعر 30 جنيها التي هي اقل من مرتب شهر واحد بالنسبة له لان مرتبه يقارب الخمسين جنيها . وهذا ما يتحصل عليه خريج الجامعة الذي لا يفشل ابدا في الحصول علي وظيفة . والبناء لن يكلف اكثر من 200 الي 250 جنيها والبنك العقاري كان يساعد الجميع . الزواج كان يكلف اكثر قليلا من المئة جنيه . فالمهر في حدود 30 الي 50 جنيه ووقية الذهب المشغول 16 جنيه والرطل 12 وقية . العرس يعني 3 الي اربعة خراف والخروف بثلاثة الي 3 ونصف جنيه . ومن العادة ان الاهل والجيران يساهمون في الدفع .

البوليس كان يعين في الدرجة الاولي وتعني 12 جنيها ولكن الدولة ملزمة باسكانه . وله بعض المخصصات في شكل مؤن باسعار متدنية واكل بسعر اسمي . وعندما يصير رب اسرة يتحصل علي مسكن في الاشلاق وقطعة ارض صغيرة حتي في العاصمة لزراعة الخضروات ولا يدفع اي شئ للماء والكهرباء. والتعليم مكفول لابناءه بدون مقابل حتي الجامعة . لقد كان الامل موجودا عند الجميع والآن ينعدم الامل حتي عند خريجي الجامعات . ولكن المولم ان من كان قاضي مديرية والذي يشار اليه بالبنان ويتصدر المجالس يعاني اليوم من الاهمال . عندما نغضب ونكتب لا نريد ان نحقر الوطن ، ولكن لكي ينهض الناس .
لقد قال رئيس السويد السابق كارل بيلد ان السويد كانت جد فقيرة وان الاجور في السويد وما تعطيه للعامل من قوة شرائية كان قليلا جدا في الستينات . ووعدد بعض الدول التي كانت خيرا من السويد منها السودان . وكان البريطانيون والاوربيون يعتبرون السودان بلد فرص . وكان 52 % من سكان الخرطوم من الاوربيين في الخمسينات . لقد قال الشيخ زايد انه يطمع في ان تكون ابو ظبي مثل الخرطوم .
في يوم الثلاثاء 22 سبتمبر 1964 شاهدت يونانيا عجوزا في سفارة السودان في اثينا كان قد اتي مصحوبا بحفيده الشاب ليصرف معاشه و وعرفنا منه ان هنالك عدد كبير من اليونانيين يتحصلون علي معاشات مريحة لانهم عملوا في السودان . وكانت اشارات المرور في الخمسينات والستينات باللغة العربية الانجليزية واليونانية . والآن لايكفي معاش قاضي المديرية لاعاشته .
والدي عمل في حكومة السودان لما يقارب الثلاثين سنة . كان معاشه يساوي 120 جنيها . وهذا يعني 330 دولارا . في بداية الخمسينات . وبعد وفاته كانت والدتي تتحصل علي 54 جنيها . وهي لم تعمل يوما واحدا في حياتها واستمر المعاش الي وفاتها رحمة الله عليها في بداية هذا القرن . واستمر معاشها لفترة الي ان اكتشف الموضوع القاضي محمد صالح عبد اللطيف زوج شقيقتي وقام بارجاع المبلغ واوقف المعاش . وتصدق بالمال الذي كان لها فيه الحق .السودان كان مستقرا جدا الاسعار ثابتة . والبنوك كتانت تسكب الاموال للسودانيين لاستسثمارها وبسبب ارتفاع اسعار القطن عالميا تمكن كثير من السودانيين من تكوين شركات زراعية منها شركة ام هاني خارج كوستي كلنت شراكة بين عمدة امهاني والدي وبعض الموظفين. وكانت تدخل علينا حوالي الخمسمية جنيها . شهريا . ومحمد اليمني وهم شاب متعلم ويحمل افكارا سياسية صاحب الكنتين في السردارية كان يقول انه يدخل 150 جنيها شهريا ودكانه لم يمض عليه اكثر من سنة واحدة وان العم قايد في الهاشماب يدخل ضعف ربحه . وكان في كل حي في السودان تاجرا يمنيا . والآن يهاجر السودانيون الي اليمن . النائب البرلماني كان يتحصل علي 100 جنيه وبعض المخصصات . وكان البعض يغني الله لي انا الما بقيت نايب اقبض الميه وكل يوم غايب . وكانت السيارات الجيد تساوي 500 الي 600 جنيه وكان السهم الذهبي يبيعها للنايب او الموظف ويكون القصت 50 جنيه في الشهر . كل شئ كان متوفرا .
وكان والدي يتحصل علي العلاج في العناية الخاصة في مستشفي الخرطوم بأجر اسمي . وكان لنا الحق في تلقي العلاج في ذلك القسم كابناء موظف في المعاش . ولكن لم نحتج ابدا للذهاب الي المستشفي . كان السوداني ياكل الاكل الطازج .لم يكن هنالك تلوث او نفايات مسرطنة . الملاريا اختفن في وسط السودان والمدن الكبيرة .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.