المباحث الجنائية المركزية ولاية الجزيرة تنفذ حملة أمنية كبري بالسوق العمومي وتضبط معتادي إجرام    بيان هام من السفارة السودانية في تركيا للسودانيين    "بناء الدولة وفق الأسس العلمية".. كامل إدريس يدعو أساتذة الجامعات للاسهام في نهضة البلاد وتنميتها    مونديال الأندية.. فرصة مبابي الأخيرة في سباق الكرة الذهبية    نبيل عبد الله: قواتنا بالفرقة 14 مشاة صدّت هجومًا من متمردي الحركة الشعبية بمحطة الدشول    مباحث شرطة الولاية الشمالية تتمكن من إماطة اللثام عن جريمة قتل غامضة وتوقف المتورطين    بلاغ بوجود قنبلة..طائرة سعودية تغيّر مسارها..ما التفاصيل؟    أكثر من 8 الاف طالب وطالبة يجلسون لامتحانات الشهادة الابتدائية بسنار    كيف تغلغلت إسرائيل في الداخل الإيراني ؟!    المملكة تستعرض إستراتيجية الأمن الغذائي لدول مجلس التعاون الخليجي    أردوغان: الهجوم الإسرائيلي على إيران له أهداف خبيثة    "خطوة برقو" تفجّر الأوضاع في دارفور    الصادق الرزيقي يكتب: الدعم السريع وشهية الحروب التي فُتحت في الإقليم    أنباء عن اغتيال ناظر في السودان    خسائر ضخمة ل"غانا"..تقرير خطير يكشف المثير    الترجي يسقط أمام فلامنغو في مونديال الأندية    فيكم من يحفظ (السر)؟    افتتاح المرحلة النهائية للدوري التأهيلي للممتاز عصر اليوم باستاد الدامر.    في السودان :كيف تتم حماية بلادنا من اختراق المخابرات الإسرائيلية للوسط الصحفي    من الجزيرة إلى كرب التوم..هل دخل الجنجويد مدينة أو قرية واستمرت فيها الحياة طبيعية؟    هيمنة العليقي على ملفات الهلال    الحرب الايرانية – الاسرائيلية: بعيدا عن التكتيات العسكرية    نشاط مكثف لرئيس الوزراء قبل تشكيل الحكومة المرتقبة    نقل أسلحة إسرائيلية ومسيرات أوكرانية الى افريقيا بمساعدة دولة عربية    والي الخرطوم يصدر عدداً من الموجهات التنظيمية والادارية لمحاربة السكن العشوائي    أدوية يجب تجنب تناولها مع القهوة    شاهد بالصور والفيديو.. الفنان حسين الصادق ينزع "الطاقية" من رأس زميله "ود راوة" ويرتديها أثناء تقديم الأخير وصلة غنائية في حفل حاشد بالسعودية وساخرون: (إنصاف مدني النسخة الرجالية)    إدارة مكافحة المخدرات بولاية البحر الأحمر تفكك شبكة إجرامية تهرب مخدر القات    (يمكن نتلاقى ويمكن لا)    عناوين الصحف الرياضية السودانية الصادرة اليوم الأثنين 16 يونيو 2025    سمير العركي يكتب: رسالة خبيثة من إسرائيل إلى تركيا    شاهد بالفيديو.. كشف عن معاناته وطلب المساعدة.. شاب سوداني بالقاهرة يعيش في الشارع بعد أن قامت زوجته بطرده من المنزل وحظر رقم هاتفه بسبب عدم مقدرته على دفع إيجار الشقة    رباعية نظيفة .. باريس يهين أتلتيكو مدريد في مونديال الأندية    بالصورة.."أتمنى لها حياة سعيدة".. الفنان مأمون سوار الدهب يفاجئ الجميع ويعلن إنفصاله رسمياً عن زوجته الحسناء ويكشف الحقائق كاملة: (زي ما كل الناس عارفه الطلاق ما بقع على"الحامل")    المدير العام للشركة السودانية للموارد المعدنية يؤكد أهمية مضاعفة الإنتاج    المباحث الجنائية المركزية بولايةنهر النيل تنجح في فك طلاسم بلاغ قتيل حي الطراوة    من حق إيران وأي دولة أخري أن تحصل علي قنبلة نووية    أول دولة عربية تقرر إجلاء رعاياها من إيران    السودان..خطوة جديدة بشأن السفر    3 آلاف و820 شخصا"..حريق في مبنى بدبي والسلطات توضّح    بالصور.. زوجة الميرغني تقضي إجازتها الصيفية مع ابنتها وسط الحيوانات    معلومات جديدة عن الناجي الوحيد من طائرة الهند المنكوبة.. مكان مقعده ينقذه من الموت    بعد حالات تسمّم مخيفة..إغلاق مطعم مصري شهير وتوقيف مالكه    إنهاء معاناة حي شهير في أمدرمان    وزارة الصحة وبالتعاون مع صحة الخرطوم تعلن تنفيذ حملة الاستجابة لوباء الكوليرا    فجرًا.. السلطات في السودان تلقيّ القبض على34 متّهمًا بينهم نظاميين    اكتشاف مثير في صحراء بالسودان    رؤيا الحكيم غير ملزمة للجيش والشعب السوداني    محمد دفع الله.. (صُورة) تَتَحَدّث كُلّ اللُّغات    في سابقة تعد الأولى من نوعها.. دولة عربية تلغي شعيرة ذبح الأضاحي هذا العام لهذا السبب (….) وتحذيرات للسودانيين المقيمين فيها    شاهد بالفيديو.. داعية سوداني شهير يثير ضجة إسفيرية غير مسبوقة: (رأيت الرسول صلى الله عليه وسلم في المنام وأوصاني بدعوة الجيش والدعم السريع للتفاوض)    تراجع وفيات الكوليرا في الخرطوم    أثار محمد هاشم الحكيم عاصفة لم يكن بحاجة إلي آثارها الإرتدادية علي مصداقيته الكلامية والوجدانية    وزير المالية السوداني: المسيرات التي تضرب الكهرباء ومستودعات الوقود "إماراتية"    "الحرابة ولا حلو" لهاني عابدين.. نداء السلام والأمل في وجه التحديات    "عشبة الخلود".. ما سرّ النبتة القادمة من جبال وغابات آسيا؟    ما هي محظورات الحج للنساء؟    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محنة سودانية ( 78) ...خال الرئيس
نشر في سودانيزاونلاين يوم 10 - 07 - 2011

السيد خال البشير صار فوق القانون . يشتم من يشاء , و يرفع من يشاء, و يطبل لمن يشاء . و يتصرف في السودان , و كأنه كجريب في تقنت ابوه . و لا يستطيع أي انسان أن يقف امامه , حتى صقور الانقاذ .
لألآف السنين كان الخال في المجتمع السوداني هو من يحل و يربط , لأن أبن اخته الذي يكون قد تربى في كنفه يصير الملك . و عندما طلب الد...ا نجوك من الراحل جون قرنق , ان يذودهم بالسلاح حتى يحاربوا المراحيل , قال لهم دكتور قرنق : ( نحن الد...ا ممكن نحارب اولاد عمنا. لكن اصلاً ما بنحارب اولاد اختنا . و المسيرية ديل اولاد اخواتكم ).
أذكر انني سمعت من الكبار قديماً و قرأت من كتب التاريخ , وعلق بذهني قصة ام بوسة . و كانت من قبيلة البيقا , و صار ابنها سلطاناً على دارفور . و العادة قديماً في دارفور أنه بعد موت السلطان , يتصارع الابناء على الملك . و قد يقتل أو ينفى من يستلم السلطة اخوته , حتى يصفى له الجو . و الأمير خميس أبن سلطان دارفور , هرب الى سنار حتى يتجنب القتل . و خدم في بلاط سلطان سنار . و هو الذي انقذ السلطنة الزرقاء عندما اراد ملك سنار ان يفر امام الجيوش الحبشية الغازية . و بدلاً عن الهروب , تراجع , و حصر الجيش الاثيوبي و ظهره الى النيل . و أوقع بهم هزيمة نكراء . و لكن كأحد المحن السودانية لا نذكر هذه المحمدة للفور .
عندما علم خال السلطان بأن ابن اخته قد صار سلطاناً , كان يملأ الحوض بالماء لشرب الانعام , و عندما اتاه الخبر . رفس الحوض الذي هو من التراب و انكسر الماء . و أخرج عنقريبه و رقد عليه , و طلب من الناس ان يحملوه الى الفاشر , التى كانت بعيده . فلقد كان لخال السلطان وظيفة رسمية في البلاط . المحنة السودانية , ان خال البشير الآن يتصرف بنفس الطريقة . فلقد صدر أمر من السلطان بأن لا يؤخذ العبيد من البيقا , قبيلة والدته, ابداً بعد ذلك , و هذا يعني انه يكمن استعباد القبائل الآخرى .
السلطة عندما لا تأتي متدرجة و تحدث بسرعة , هي مثل الثروة التي تأتي بسرعة . و لهذا كان الكلام اثرياء الحرب , الذين ( تخلعهم ) الثروة , فيتصرفون كالأطفال , و بعدم معقولية . و لكن من تعود على الثروة و عنده خلفية يستطيع ان ينمي الثروة , و يستخدمها فيما يفيد نفسه و الآخرين . و من يتعود على السطلة , يتصرف بمعقولية . و ما يحدث الآن بواسطة أهل الانقاذ هو عدم المعقولية في التصرفات , لأنهم لم يتعودوا على الثورة و لم يعرفوا ما هي السلطة .
في أيام الخليفة عبد الله التعايشي , حصلت تجاوزات و اساءة للمال و السلطة . و الخليفة عبد الله التعايشي كان في بداية حياته كاتب حجبات . و كان يكتب الحجبات للرزيقات في حربهم ضد الزبير باشا . و لقد أسرة الزبير باشا و أمر بقتله . إلا أن القضاة و رجال الدين في حكومة الزبير باشا رفضوا قتل ( فكي ) .
الخليفة عبد الله التعايشي لم يكن حتى حضرياً . و أدارة الدولة تحتاج لمقومات و ثقافة و دراية بالعالم الخارجي , و النشاط الاقتصادي و الاداري . و عندما يسمع الناس المثل السوداني ( يحلنا الحلّ بله ) لا يعرف الأغلبية ان بله كان فكي و رجل دين محبوب جداً , لخفة ظله و حلو معشرة . فطلب منه أن يفاتح الخليفة في موضوع اطلاق سراح الخليفة شريف بن عم المهدي من سجن السائر , الذي كان قاسياً , و هذا بعد أن فتك الخليفة بأغلب .... المهدي الأوائل و قتل ( الاشراف ) أهل المهدي .
في مجلس الخليفة عبد الله التعايشي , الذي كان يجلس الجميع فيه على الأرض , و يكون الخليفة على العنقريب , طلب الفكي بله من الخليفة ان يطلق سراح الخليفة شريف . و جلس الخليفة بعد ان كان متكئاً و قال : ( قلت شنو ؟) , فقال بله : ( قلت ليك يا خليفة المهدي امي بتسلم عليك ) . فضحك الخليفة و ضحك الجميع . و في لحظة كان بله في موقع تهلكة , و لكنه حلّ نفسه بالدعابة و خفة الظل . المشكلة ان دولة الخليفة لم تكن دولة المؤسسات , بل دولة الفرد . و الآن صار السودان دولة الفرد .
بعد أن غير وردي أغنيته يا حارسنا يا فارسنا الى لا حارسنا لا فارسنا , و بعد انقلاب هاشم عطا , وضع الفنان وردي في السجن لفترة طويلة . و كان النميري حاقداً عليه بشكل خاص . و لم يجرؤ اي انسان على مراجعته . و الجميع كانوا يحبون غناء ابو داوود , و كفشاته , و نكاته . فطلب من ابو داوود ان يفاتح نميري في أمر اطلاق سراح وردي . فقال ابو داوود لنميري بعد الغناء و نكات اضحكت النميري : ( يا ريس ياخي وردي .... ) . فقال النميري و هو في أشد حالة الغضب : ( مالو ؟؟؟ ) , فقال ابو داوود بسرعة : ( ياخي ما تعدمو و تريحنا منو , مضايفنا في حفلاتنا ) . فضحك النميري و ضحك الآخرون . و بعد فترة اطلق سراح وردي . مشكلة مايو كذلك انها كانت حكم الفرد .
ميرغني المامون و احمد حسن جمعة سمكرو أغنية بسرعة جداً , و الاغنية تقول : هاشم العطا صلح الخطأ . و بعد يوم من سقوط هاشم العطا , تغيرت الاغنية الى هاشم العطا لخبط الوطى .
سلاطين دارفور كانوا مهابين جداً و كان لأحدهم نعامة . و للنعام ركلة قوية قد تقتل الانسان . كما أنها تبتلع أي شئ امامها , حتى مصاغ النساء اذا وجدته . و أتعبت النعامة أهل الفاشر . فأتفقوا مع أحد شيوخهم ان يقول للسلطان , النعامة . و عندما يسأل النعامة مالها , يرد الجميع بصوت واحد ( جننتنا ... جننتنا ) . و لكن عندما رد السلطان غاضباً لم يجرؤ أي انسان ان يرد . فرد الشيخ بسرعة : ( بتدورلها اخت ) , فأتى السلطان بنعامة جديدة و زاد البلاء .
نحن زمان كان عندنا الانقاذ , و ناس الانقاذ طالعين في راس الناس ياكلوا و ينهبوا . دلوقت نعامة الانقاذ جابوا ليها اخت , و التي هي العسكرية الاسلامية . أي وظيفة تفضى أو منصب , العساكر يدخلوا فيهو لواء أو عميد بالمعاش و الخ ... المحنة دلوقت انه العسكر بقو راكبين الشعب السوداني و الأنقاذ . أذكر انه عندما استلم الصادق المهدي السطلة بعد نميري , أن قال أحد أهلنا في امدرمان . حكايتنا بقت زي حكاية الولد الامه ماتت. و زوجة ابيه ضوقته الويل . و كان يتمنى بعد وفاة والده ان ينتقم منها ( دق ) . و لكن بعد وفاة والده تزوجت زوجة ابيه , و قال أن الزوج الجديد ( بقا يدقني و يدق مرة ابوي ) . و ممكن الدق دا يكون حاجة تانية . لأن ناس حزب الامة جو عطشانين و عندهم احساس انو البلد بلدهم و هم اسيادها . سفوا و قلعوا و اتسلطوا على الناس اكثر من نميري .
اها و اخيراً هسي العسكر بقوا يدقوا الشعب السوداني و أهل الأنقاذ . و العسكر صاروا اقوياء . و حالهم مع الانقاذ و مع الشعب السوداني ينطبق عليها المثل السوداني البيقول : ( دق نسابته و قلع مرحاكته ) . و المرحاكة للجيل الجديد عبارة عن حجر افطح , حوالي متر في طوله . يسحن فيه دريش العيش حتى يصير عجيناً لصنع الكسرى و العصيدة . و قلع المرحاكة هو اقصى مرحلة الخصام . و العسكر سيأخذون اكثر و اكثر من الشعب السوداني المسكين . لأنهم احسوا بأن الكيزان خمو كل حاجة و هم الذين كانوا يموتون , و هذه محنة سودانية جديدة .
قالوا البتكرهو خاف فيهو الله . لقد كرهنا فساد أهل الانقاذ و فساد وزير المالية المثبت بالوثائق اغضب الجميع . و لكن الحق يقال أن مرتب مدير الاسواق المالية في الخرطوم يجب ان تكون أعلى كثيراً , و تكون له مخصصات اعلى من أي وزير سيادي . و هذا هو المعمول به عالمياً . ففي بداية الثمانينات هاجم الامريكيون اليابانيين عندما اكتسحوا الاسواق الامريكية , خاصة في مجال السيارات . و بدأ الامريكيون الذين كانوا يتشدقون و يدينون الاتحاد السوفيتي و الصين لعدم تعاملهم بالتجارة الحرة , يشتكون بالمفتوح من اليابانيين . و صاروا يطالبون بوضع كوابح للتغول الياباني . رد اليابانيين كان أن مدراء الشركات اليابانية , التي تعاني من مشاكل مالية , يتوقفون عن تقاضي مرتباتهم . و أن بعض المدراء عندما تفلس شركته , يقومون بالانتحار , لأنهم قد فشلوا في الوقت الذي يتلقى مدراء فورد , كرايلستر , جنرال موتورز مرتبات عبارة نصف مليون دولار في الشهر زائداً مخصصات و حوافز.
قديماً في السودان كان مرتب رئيس الوزراء لا يتعدى المائة و خمسين جنيه . و أذكر ان بعض البسطاء عندما قالوا له ان الرئيس الازهري يتلقى مائة جنيه شهرياً قال : ( لا حولة , لو كل يوم اشتري وقه لحمة , و قزازة زيت كاملة , الباقي بوديه وين ) . و الوقه مقياس قديم عبارة عن اثنين و ثلاثة ارباع رطل . و الكيلو يساوي اثنين و ربع رطل . و ربع الوقه كان ما تشتريه الاسرة لعمل الحلة . فالمسكين وقتها كان يفتكر أن كل متلطبات الحياة هي لحمة و زيت . العم خلف الله خالد وزير الدفاع في الديمقراطية الأولى , عندما اعطوه مرتب الوزير غضب و قال : ( دا لعب عيال . كيف آخذ مرتب و انا عندي معاش من الجيش ) . و بعد تعب رضى ان يقبل بالمعاش زائد الفرق بين المرتب و المعاش و كان يسكن في منزله الخاص خلف سوق الموردة .
قبل اسبوعين كانت في زيارتنا ابنة الخال فايزة محمد الفضل . و محمد الفضل هو خال المناضلة فاطمة احمد ابراهيم . و كنت اذكر الاخت فايزة بالعز و النظام القديم في السودان فوالدها كان أول مدير سوداني للسكة حديد . و السكك الحديدية و مركزها عطبرة كانت تخرج المهندسين و الفنيين و منهم الشفيع احمد الشيخ و قاسم امين و سلام . و تخرج النجارين و العضشجية و البرادين و الحدادين . و هؤلاء انطلقوا في كل السودان و دربوا الآخرين . و كان موظفي السكة حديد عشرات الآلاف , و في ايام محمد الفضل وصلت السكك الحديدية الى واو . و كان مرتب مدير السكة حديد يماثل مرتب محافظ الجزيرة و هو 485 جنيه سودني زائداً المنزل و حق الضيافة و السيارة و السائق و الجنايني و السائس و الخيل . لأن التفتيش يحصل من ظهر الخيل في الخريف . و كان لمدير السكة حديد صالون خاص بغرف نوم و س...ي . و لمدير السكة حديد ذهبية في النيل و هو مركب بماكينة في شكل مسكن صغير . لأن النقل النهري يتبع له كذلك .
الأخت فايزة محمد الفضل كانت تذكر لي كيف ان صالون المدير يقف داخل منزلهم حتى يجهز استعداداً لسفر مدير السكة حديد . فالعم محمد الفضل و العم مكي عباس مدير الجزيرة كانوا يديرون أكبر منشآت اقتصادية في داخل الدولة . و هذه المؤسسأت , كانت تدفع العلاج و التعليم و المرتبات و الدفاع ... الخ . و لهذا يجب ان يكون المسئول ( عينه مليانة ) حتى لا يكون له عذر لأن يستغل نفوذه . و كانوا يحاسبون محاسبة لصيقة .
احدى السيدات السودانيات ارادت ان تركب القطار . و اخبروها بأنه قطر بضاعة لا يأخذ الركاب . فأشارات الى مدير السكة حديد الذي كان يجلس في صالونه . و كيف ( ينجعص ) الخواجة لوحدة في الصالون الكبير . و أثارت شمطة . فقال الخواجة خلوها تركب . فركبت و قدم لها الس...ي الشاي و البسكويت . ثم وقف لها القطار في سندة صغيرة و هي وجهتها . و أعجبها الزير الذي كان يصنع خصيصاً للسكة حديد . فطلب الانجليزي ان يعطوها الزير و الحمالة . و عندما سألها اهلها : ( دا شنو دا ؟ ) . قالت لهم : ( جبت ليكم زير الخواجة عشان ترتاحوا من شراب القرب ) . و قبل سنتين وضع ريس البنطون و ابنه في السجن لانه ادخل بعض المسافرين مع المحافظ الانقاذي .
و كانت هنالك محافظ البحر الأحمر . و مرتبه يقل قليلاً عن هؤلاء الاثنين و كان حوالي 375 جنيه . وهذا مرتب مديري المديريات و قاضي المديرية . و لهم مساكن و مخصصات . و كان للصرافين مرتبات عالية , و حوافز و سكن منفصل عن بقية الموظفين . و لا يسمح لهم بالسكن في ميز الموظفين . و لهم وضع خاص . و قديماً كان المحافظ هو جعفر حسن عبد النور , ابن شقيق الاستاذ عبيد عبد النور . و كان له منزل حدادي مدادي و حديقة و خدم و مخصصات . الازهري كان يسكن في منزله الحالي و هو ورثة . و اذكره جيداً . كان منزلاً عادياً مبنى من الطوب الاحمر و هنالك نخلة طويلة في الجزء الغربي المواجه لجامع الضرير . و يشاركه في المنزل اخوه على و الآخرون , لأن المنزل ورثة . و لقد نشرت من قبل وثيقة تحوى لسته بأسماء عشرة تجار في ملكال . على رأسهم محمد البشير و اخيه مبارك و فزع و نميري و الماحي و آخرين . و دفع كل منهم خمسين جنيهاً كدين للزعيم الازهري لأصلاحات في المنزل لأن المنزل ككل منازل امدرمان قديماً لم يكن حتى يتمتع بالصرف الصحي .
كما ذكرت قديماُ في مدينتنا مالمو في السويد , ان لعمدة المدينة منزل من أربعة طوابق , في أكبر ميدان في المدينة و يجاور المجلس البلدي الذي بنى في القرن الرابع عشر . و للعمدة مخصصات و خدم و حشم و سكرتيريين و طباخ و سائق و بدلات . و مرتب خيالي , بالمقارنة مع مرتب ريئس الوزراء الذي يسكن في نفس المدينة . والذي يصل مرتبه الى العشرة الف دولار , و تأخذ الضرائب نصفها . و عندما أرتفع مرتبه بألف دولار تأخذ الضرائب نصفها . قامت القيامة و وجد الهجوم نقابات الموظفين , ومن الصحف . و مرتبات الوزراء زادت 800 دولار و يستلمون بعد الضرائب زيادة 400 دولار . مديري شركات مثل ساس او اسيا التي استوردنا منها المولدات للسدود , و اسكانيا و الفولفو يتقاضون بلاوي . و رئيس الوزراء السابق يوران بيرسون كان يسكن في شقة تفصلها عمارة واحدة من اولاده . و تحت العمارة دكانين أحدهم للزهور و الثاني لماكينات الخياطة . و جمع أهل العمارة توقيعات في سنة 1994 مطالبين بطرده . ( لأن ضيوفه كتار ) . و قال في الصحف و التلفزيون انه لا يمكن ان يرحل لأنه لا يمكنه ان يبتاع منزلاً .
أبني جاك عمل قبل 12 سنة كمتدرب في قصر مدير الفولفو السابق خارج استوكهولم . أبني جاك تخرج من معهد للبيئة و متخصص في الصيد و هو صياد برخصة . و كان من المفروض ان يتدرب بدون أجر . و كان هذا في قصر أو قلعة قديمة تحيط بها غابات لمئات الهكتارات و بحيرات و حياة برية من كغزلان و وعول و ثعالب . اشتراها مدير الفولفو بعد أن تقاعد . و كان له ابن وحيد بالتبني و هو افريقي الاصل . و الغريبة انه لم يكن لطيفاً مع جاك . و ربما لأنه كان مدللاً . فيا سادتي ليس من الخطأ أن يكون لمدير سوق الأوراق المالية مرتب ضخم و مخصصات ضخمة . و لكن هذه الاسواق عادة لا تكون تحت سيطرة الدولة . و لا يتلقى هؤلاء أي مرتبات من الدولة في الأحوال العادية . و هؤلاء يحاسبون حساباً عسيراً . و في حالة أي تلاعب قد تكون العقوبة تأبيدة . فليأخذ هؤلاء المسئولون الذين يتعاملون بالمال المرتبات العالية . و لكن يجب ان يدفعوا ضرائب كالآخرين . و الضرائب تصاعدية . و في السويد قد تصل الى 85 بالمائة من دخل الانسان . ويجب ان تكون هنالك شفافية و وضوح تام .
المحنة السودانية أننا نركز على مرتب مدير سوق الاوراق المالية . الغلط هنا ما أورده وزير المالية , و العصر بتاع الدايات البمارسو البشير . فزمان الداية كانت مفروض تكون مجاني , لأنها بتاخد مرتب من الدولة , لكن كانوا بعصروا ليها . و عندها كراع خروف السماية . و يمكن فتيل ريحة و جالون سمن .... الخ . قبل ايام كتبت عن ود الفتير العملاق , جارنا الذي كان يضبح كيري و يبيع البنقو . و في العيد ينطلق له اطفال الحي ليعطيهم العيدية . المحنة انه هسا مافي فرق بين ود الفتير و البشير .
المحنة السودانية الكبرى انو ناس الانقاذ ديل , يشوفوا زول يعمل أي حاجة لوجه الله بتجيهم شيزوفرينا ام برد . جامعة الاحفاد عندها مركز للأمومة و رعاية الطفولة . بشتغلوا فيه خواجات و في بروفيسرات في الطب سودانيين بقدموا خدماتهم . و دا مجآني . و دا البجنن بوبي . و بالنسبة لأهل الانقاذ هذا يقارب الشرك بالله . و مال مستشفياتهم و عياداتهم دي تشتغل كيف ؟ . و فجأة اتى من شمع المركز بالشمع الاحمر و الاختام . و هذا كان بعد غزوة ذات الاصنام . و هذا بعد أن هجم مقاتلي الانقاذ الاشاوس بأسلحتهم بعد منتصف الليل و انتزعوا تمثال بابكر بدري . و اختفوا به مثل هبل و اللات و العزى .
لمدة شهرين كان قاسم بدري يحاول ان يصل الى الانسان الذي اغلق المركز . الذي كان يمارس فاحشة مساعدة نساء امبده و خارج امبده و الأطفال المهمشين بالمجان , بدون نهب فلوسهم . و حفى قاسم . و لم يجد أي رد . فطلب من الموظفين ان يكسروا الاختام و قال لهم : (خلي يجي زول يقول لينا ليه علمتوا كدا ؟ عشان نعرف هو منو) .
و بعدها كانت غزوة عقال البعير . فلقد قال سيدنا ابوبكر الصديق رضى الله عنه : ( و الله لو منعوني عقال بعير لقاتلتهم عليه ) . و هاجمت قوة مدججة بالسلاح و اقتحمت جامعة الاحفاد و طالبت أعتقال مسيلمة الكذاب الذي ارتد عن الاسلام و لم يدفع الزكاه . و كان العميد قاسم بدري في اجتماع مع ممثلي الامم المتحدة . لكي تقوم الاحفاد بتدريب الكوادر الطبية للأمم المتحدة في منطقة الشرق الاوسط من ايران الى المغرب . و هذا مكسب و مفخرة للسودان . و يعطي الفرص لشباب سودانيين للعمل . و كأنه يوم اليمامة حضروا لأخذ قاسم بالقوة لأنه لم يدفع الزكاة . و عندما سألوا عن العميد قال لهم اشرف محمد بدري : ( انا العميد ) . تجنباً للفضيحة و الاحراج امام ممثلي الامم المتحدة . و عندما اعتقلوه تحت السلاح المشهر و أخذوه خارج الجامعة قال لهم الظابط العظيم الذي كان في انتظارهم : ( لا دا ما قاسم .. قاسم طويل ) . ...عوا و اقتحموا قاعة الاجتماع , و أخذوا المجرم قاسم بدري . و عندما ارادوا ادخاله في السيارة بالقوة رفض قاسم ان يركب بالرغم من الاسلحة المصوبة نحوه . و هجم بنات الاحفاد و بالطوب و الحجارة و على رأسهن الجنوبيات . و هن يصرخن : ( يدفع ليكم زكاة من وين , انحن بندرس بالمجاني ) . و الحقيقة أن نصف بنات الأحفاد يدرسن بالمجاني .
المحنة الكبرى أن السودانيين يحسبون ان الاحفاد ملك لقاسم بدري . الاحفاد يا أهلي مسجلة منذ أول يوم في الثلاثينات بأسم الشعب السودان .. أعيد الشعب السوداني . هنالك مجلس امناء . و قديما كان هنالك مسئول مالي هو رجل التعليم و أول ناظر مدرسة ثانوية ثانوية , الرجل الاسطورة النصري حمزة . الذي كان يقرع يوسف بدري و يتعامل مع محمد بدري بأسلوب يا ولد . و ينصاعون لأوامره . و الآن يستلم هذا المنصب أبنه عبد القادر النصري حمزة , جزآهم الله خيرا لما قدموه لهذا الوطن .
بعد فترة استدعى الوزير الولائي لوزارة الصحة قاسم بدري لأجتماع كان عبارة عن استفزاز في البداية . المحنة انه كان يسأل قاسم لماذا هنالك منظمات اوربية تدعمهم . و كيف تأتي هذه الأموال . فأفهمه قاسم بأن الأموال تأتي عن طريق وزارة المالية و وزارة التعليم العالي . فأسقط في يد الرجل و قال : ( و لماذا لا اعرف انا ؟ ) . فأفحمه قاسم قائلاً : ( دي حكومتك .. فاذا عندك مشكلة معاهم انا ما دخلي ) . فنهض الوزير غاضباً ثم اخذ لفة و رجع قائلاً : ( بناتكم بتدربوا في مستشفياتنا , و نحن المستشفيات دي بتكلفنا فلوس , انتوا لازم تدفعوا على كدا , و إلا ما حا نقبل بناتكم يتدربوا في مستشفياتنا ) . فقال قاسم : ( طيب حددوا لينا اسعاركم و نحن بندفع ) . و كما عرفت من قاسم عندما كان في زيارتي هنا من قبل ثلاثة سنوات , أنهم حددوا سعر معين و صارت الاحفاد تدفع . حاجة تمحن جامعة تدفع زكاة . يعني كل سنة 30 بنت لبون و 500 حاشي .
قاسم زاته يستاهل , شغال ليل و نهار و بمرتب , ابوه الله يرحمه كان شغال لحدي عمره 85 سنة . مات و هوبشتغل و ما بنى مزيرة . و لحدي ما مات ما فتح حساب في بنك و ما كان بمسك قروش في ايده . بفتكر انه القروش بتخلي الزول يبقى كعب . و هدومه كلها ما بتملأ بقجة . في ايام حروب الردة الانقاذية كانت شقيقتي لمياء بدري تعمل محاضرة بستمائة جنية في الاحفاد ( بالقديم ) . و زوجها اشرف بدري بياخذ تسعمائة جنية . و شغالين ليل و نهار . عندهم شغالة بتمسك الاولاد و البيت . بتاخد 300 جنية و ماكلة و شاربة و ساكنة و ما بتدفع كهرباء ولا موية . لمياء بدري استقالت من الاحفاد . قاسم بدري عاين لأستقالتها و رماها ليها لانه هي ما جات من مكتب العمل و قال ليها تقعد تتعب زي الناس الباقين مافي استقالة و كلام فاضي . بعد سنين من التعب في الاحفاد اشتغلت في الامم المتحدة . دلوقت عرفت انها اشترت شقة و عربية و عاشت بدون فلس شديد . المحنة انه مافي شئ بقوم نفس ناس الانقاذ ديل زي الزول الما بياكل . لانه الزول البلبع دا هم بعرفوا دواهو . و بختوا لهو السم القدر غداهو . و ناس الدين ديل نحن زمان شفناهم هم أهل الصوفية ملكوا الناس بالكلمة الهينة و الكسرة اللوينة . لكن ناس الانقاذ يمحنوا .
التحية ع . س . شوقي بدري


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.