عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته. مع تطور التكنولوجيا و إنفجار ثورة وسائل التواصل الإجتماعي وسهولة الإستخدام، كثرت المواد المنشورة على الوسائط المختلفة فأصبحنا نتلقى مالا نختار و نرى مالا نحب و نقرأ مالا نهوى و مهما عصبنا عيوننا بما إختزنا من الوعي و الإستنارة نفاجأ بما يعكر صفو أفكارنا و يشوش إعتدال طقسنا. صور و قصص و مقالات ترسخ الجهل و تؤكد تخلف الأمة و إنشغالها بتوافه الأمور. في مقال سابق تناولت ما يتبادله الناس عبر وسائل التواصل الإجتماعي من مواد لا تليق بأخلاقنا و قيمنا و كانت الدعوة أن نحارب القبح بالجمال و نزيل الظلمة بالنور و أن نبادر بإرسال الطيب حتى ننشر الخير والجمال و حتى نعزز ثقافتنا بالفكر المستنير و بالعلم و المعرفة و الفنون الجميلة. مالم يتطرق اليه المقال السابق، القصص والصور ذات الصبغة الدينية التي توهم قارئها بنبل المقصد و ترسيخ العقيدة والإيمان و كأن الله يحتاج لتأكيد وجوده بالحكايات الخيالية أو الصور التي تحمل ما يشابه إسم الجلالة مع التهديد و الوعيد لمن يشاهدها ولا يبدي إعجاباً بها أو يعيد إرسالها. إن سلمنا بصحة الصور والإعجاز فهل نضب الكون من جباله وأنهاره و زج سحابه و تفاصيل إنسانه و الخلق أجمعين حتى يؤكد وجود الخالق و يمتحن إيمان الناس بثمرة طماطم حملت شكلاً أو رسماً مختلفاً؟ سبحان الذي أظهر قدرته و تجلت عظمته في كل شئ حتى في قطعة الطماطم الملساء التي لا تحمل رسماً أو كتابة فالثمرة في ذاتها إعجاز دال على وجود الله. لن ينصر الإسلام أو يؤكد صحته أو يزداد إنتشاره بثمرة طماطم كتب عليها اسم الله و لن يختزل إيمان المرء، عقيدته، عباداته، سلوكياته و أخلاقه و التي هي من عمق الدين ليختبر بمثل هذه الصور. ما يستفز العقول و يستخف بها أكثر من هذه الصور، تلك القصص الخيالية العجيبة عن معجزات كونية لا يتقبلها العقل و لا يستجيب لها القلب و لا تترك أي تأثير سوى علامة إستفهام و تساؤل عن حقيقة و مغذى هذه الأساطير. ربما يكون المقصد نبيلاً يدعو الى الإيمان والتذكير بحسن العمل لكن من المؤكد ان الدعوة الى الله تكون بالحق و الحقائق و بقصص يقبلها العقل فنحن لا نحتاج الى إنسان يتحول الى حمار أو لجسم يتقطع في حادث ثم يحيا جزء منه لينطق بالشهادة معلناً إسلامه في الدقيقة الأخيرة. نحن نحتاج الى مواعظ حسنة تخاطب عقولنا و قلوبنا و تعيد الإنسان الى فطرته السليمة من غير قصص مفبركة و "حبكة" درامية ركيكة لا تجذب الا الجهلاء. الإستخفاف بعقول الناس والسذاجة في أسلوب الدعوة الى الله أمر مؤسف و منفر أما التهديد والوعيد الملحق بالصور و بالمواعظ حتى يعاد إرسالها، فإنما يدل على جهل مرسليها و متداوليها وإفتقارهم الى الذكاء و الحكمة. في قصص القرآن و قصص الأنبياء والسيرة النبوية ما يكفينا عن تلك الخزعبلات والحكايات الخيالية المفبركة التي لا تخدم الإسلام في شئ بل تسئ الى المسلمين وتعكس جهلهم و تخلفهم و إنغماسهم في الركاكة. تحري الدقة و المعقولية في النقل و النشر واجب على كل عاقل يعي ما يقرأ قبل التسرع في النسخ و اللصق. نقطة ضوء: قل للهواء تحسه الأيدي و يخفى عن عيون الناس من أخفاك؟ أميرة عمر بخيت