--- ربما لم يندهش الناس و هم يقرأون تصريح وزارة الصحة الذي نصحتهم فيه بالرقص بعدما زفت اليهم البشرى عبره بأن السودان قد تفوق اخيرا في شيء و ( جا الأول ) على مستوى العالم .. فلقد تفوقنا في نسبة انتشار السرطان و حق لنا بعد هذا التفوق أن نرقص - عملا بنصيحة وزارة الصحة الثمينة .. --- وزارة الصحة التي يحمل سجل ارشيف تصريحاتها و انجازاتها ما يؤكد اصابتها بالعته ، أو بالخرف المبكر ، لم تبد انزعاجا و لم تعرب عن قلق و لم تشرع تساؤلا و لم تدق ناقوس التحذير و لفت الانتباه و هي تطلق التصريح الذي يؤكد ان ثمة *"شيء ما"* وراء انتشار السرطان بتلك النسبة التي وصفها التصريح بالمرعبة .. الوزارة لم تدع جهة للبحث عن *"ذلك الشيء"* و انما فقط - نصحت الناس بالرقص .. و على قدر درجة العته تكون النصائح مثلما أن على قدر أهل العزم تأتي العزائم . --- الأرقام و الإحصاءات التي تعلنها وزارة الصحة بين الفينة و الأخرى مكتفية بوصفها بالمرعبة تارة و المخيفة تارة أخرى ، دون أن تتوقف عندها و تلتفت لغرابتها أو تحاول لفت جهة -- تشير إلى أن هناك ما يستوجب التوقف و الانتباه ، و أن حديث المسؤولين بوزارة الصحة عن الأسباب التقليدية المعروفة التدخين و الدهون و التمباك و اكياس النايلون كمسببات للسرطان لم يعد مناسبا . و أنه لابد أن تقوم جهة ما بالتصدي للبحث عن السبب الحقيقي المسؤول عن ظهور 1000 حالة سرطان جديدة يوميا بالبلاد - و بنسبة ارتفاع 80% كل عام - بحسب تصريح منسوب لوزير الصحة منشور بالإنتباهة . --- نسبة الانتشار العالية و التي أكدت الدكتورة منسق وزارة الصحة لأورام الثدي ، الناصحة بالرقص ، انها النسبة الأعلى في العالم ، و نسبة الانتشار المرتفعة في الشمالية ، و في الجزيرة -- فلا يكاد يخلو بيت في تلك المناطق من اصابة بين أحد افراده -- تعيد الى الأذهان ما نشرته صحيفتا الصحافة و أول النهار قبل سنوات قليلة ، عن مقبرة في الحصحيصا على بعد كيلومترات قليلة من النيل أنشئت -- لإخفاء أطنان من النفايات المسرطنة -- بحسب الصحيفتان . كما تعيد الى الأذهان الأسئلة التي ما زالت مشرعة و مفتوحة عن نفايات سد مروي .. ما طبيعتها و ما حقيقتها .. فليس كافيا أن تعلن وزارة العدل للناس أن ما تم دفنه هناك ليس نفايات خطرة ، و لا يكفي أن يذهب فريق من البرلمان الى مروي للتقصي ثم يعود و يقول لنا أن ما دفن هناك هو ( جرادل بوهية و اسمنت متحجر ) .. فلن يكون ذلك كافيا - ما لم يجيب فريق البرلمان و تجيب وزارة العدل على السؤال : *( جرادل البوهية دافننها مااالا ؟؟! عملت شنو ؟؟ و الاسمنت المتحجر بدل ما يدفنوهو مش كان احسن يجوا يردموا لينا بيهو الحفر و البرك الفي السوق العربي دي ؟؟ لو شوارع و حفر مروي ما محتاجة ليهو ؟ )* .. --- على أية حال : مضى تحقيق صحيفة ( الصحافة ) ، ثم تحقيق ( أول النهار ) - اللذان كشفا عن إنشاء مقبرة بالحصحيصا لإخفاء جريمة كاملة الأركان ، دون أن يلفتا مسؤول أو يوقعا بالمجرم .. أما نفايات سد مروي فبقدر ما خفتت الأحاديث حولها ما زالت التساؤلات التي خلفتها مشرعة لم يجيب عنها أحد .. و ما زال الناس ينتظرون نتيجة اللجنة التي كونها وزير البيئة للنظر في الحاويات المدفونة بأمبدة و التي لا يستبعد أن تكون هي الأخرى ( جرادل بوهية و اسمنت متحجر ) . . و ما زالت السرطانات توالي حصد الأرواح .. إذن لم يتبق أمام الناس سوى العمل بنصيحة وزارة الصحة .. المداومة على الرقص .. لا تحسبوا رقصي بينكم طربا فالطير يرقص مذبوحا من الألم ! عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.