Zuhair Younis [[email protected]] قام الدكتور احمد نظيف رئيس وزراء المصري على رأس وفد يضم خمسة وزراء وعدد من رجال الأعمال المصريون قاموا بزيارة الى اثيوبيا بهدف توطيد العلاقات الإقتصادية بين الدولتين . شملت تلك الزيارة توقيع اتفاقيات لتوسيع الشبكات الكهربائية بين البلدين عبر الجارة المشتركة ، السودان . كما اعلن السيد امين اباظة وزير الزراعة واستصلاح الاراضي عضو الوفد الزائرعن انه سيتم انشاء مزارع ضخمة للثروة الحيوانية في اثيوبيا باستثمارات مصرية خالصة، وباشراف بيطري مصري كامل. وقال الوزير انه بالنسبة لاستيراد اللحوم الاثيوبية فانه تم الاتفاق على استيراد (40) طن لحوم مبردة اسبوعياً الى جانب (3) آلاف رأس حية شهرياً مشيراً الى انه سيتم خلال الفترة المقبلة رفع الكميات المستوردة المبردة الى (600) طن شهرياً لاتاحة الفرصة للمحافظات للحصول على حصص من اللحوم الاثيوبية. حسبى أن هذه الخطوة من الحكومة المصرية لها بَعد سياسي استراتيجي ، إذ أن ثاني أكبر رؤوس الأموال الأجنية المستثمرة في دولة اثيوبيا هي رؤوس أموال إسرائيلية ؛ معظمها في القطاع الزراعي بشقيه النباتي والحيواني . فدخول رأس المال المصري في هذا الدولة الافريقية يحفظ التوازن الاستراتيجي و يحد من الهيمنة الإسرائلية . الا أن مصر قد جاءت متأخرة بعض الشئ ؛ فقد سبقتها اسرائيل بعقدين من الزمان تقريبا. إلحق يقال إن إثيوبيا جديرة بأن تستقطب مثل تلك الإستثمارات بما لديها من مقومات وبنيات تحتية ومما حباها الله من موارد طبيعية من أرض وماء و طبيعة مثلى جاذبة للمستثمر في القطاع الزراعي ؛ لكنني أتسأل هنا عن البعد الإستراتيجي المصري والعربي مما يسمونه بسلة غذاء العالم ! فالسودان ، سلة غذاء العالم ، هي سلة الغذاء المصري والعربي قبل أن تكون سلة غذاء العالم . الا أنني لم أسمع بإستثمارات مصرية أوعربية في السودان مماثلة لتلك التي تم الإتفاق على إنشائها في إثيوبيا . فأين هي الإستراتيجية الغذائية للعالم العربي ياترى ومتى سوف يصبح للسودان مناخا جاذبا للمستثمر العربي وأين هو الخلل في سياستنا الإستثمارية ومتي سوف تصبح السودان سلة لغذاء السودانيون الذين ما زالوا يقتاتون على الذَرة الخشنة والويكة وما دون ذلك احياناً؟ اما ما إستفذني فساقني لكتابة هذه السطور وما إستفذ أخوتنا في اثيوبيا ايضاً هو أن الوفد الوزاري رفيع المستوى قد صحب في زيارته فرقة "للفنون الشعبية" المصرية مكونة من عازف ربابة مصرية ( التس تشبه الماسينكو الإثيوبي الأصيل) وفرقته التي ضمت العازفين على الآلات لم يتجاوز عددهم أصابع اليد ؛ كلهم من ذوى البشرة السمراء (من البني الى الحالك السمرة) وواحدة ، لا أدري إن كانت هي راقصة أم مغنية ، ايضا سمراء وغليظة فهي أشبه بزكيبة مملوءة بالقطن "الفلت" كانت تتأرجح وتترنح في عشوائية مبتذلة ومقرفة . ففي إختيار هولاء السمر من بين الآف الفنانين والفنانات المصريون والمصريات قد أوصل رسالة الى أخوتنا الإثيوبيون ولابناء أفريقيا السمراء عموماً مفادها ( ما هو إحنا برضو عندينا زيّكو ) ! ونسى هولاء أن تاريخهم الفرعوني التليد الذى يتباهون به قد قام على أكتاف ابناء وبنات السمر هولاء ؛ وإن في سمرتنا عزة لنا ومفخرة ؛ فأيهما الأفضل أسمر مأصل أم عربي مجهجه؟ . لم يكن لتكوين الفرقة المصرية بتلك الهيئة فكرة أو مضمون صائب أو مدروس ولم ينتج عن ذلك العرض الهزيل شئ سوى كهربة الأجواء وشحنها ولم يكن له مدلولا سوى تلك النظرة "الفوقية" التى عانى ويعاني منها شعب جنوبالوادي. أما اخوتنا في اثيوبيا فقد تقبلوا هذا الأمر بدهائهم المعهود فلم يَظهروا ضيقا أو تذمرا ولم تفارق إبتسامتهم "الخبيثة" وجوههم وقد قاموا بحصر عرض تلك الفرقة في أحدي القاعات الصغيرة وقد حضر العرض نفر قليل من الساسة والإعلاميون لزوم التغطية الرسمية وليس أكثر من ذلك . وبما أن رد الهدية بأحسن منها هو واجب في الثقافة الإثيوبية ، فقد قامت فرقة الفنون الشعبية الإثيوبية بتقديم عرض خاص للوفد الزائر فرأوا و سمعوا فيه ما لم تره أعينهم وما لم تسمعه آذانهم من فنون الرقص والغناء الأصيل والمأصل (الما خمجان) لشعوب اثيوبيا الضاربة في عمق التاريخ والحضارة الإنسانية . كما قام الوفد بزيارة لبحيرة تانا منبع النيل (بتاعهم) و متحف الحضارات الإنسانية القومي حيث شاهدوا فيه أقدم هيكل عظمى بشري تم إكتشافة على الارض والذي يبلغ من العمر أكثر من ثلاثة مليون سنة ؛ يعني أقدم بكثير من الفراعنة (بتوعهم). عفيت منكم يا أحفاد (النجاشي أمّها) .