"فلاتر التجميل" في الهواتف.. أدوات قاتلة بين يديك    ما هي محظورات الحج للنساء؟    الهلال يعود للتدريبات استعدادًا لمواجهة الشمال    الفَهم البيجِي بعد السّاعة 12    المريخ يواصل عروضه القوية ويكسب انتر نواكشوط بثنائية    شاهد بالفيديو.. هدى عربي وحنان بلوبلو تشعلان حفل زواج إبنة "ترباس" بفواصل من الرقص المثير    شاهد بالفيديو.. قائد لواء البراء بن مالك يهدي الطالبة الحائزة على المركز الأول بامتحانات الشهادة السودانية هدية غالية جداً على نفسه إضافة لهاتف (آيفون 16 برو ماكس) ويعدها بسيارة موديل السنة    شاهد بالصورة والفيديو.. شاب سوداني يحيي حفل من داخل مياه (حوض السباحة) وساخرون: (بقينا فاطين سطر والجاتنا تختانا)    شاهد بالفيديو.. هدى عربي وحنان بلوبلو تشعلان حفل زواج إبنة "ترباس" بفواصل من الرقص المثير    494822061_9663035930475726_3969005193179346163_n    شاهد بالصورة والفيديو.. بالزي القومي السوداني ومن فوقه "تشيرت" النادي.. مواطن سوداني يرقص فرحاً بفوز الأهلي السعودي بأبطال آسيا من المدرجات ويخطف الأضواء من المشجعين    شاهد بالصورة والفيديو.. بالزي القومي السوداني ومن فوقه "تشيرت" النادي.. مواطن سوداني يرقص فرحاً بفوز الأهلي السعودي بأبطال آسيا من المدرجات ويخطف الأضواء من المشجعين    قائد منطقة البحر الأحمر العسكرية يقدم تنويرا للبعثات الدبلوماسية والقنصلية وممثلي المنظمات الدولية والاقليمية حول تطورات الأوضاع    تشيلسي يضرب ليفربول بثلاثية ويتمسك بأمل الأبطال    توجيه عاجل من وزير الطاقة السوداني بشأن الكهرباء    السعودية تستنكر استهداف المرافق الحيوية والبنية التحتية في "بورتسودان وكسلا"    وقف الرحلات بمطار بن غوريون في اسرائيل بعد فشل اعتراض صاروخ أطلق من اليمن    المضادات فشلت في اعتراضه… عدد من المصابين جراء سقوط صاروخ يمني في مطار بن جوريون الاسرائيلي    بورتسودان .. مسيرة واحدة أطلقت خمس دانات أم خمس مسيّرات تم اسقاطها بعد خسائر محدودة في المطار؟    الجيش يوضح بشأن حادثة بورتسودان    "ميتا" تهدد بوقف خدمات فيسبوك وإنستغرام في أكبر دولة إفريقية    الأقمار الصناعية تكشف مواقع جديدة بمطار نيالا للتحكم بالمسيرات ومخابئ لمشغلي المُسيّرات    عزمي عبد الرازق يكتب: هل نحنُ بحاجة إلى سيادة بحرية؟    فاز بهدفين .. أهلي جدة يصنع التاريخ ويتوج بطلًا لنخبة آسيا    بتعادل جنوني.. لايبزيج يؤجل إعلان تتويج بايرن ميونخ    هل هدّد أنشيلوتي البرازيل رفضاً لتسريبات "محرجة" لريال مدريد؟    إسحق أحمد فضل الله يكتب: (ألف ليلة و....)    حين يُجيد العازف التطبيل... ينكسر اللحن    أبوعركي البخيت الفَنان الذي يَحتفظ بشبابه في (حنجرته)    تتسلل إلى الكبد.. "الملاريا الحبشية" ترعب السودانيين    استئناف العمل بمحطة مياه سوبا وتحسين إمدادات المياه في الخرطوم    هيئة مياه الخرطوم تعلن عن خطوة مهمة    تجدد شكاوى المواطنين من سحب مبالغ مالية من تطبيق (بنكك)    ما حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة؟    عركي وفرفور وطه سليمان.. فنانون سودانيون أمام محكمة السوشيال ميديا    تعاون بين الجزيرة والفاو لإصلاح القطاع الزراعي وإعادة الإعمار    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    الكشف عن بشريات بشأن التيار الكهربائي للولاية للشمالية    تبادل جديد لإطلاق النار بين الهند وباكستان    علي طريقة محمد رمضان طه سليمان يثير الجدل في اغنيته الجديده "سوداني كياني"    دراسة: البروتين النباتي سر الحياة الطويلة    في حضرة الجراح: إستعادة التوازن الممكن    التحقيقات تكشف تفاصيل صادمة في قضية الإعلامية سارة خليفة    الجيش يشن غارات جوية على «بارا» وسقوط عشرات الضحايا    وزير المالية يرأس وفد السودان المشارك في إجتماعات الربيع بواشنطن    حملة لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة في مدينة بورتسودان    ارتفاع التضخم في السودان    شندي تحتاج لعمل كبير… بطلوا ثرثرة فوق النيل!!!!!    انتشار مرض "الغدة الدرقية" في دارفور يثير المخاوف    مستشفى الكدرو بالخرطوم بحري يستعد لاستقبال المرضى قريبًا    "مثلث الموت".. عادة يومية بريئة قد تنتهي بك في المستشفى    وفاة اللاعب أرون بوبيندزا في حادثة مأساوية    5 وفيات و19 مصابا في حريق "برج النهدة" بالشارقة    عضو وفد الحكومة السودانية يكشف ل "المحقق" ما دار في الكواليس: بيان محكمة العدل الدولية لم يصدر    ضبط عربة بوكس مستوبيشي بالحاج يوسف وعدد 3 مركبات ZY مسروقة وتوقف متهمين    الدفاع المدني ولاية الجزيرة يسيطر علي حريق باحدي المخازن الملحقة بنادي الاتحاد والمباني المجاورة    حسين خوجلي يكتب: نتنياهو وترامب يفعلان هذا اتعرفون لماذا؟    من حكمته تعالي أن جعل اختلاف ألسنتهم وألوانهم آيةً من آياته الباهرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



امبريالية العالم الثالث .. بقلم: شوقي بدري
نشر في سودانيل يوم 18 - 12 - 2016

الاسبوع الاخير من نوفمبر 2016 كان تاريخ مؤتمر ملاذات آمنة ...او ,, سيف هيفنز ,, في مدينة مالمو السويد . والمدينة مشهورة ... بمدينة المؤتمرات . كان هنالك ممثليبن من كل العالم . والجميل انه كان هنالك حضور جميل من الشباب السوداني والفضل يرجع للإبن منتصر ناصر وآخرين من الجالية الجديدة التي ازدادت حياة بدماء الشباب . وقد يكون السبب هو ان الفنان ابو ذر حامد قد شارك في المؤتمر وقد حضر من النرويج مدعوا من لجنة المؤتمر . ولقد صاحبة شاب مصري بمظهر مميز من قامة طويلة وشعر طويل ، اسمه رامي عصام . وبعد العشاء اللطيف اطرب الفنان ابوذر الجميع باربعة اغنيات مع العزف علي الجيتار الكهربائي ، اشهرهم محكمة . واستمعنا لاغنيتين باللغة الانجليزية . وقدم الشاب رامي عدة اغاني. وما التصقت بالذاكرة ، اغنية الجحش قال للحمار .... وهي من اغاني ميدان التحرير . والقصيدة تشير الى ابن حسني مبارك الذي اراد ان يستلم السلطة من والده . والاغنية الثانية هي اغنية ابو دبورة .
كما عرفت من الاخ ابي ذر فهذه الاغنية عرضت الشاب رامي لتعذيب وحشي . والاغنية كما قال الشاب رامي بنفسه هو انه اعتقل بواسطة ظابط . وكان يحسب ان الامر بسيط وسيطلق سراحة كما حدث معه ومع الكثيرين من شباب ميدان التحرير . وما لم يعرفة ، هو ان البعض قد سجل الفلم لرامي في الفيس بوك ، وعينك ما تشوفش الا النور .
في نهاية الاسبوع تبرع ابوذر بحفل غنائي للجالية السودانية . كان الدخول مجانيا ، ولكن كان هنالك تبرع للراغبين لدعم العمل الاجتماعي . الفنان ابو ذر كان بعفويته اللطيفة وتواضع سوداني يقول لنا باستمرار عند اللقاء ... انا والله سعيد ... انا والله سعيد . وصرت اناديه مداعبا ، بسعيد بعد ان قلت له . حسب ورق المؤتمر اسمك ابوذر لكن انت عرفتنا انه اسمك سعيد . الشكر للفنان ,, ابو ذر حامد ,, .
المفاجئة الكبيرة بالنسبة لي كانت مقابلة المناضل جوزيف براي الذي لم اقابله منذ ان كان طفلا في السبعينات. وحدثت المقابلة بطريقة عفوية . فمن العادة ان ننجذب نحن السود الي بعضنا . وقد كان الاتصال متكاملا في بداية السبعينات . واكاد اقول انني وقتها عرفت كل السود في المدينة . واثناء الحديث سألني جوزيف او جو عن بلدي . ولم اتعرف علية . لانه قد صار رجلا بقوة هرقلية بالرغم من قامته المتوسطة . وعندما اخبرته بأنني من السودان وجدت انه من الادب ان اسأله عن بلدة بالرغم من لغته السويدية كاملة الدسم . كان رده انا من جزيرة في المحيط لن تعرفها . ثم واصل انا من بابوا . فقلت له .... انت من الجزء المحتل من اندونيسيا . انت تلميد ايفا فيبرق .
اتسعت عينا جو وكانه غير مصدق وعلا صوته مستغربا كيف عرفته ؟! فقلت له انني قد ارتبطت بتلك السيدة الرائعة لقرابة ربع قرن . ومن الصعب ان يجد الانسان بشرا في تفانيها وحبها لمساعدة الآخرين، والالتزام بالفكر الاشتراكي الانساني والبعد عن التشنج الشيوعي . فقال جو انه يدين لها بالكثير ولولا ايفا فيبرق فربما لا نجح في حياته الدراسية. لانه حضر الي السويد وهو في الثامنة من عمره وكان يتكلم اللغة المالية والهولندية ولغة الام . ولم يكن يعرف كلمة واحدة من السويدية . والآن هو يدرس السويدية مع مواد مختلفة وله نشاطات اجتماعية وسياسية واسعة منها النضال من اجل شعبه وبلده . ان وجود الملاذات الآمنة رهين بوجدود البشر الرائعين والا صارت الملاذات الآمنة غرفا من الأسمنت بلا حياة او روح .
بجانب الطالبة الجامعية ايفا فيبرج كان هنالك مجموعة من الفتيات تزوجن بسودانيين على الاوراق لكي يحصلوا على ملاذات آمنة احداهن انا نيمان الشوعيبة التي تنحدر من اسرة ميسورة في المدينة الجامعية . والبعض قد تزوج سويديات عن حب صادق وكون اسرا رائعة . وايراد قصة ايفا الغرض منه الاشارة لتضحيات وروعة البعض . واسطورة السياسة السويدية ورئيس الوزراء اولوف بالما تزوج في بداية شبابه صوريا بفتاة بولندية لكي لا تعاد الى بولندة . وعندما كان العالم مشغولا بحرب السويس في 1956 اجتاحت الدبابات الروسية المجر وسحقت الانتفاضة . وهرب 200 الف من المجريين الى الغرب وجد 8 الف منهم ملاذا آمنا في السويد .
عندما قابلت الطالبة الجامعية افا كانت تدرس اللغة الانجليزية والالمانية في الجامعة . وكان الاخوة السودانيون يجدون صعوبة في التحصل على الاقامة . ولم تتردد افا في الاقتران علي الاوراق بالاخ أ . م .. . وبعد ان اكملت دراستها عملت لسنه كسكرتيرة في الشركة اوكر لوند اوك رواسينق التي تطوردت لتصير اكبر شركات التغليف والتعبئة في العالم ... تترا باك . ولكنها كانت تقول انها تريد ان تقدم للناس . والتحقت بكلية التعليم . وعندما تخرجت كان الجميع بتفادون المدارس التي يكثر فيها الاجانب . ولاكنها اصرت على العمل في حي روزنقورد الذي صار سكانه اليوم 100 % من الاجانب اليوم . والحي اكبر حي في المدينة . والمدرسة كانت بالقرب من العمارة التي سكنها اسطورة الكرة السويدة البوسني ازلاطان ابراهيموفتش في طفولته وشبابه ، واليوم يقام له تمثالا في العاصمة فلقد وجدت اسرته ملاذا آمنا في السويد . وقتها كان السويديون يشاركون الاجانب الحي . وكان لبعض الاسر السويدية مشاكل اكبر من مشاكل الاجانب تعقدت بسبب الخمر والمخدرات .
ايفا كانت تتكلم عن تلميذها جو بحب شديد وكانت تعجب بقوة شخصيته واجتهاده في ا ن ينجح وان يكون مميزا . بالرغم من انتزاعة من بيئته فجأة وحضورة لمجتمع مجتلف جدا . وربما كانت مهتمة به بسبب ارتباطها برجل اسود . وكان لها طالبين آخرين اجتهدت في مساعدتهم . احدهم صيني مهذب يتحصل علي كامل الدرجات في كل المواد . واحتالت ايفا في التواصل مع اهله وزيارتهم. وكانت تحاول بالطرق الدبلوماسية ان تقول لهم ان الانضباط الشديد قد يكون أسوأ من اهمال الوالدين ،لأن الطفل يحتاج للهو واللعب والاختلاط بالاصدقاء مثل اجتهاده ونجاحه في الدراسة . وانه من الخطأ وضع سقف عالي للأطفال ومطالبتهم بعدم القبول باقل من النمر الاعلى . وهذا قد يكون كارثة . الحالة الثالثة كانت فتاة يونانية كان والدها يمتلك متجرا يبيع المأكولات اليونانية . ففي يوم من الايام وجدت كيلوجرامين من المكسرات . ولانني اعرف انها تتخير طعامها بعناية كبيرة فهي لا تدخن او تتعاطي الخمور ولا تأكل الملح او السكر ولا تتنقل الا بالدراجة طيلة العام ، فلقد استغربت . وعرفت انها ارادت ان تبدا الحوار مع والد التلميذة بخصوص ابنته . واليوناني كان يطلب من ابنته عدم الاهتمام بدروسها لانها ستساعده في المتجر بعد اكمال السنة التاسعة وهي السن الاجبارية . وهذا ما يقوم به بعض العرب اليوم . تعليم ايه ؟... المصاري المصاري .
اقنعت ايفا اليوناني بأن ابنته تستطيع ان تدرس في الجامعة وتتفوق لانها تتمتع بذكاء شديد . واقتنع الرجل . ومن الاشياء التي اتذكرها انها قالت لي في احد الايام انه قد التحق بفصلها طالب سويدي مهذب مرتب الثياب علي عكس الكثيرين . ووصفته بالطالب المثالي ، الا انها واصلت ...المشكلة هي والديه ... وكنت اظنها ستقول انهم قساة او مدمنون للخمر او المخدرات . الا انها كرمشت انفها قبل ان تقول ... انهم مسيحيون متشددون .
هذه السيدة كانت تقوم بحملة واسعة لجمع المال لاطفال سوفيتو في جوهانزبيرق جنوب افريقيا مع مدرسة اخرى . وكانتا يتواصلان مع منظمات نسوية في جنوب افريقيا . ومن حر مالهما سافرتا الي جنوب افريقيا ، اخذتا بعض المعينات المدرسية وشيكا بالمال الذي جمع من التلاميد والمنظمات السويدية. وهذا في ايام النظام العنصري . وكانا يقفان خلف المدرسة السوداء التي قدمت الشيك للموظفة البيضاء في البنك التي وضعت الشيك علي الجنب . وسألت ايفا عن الخدمة التي يطلبنها بلطف وادب . فقالت ايفا نحن هنا في معية السيدة . وكان السؤال اي سيدة ؟ كما عرفت من ايفا.. انها انفعلت وتحدثت بغضب مع الموظفة . وهذا شئ لم اعهده بالرغم من كل الألم الذي سببته لها في تلك السنين .
من العادة ان السويديون يذهبون للتزحلق على الجليد في ما يعرف بالإجازة الرياضة . ومن الاماكن المحبوبة جبال شمال السويد او النمسا . ولان اطفال الاجانب لا يحظون بهذا الترف بسبب المال او لعدم اهتمام الوالدين حتى اذا توفر المال فلهم اسبقيات أخر . وبعد جهد اسطوري تمكنت من جمع مال يكفي لاستئجار بصين واقامة في فندق مع الاكل لاطفال الاجانب في النمسا.
التعليم قبل الثانوي في اوربا يحدث عن طريق استاذ واحد يتابع الفصل لثلاثة سنوات او مرحلة تعليمية . ، ويدرس كل المواد فيما عدى الموسيقي الاعمال اليدوية والرياضة . ولهذه المواد استاذ متخصص .ويعطي هذا لاستاذ الفرصة لكي يتعرف علي التلاميذ عن قرب وملاصقة . ويعرف كل كبيرة وصغيرة عنهم . وتواجد مجموعة من المدرسين يتناوبون تدريس النشء يخلق نوعا من الارتباك . ويكون هنالك متخصصين لمساعدة التلاميذ الضعفاء او المشاغبين . ويسدون الفراغ عند تغيب مدرس ما . أن التعليم هو اهم وافيد استثمال تمارسه الدولة . واليوم ترفع الانقاذ يدها عن اهم مسئولية .
كتاب الفكر السوداني للأستاذ محجوب عمر باشري يشتمل علي مئة من المفكرين السودانيين الذين صاغوا الفكر السوداني . ونجد ان ابراهيم بدري قد طرح فكرة المدرسة ذات المدرس الواحد لتسهيل انتشار التعليم خاصة في الارياف . وقد طبقها في جبيت عندما كان مفتشا . ويمكن بعد ان تنكشح الانقاذ بكل شرورها ان يطبق هذا النظام . والعم حسن نجيلة قد عمل مع الكبابيش كمدرس يتنقل معهم .
المدرس لا يجد اليوم ما يسد رمقه واسرته ويتأخر مرتبه لعدة شهور وينتظره معاش هايف عند تقاعده ، من المفروض ان يبدع ويحترق لكي يكمل رسالته النبيلة فيخلق جيل او جيلين من المواطنين . والمشكلة في بلادنا ان البعض يصير نجارا وهو يكره الخشب والمهنة او ميكانيكيا لانه لم يجد مهنة اخرى او مدرسا وهو يكره الاطفال ولا يتمتع بطول البال او الاحساس بالمسئولية .
احتاج السودانيون لإ شعال النار في احدي رحلاتنا ولم نجد الزناد او الكبريت الا في حقيبة ايفا . واستغربت لانها لاتدخن . وردها كان ... انتم السودانيون من اروع البشر لكنكم اسوأ الناس في الترتيبات والتحضير . كثيرا ما يبحثون عن الولاعة حتى لاشعال السجاير . وانا اجد متعة في ان اقدم اى مساعدة ، ولهذا احتفظ بمقص وخيوط وابر الخياطة وضماضات وحبوب الصداع واشياء كثيرة قد يحتاجها التلميذ او اي شخص ما .
في يوم تأخرت ايفا في الخروج لدراجتها والذهاب الي المدرسة وانا اذهب الي المكتب بعد التاسعة . وطلبت مني تحويل سيارتي لانني قد اتعرض لغرامة . ورفضت لانه لم يحدث ان تحصلت علي غرامة كل تلك السنين . وبعد تردد عرفت انني قد تحصلت علي غرامات بمعدل واحدة في الشهر او الشهرين : خاصة في اليوم الذي يكنس فيه الشارع . وكانت تدفعها بدون ان تخبرني حتى لا اتضايق . وعندما تركت 600 كرونة لشراع هدية ميلاد وتساوي وقتها 120 دولارا وذهبت الي السودان ورجعت لاجد الفلوس في مكانها وعذرها انها لن تشتري هدية لنفسها بهذا المبلغ الكبير وفي العالم اطفال جياع .
كثيرا ما كان البعض يبدأ الاجتماع بالاشادة بسكرتيرتنا التي تكتب قطعا ادبية بالسويدية الانجليزية او الالمانية . فالسيدة ايفا كانت تضحي بشهر من اجازتها متطوعة عندما تذهب السكرتيرة لاجازة .
لهذا نجح جوزيف براي لأنه يوجد في العالم من يهتم . جوزيف كان يقول لي ان الحياة لم تكن سهلة لأن والدة الرجل المهم والجنرال الذي ادار حرب التحرير وقاد الرجال لم يجد نفسه ، وهو لاجئ في اوربا بعيدا عن رجاله وكان قاسيا مع ابنه في بعض الاحيان نتيجة الاحباط . وليس في كل السويد شخص من وطنه . السيدة جائيل التي كانت تهتم بالمحاربين واطعامهم مثل البطلة ربيكا زوجة الزعيم جون قرنق وجدت نفسها مهمشة في مجتمع غريب بسبب امبريالية العالم الثالث . ويشكر جو استاذته ايفا فيبرق لانها كانت ملاذه الآمن .
اندهش جوزيف لمعرفتي بتيمور الشرقية التي انفصت من اندونيسيا بعد حوادث 1975 عندما احتل محاربو تيمور الشرقية مدرسة هولندية والقطار. ولاول مرة عرف العالم قضية تيمور الشرقية التي احتلتها اندونيسيا والتي صارت قوة امبريالية في المنطقة بعد استقلالها من هولندة . وتيمور
الشرقية كانت مستعمرة برتغالية مثل الفلبين ولكن احتلتها هولندة ثم اليابان في خلال الحرب العالمية الثانية
. وكنت احذر جو براير من ان مصير بابوا قد يكون مثل مصير تيمور الشرقية بعد الاستقلال . فتيمور الشرقية اليوم من اتعس بلاد العالم تحكمها آلاف من العصابات ويتفشى فيها الفساد والقتل وكل مصائب الدنيا . وقد اخطأت امريكا والأمم المتحدة في ناميبيا التي سلمتها لجنوب افريقيا العنصرية بعد الحرب العالمية الاولى والتي حكمتها كمستعمرة ، وتركت جروحا غائرة ،فقد استخدمت بعض القبائل كالبوشمن في الجيش لمحاربة المحاربين الوطنيين . ومن ناميبيا ساعدت جنوب افريقيا الخائن سافيمبي رئيس منظمة يونيتا في حربه ضد الرئيس اوقستينو نيتو وقتل اهله في انجولا . واستعانت انجولا بالجنود الكوبيين .
واريتريا سلمتها الامم المتحدة لنظام هيلاسلاسي الاقطاعي واريتريا كان تتمتع بالتعليم والتطور مقارنة باثيوبيا . والصحراء الغربية تخلت عنها اسبانيا . واقتسمتها موريتانيا والجزء الاكبر ذهب الي المغرب ولا يزال البوليساريو يحاربون لنيل الاستقلال . وسبتا وملينة علي البحر المتوسط لا تزالا كدمل داخل الاراضي المغربية وتحت الاحتلال الاسباني جزر الكناري قد ضاعت ولم تعد افريقية مثل ماديرا التي صارت برتغالية. والمغرب يتفرعن على البوليساريو . والاسبان يتباكون علي احتلال البريطانيين لجبل طارق . انه عالم مجنون . فالامم المتحدة وخاصة الاتحاد السوفيتي وقفت بجانب اليهود ضد العرب في 1948 . ولكن العرب كانوا اسوأ الاعداءلانفسهم .
سلمت الامم المتحدة بابوا لاندونيسيا اللتي تعاملت معها ولا تزال كمستعمرة . وشعب بابوا واشقائهم في بابوا غينية يحبون الطبيعة ويحترمون الاشجار واندونيسيا وكل جنوب شرق آسيا لايفكرون في اى شئ سوي زرع زيت النخيل بعد قطع الغابات والعالم يريد مستحضرات التجميل والصابون والشامبو . واندونيسيا اليوم من الدول الكبرى . وتمارس الامبريالية . ويعد التخلص من الرئيس احمد سوكارنوا في الستينات بواسطة المخابرات الامريكية . صارت بابوا تحت رحمة امبريالية العالم الثالث . متمثلة في اندونيسيا عملاق المنطقة . وللوقوف امام شيطان الشيوعية كما يظن الامريكان تكالب ثلاثة من الضباع علي بابوا ... المخابرات الامريكية التمدد الاسترالي وامبريالية العالم الثالث متمثلة في اندونيسيا . التي استقلت في 1945. ولكن بعد الانقلاب العسكري في الستينات صارت قوة ياطشة ضد الجميع .
احمد سوكارنو وجوزيف بروس تيتو اليوغوسلافي وجواهر لال نهرو الرئيس الهندي هم منظمي مؤتمر باندونق لدول عدم الانحياز . وحاول جمال طرد الوفد السوداني لانه هو من يمثل السودان الذي ليس بدولة . واخرج الازهري منديلا ابيضا كتب عليه السودان لايزال المنديل في متحف اندونيسيا . ولم يعجب الحال امريكا . وكانت الاطاحة باحمد سوكارنوا بواسطة انقلاب سوهارتو وذبح الوطنيين والشيوعيون في الشوارع . واطيح ب ,,لي شاوشي ,, الشيوعي في بكين لانه كان مسئولا عن دعم الشيوعيين في اندونيسا والتخطيط لهم . وكالعادة اعطي الامر صبغة اسلامية . واستغل الامريكان الدين الاسلامي لمحاربة الافكار الاشتراكية والوطنية بغباء الامريكان وسذاجتهم . ومن مصائبهم معضلة ابو سياف في الفلبين . والتطرف الاسلامي والانفجارات في جزيرة بالي ومراكز السياحة في اندونيسيا . ورعاة البقر الامريكان كالعادة لا يرون الا ما تحت اقدامهم . واغلب مصائب العالم ناتجة من قصر نظرهم .
في 1968 وبعد مؤتمر الشباب في صوفيا بلغاريا تعرفت بثلاثة من الشابات الشيوعيات من استراليا احداهن الشابة لين التي نركت ذكري عندي لا يمكن نسيانها . وكن يتحدثن عن النظرة العتصرية شبه النازية عن الكثير من الاستراليين . وبعضهم ابناء المجرمين الذين احضروا بالقوة من بريطانيا او الكاثوليك المبعدين خاصة الآيرلنديين . ولكنهم يعارضون الهجرة لغير البيض لاستراليا . والملصقات في كل مكان تشجع الشباب للتطوع لحرب فيتنام . وسهم يبدا من الصين الي استراليا وعبارة اذا لم نحاربهم هنالك فسنضطر لمحاربتهم في استراليا .
واليوم يقول وزير الهجرة اسكوت موريسون بكل صلف وصفاقة ... ان علي الجميع ان يعرفوا انه لا مجال لهم في الحصول علي ملاذات آمنة ولن يضعوا اقدامهم في استراليا . والغريب ان سلاح الطيران الاسترالي كان يحارب دائما تحت شعار سلاح الطيران الملكي . وقامت استراليا بعقد اتفاق مع بابوا غينيا لاستئجار جزيرة مانوس لاسكان آلاف الباحثين عن ملاذات آمنة .
وبالرغم من وعد استراليا بايجاد فرص عمل في الجزيرة لم يجد سوى القليل وظائف هامشية مثل غسل الاطباق وقص الحشائش . وتعرض طالبي اللجوء للتعذيب والاهانة والقتل في بعض الحالات . لقد كنت اقول لاحد الاستراليين ان البعض قد سرق ارضا او قطرا ولكنكم سرقتم غارة كامله . والى 1967 كان السود من سكان استراليا الاصليين لا يعتبرون حسب القانون كمواطنيبن بل جزء من مملكة الحيوان وفي القرن التاسع عشر كانوا يطلقون عليهم النار مثل الحيوانات الضارة . ولقد احضر البيض الحيوانات الضارة مثل الارانب وكلاب الدينقو وضفاضع قصب السكر للقضاء علي الحشرات وصارت تغطي مساحات واسعة ولا يمكن التخلص منها لدرجة انها تسبب في انزلاق السيارات باعدادها الخرافية . والغريب ان الهولندين هم من اكتشفوا استراليل قبل البريطانيين ولكنهم لم يستقرا فيها .
وعندما بدأت الاحتجاجات في بابوا غينيا بسبب جزيرة مانوس ، بدأت استراليا مناقشة كمبوديا الفقيرة لاستقبال اللاجئين . ووضع الباحثين عن ملاذتات آمنة في جزيرة مانوس مثل وضع المعتقلين في قوانتناموا الكوبية . ان امام البشرية طريق طويل لتحقيق العدالة .
نحن المسلمون نناصر كل الانظمة او الدول الاسلامية والعربية . واندونيسيا هي اكبر دولة اسلامية . ولهذا يدافع العرب عن سياسة اندونسيا بدون التوقف لمعرفة الحاصل . فشعب يابوا تعداده حوالي 800الف نسمة . وعدد الاندونيسيين 300 مليون نسمة . واندونيسيا لا تحترم العباد او البلاد وهي تحتاج لاراضي جديدة . ولقد اضطر شعب بابوا لتقبل المساعدات الاسرائيلية بعد ان طحنتهم اتمبريالية العالم الثالث . خاصة في 1978 و 1279 . والسيد جوكوب براي كان طالبا في كلية الحقوق في جامعة سندراواسي التي لا وجدود لها الآن فلقد سحقت مع ما سحق . وكانت حرب التحرير . وذهب الشباب من بابوا الي اسرائيل بقيادة جيكوب براي ورحب بهم موشى ديان وتدربوا علي القتال . وتكفل الكولونيل اسماعيل بادارة المتمردين بشراسة الي ان اوقع في كمين فقد فيه 6 من قواده . ولكن اطلق سراحه توقعا لمناقشات سلام . ولكن امريكا واستراليا لم يريدا ان تستقل بابوا لأن امريكا واستراليا كانا في حالة دعم ووئام مع نظام سوهارتوا العسكري الذي كان ينفذ كل طلباتهم . والجميع يقولون ان شعب بابوا قد صوت للنضمام لاندونيسيا . والجميع يعرف ان التصويت كان عن طريق البندقية والترهيب والترغيب في وقت لم يكن فيه متعلمون في بابوا . ولا يزال اهل بابوا وبابوا غينية يعتبرون من المتوحشين . وان اندونيسيا واستراليا تقدم لهم خدمات ليدخلوا في عالم الحضارة ، وتساعدهم في التخلص من عادة اكل لحوم البشر . وهذه التهمة يواجهها كل اهل المنطقة . ولقد عانى السودانيون من هذه التهمة .وكان المصريون حتي الى عهد قريب يحسبون ان الوحوش تتجول في الخرطوم وان النيان نيام في السودان يأكلون البشر .
لقد درست اغلب كتب المكتشفين الاوربيين مثل ليفنقستون . وبيرتن ،قرانت ، اسبيك ،دي شولو وسيسيل رودس وآخرين ولكن لم اجد ابدا من قال انه في القرية المعينة في افريقيا قد وجد فلانا وفلانا يأكلون لحما بشريا الخ. ولكن قد وثق لاكل الاوربيين لحم بشر خاصة في حصار استالينقراد ولينين قراد في الحرب العالمية الاخيرة .
الاسترالي توم انويت قد اكد للمناضل جوكوب براي انه سيعدم اذا لم يغادر البلاد ولكن لم تقبل اي دولة باستقباله سوى السويد التي ارسل اليها ابنه جوزيف براي الطفل وزوجنه جائيل . ولحق بهم فيما بعد .
في الحفل السوداني الذي دعوت له جوزيف براي وخطيبته ، كان سعيدا بالحضور . وكان يقول لي متحسرأ.. انا احس بحبكم ومعرفتكم ببعضكم بالرغم من عددكم الكبير، كما احس بترابطكم . انا كل حياتي كنت اتشوق لان اقابل شخصا من بلدي . وكنت اقول له ان السودانيين قديما لم يكن يتركون بلادهم . وكان الآخرون يأتون للسودان لكي يتحصلوا على ملاذات آمنة . والآن السودانيون في كل مكان ومن الممكن جدا انه يوجد بين ,, المعتقلين ,, في جزيرة مانس في بلاده سودانيون كانوا يحلمون بايجاد ملاذات آمنة وحياة سعيدة في استراليا . انها محن الدنيا .
جوزيف براي السويدي من اصل باباوي
http://i.imgur.com/uauPUZT.jpg
صور من بابوا
http://i.imgur.com/ir7U1CN.jpg
http://i.imgur.com/9Y7VPDb.jpg
http://i.imgur.com/jUWEcHR.jpg
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.