عقد الخبير المستقل لحقوق الإنسان، اريستيد ننوسي، لقاءات مع مسؤولين حكوميين وآخرون في المجتمع المدني، فور وصوله للخرطوم، في زيارته الثالثة، والمستمرة حتى الثاني والعشرين من الشهر الحالي. ويرى مراقبون أن هذه الزيارة أتت في توقيت حرج بالنسبة للحكومة السودانية، فقد تمت بعد أيام من تبني مجلس الأمن الدولي بالإجماع القرار رقم 2340، الذي مدد فيه ولاية فريق الخبراء المعني بلجنة تنفيذ العقوبات على السودان. وتأتي أهمية زيارة ننوسي، كذلك، لكونها تجيء قبل إعداد تقريره الأخير لمجلس حقوق الإنسان. وركزت بدرية سليمان، نائبة رئيس المجلس الوطني، خلال لقائها الخبير المستقل على اطلاعه على سعي الحكومة لإجراء بعض التعديلات على وثيقة حقوق الإنسان وبعض القوانين ذات الصلة المباشرة بهاذ الشأن. وبينت مجالات تقديم الدعم الفني والمساعدات في مجال حقوق الإنسان. وحضر اجتماع سليمان وننوسي، وفد المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، وممثل وزارة الخارجية ولجنة التشريع والعدل في المجلس الوطني ولجنتي حقوق الإنسان بكل من المجلس الوطني ومجلس الولايات. كذلك، أطلع هاشم علي سالم، الأمين العام للحوار الوطني، على تطورات مؤتمر الحوار الوطني والترتيبات المتعلقة به خلال المرحلة المقبلة. وقال سالم إن «الخبير المستقل وعد بتضمين مخرجات الحوار الوطني في تقريره»، مؤكدا «سعيه لبذل جهود أخرى لإقناع الذين لم يوقعوا على الوثيقة الوطنية من المعارضة والحركات المسلحة». وطالب ننوسي منظمات المجتمع المدني السودانية التي تنشط في الدفاع عن حقوق الإنسان، ب«ضرورة التنسيق مع بعضها البعض للحصول على المساعدات الفنية من الحكومة ومكاتب الأممالمتحدة والتشبيك فيما بينها من خلال مشروعات مشتركة». وأضاف في لقاء مفتوح مع منظمات المجتمع المدني، أن «البعثة الفنية الدولية التي ستصل السودان في شهر آذار/ مارس القادم، لتقييم الاحتياجات في هذا المجال». ولفت إلى «أهمية وجود منظمات مجتمع مدني قوية لأنها العين التي تشهد على أداء الحكومة في حالة انتهاك حقوق الإنسان أو في حال صيانتها». كما أشاد بمنظمات المجتمع المدني السودانية، مؤكداً أنهم يتابعون الحكومة السودانية إذا عززت أوضاع حقوق الإنسان أو انتهكتها. ويرى الصحافي أيمن مستور، أن هناك العديد من الملفات التي تنتظر الخبير المستقل في زيارته الثالثة إلى البلاد، «بعضها ظهر حديثاً وبعضها ظل ماثلاً طوال زياراته الماضية ولم يحسم رغم توصياته المتكررة وتعليقاته التي يرسلها لمجلس حقوق الانسان». وأضاف: «في هذا الوقت الذي يتجول فيه الخبير في شوارع الخرطوم، تشهد بعض المناطق والأحياء احتجاجات واعتصامات متكررة تنديداً بحقوق اجتماعية يرى المحتجون أنها انتُهكت». وعدد مستور أبرز الملفات الجديدة والمتمثلة في الاعتقالات والمحاكمات التي تطال بعض الناشطين في حقوق الانسان والمجتمع المدني، وقضية مضوي ابراهيم أستاذ الهندسة في جامعة الخرطوم والذي يعد أبرز المعتقلين حالياً، وقد دخل الأخير في اضراب عن الطعام قرابة الأسبوعين احتجاجا على احتجازه دون تقديمه لمحاكمة. وبين أن أهم القضايا المدرجة في مجلس حقوق الإنسان، متمثلة في قضية ضحايا احتجاجات أيلول/ سبتمبر2013، التي لا تزال معلقة رغم طلب الخبير المستقل في زيارته السابقة إجراء تحقيق قضائي مستقل حولها ومحاسبة المتورطين. وعيّن مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة ننوسي خبيرا مستقلا لحقوق الإنسان في 2014، وهو من دولة بنين. وبينما تنشط الحكومة السودانية في تأكيد تحسن ملف حقوق الإنسان في البلاد، يرى كثير من الناشطين عكس ذلك. وترتبط هذه الزيارة بالزيارات السابقة، وتتعلق مباشرة بالبند العاشر الذي نص على المساعدات الفنية للسودان، مقابل إجراء إصلاحات قانونية وتشريعية على النصوص المتعارضة مع دستور 2005، والقوانين المعيقة للوصول إلى العدالة. وستشهد الفترة المقبلة حراكا متصلا لننوسي في العاصمة والولايات، لكن أبرز زوايا هذه الملف تتعلق بزيارته المرتقبة منطقتي سورتوني والجنينة في دارفور، وتعقبها اجتماعات أخرى في الخرطوم. تجدر الإشارة إلى أن قرار مجلس الأمن الدولي في الأسبوع الماضي ركز على أن الوضع في السودان لا يزال يشكل تهديدا للسلم والأمن الدوليين في المنطقة. وفي هذا الصدد دعا المجلس حكومة السودان الوفاء بالتزاماتها، بما في ذلك رفع حالة الطوارئ والسماح بحرية التعبير وبذل جهود فعالة لضمان مساءلة الانتهاكات والتجاوزات في حقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي، أيا كان مرتكبوها.