محمد وداعة: الجنجويدي التشادى .. الأمين الدودو خاطري    شركة توزيع الكهرباء تعتذر عن القطوعات وتناشد بالترشيد    وكالة الفضاء الأوروبية تنشر صورا مذهلة ل "عناكب المريخ" – شاهد    والي ولاية الخرطوم يقف على إنجاز الطوف المشترك لضبطه متعاونين مع المليشيا ومعتادي إجرام    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    والي ولاية الخرطوم يقف على إنجاز الطوف المشترك لضبطه متعاونين مع المليشيا ومعتادي إجرام    "منطقة حرة ورخصة ذهبية" في رأس الحكمة.. في صالح الإمارات أم مصر؟    بايدن يعين"ليز جراندي" مبعوثة للشؤون الإنسانية في الشرق الأوسط    مصادر: البرهان قد يزور مصر قريباً    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    إقصاء الزعيم!    برشلونة: تشافي سيواصل تدريب الفريق بعد تراجعه عن قرار الرحيل    لطرد التابعة والعين.. جزائريون يُعلقون تمائم التفيفرة والحلتيت    إيفرتون يصعق ليفربول بثنائية    حدثت في فيلم كوميدي عام 2004، بايدن كتبوا له "وقفة" ليصمت فقرأها ضمن خطابه – فيديو    الحلم الذي لم يكتمل مع الزعيم؟!    الجيش يقصف مواقع الدعم في جبرة واللاجئين تدعو إلى وضع حد فوري لأعمال العنف العبثية    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    أحلام تدعو بالشفاء العاجل لخادم الحرمين الشريفين    السودان..رصد 3″ طائرات درون" في مروي    دبابيس ودالشريف    البيت الأبيض: يجب على الصين السماح ببيع تطبيق تيك توك    في أول تقسيمة رئيسية للمريخ..الأصفر يكسب الأحمر برعاية وتألق لافت لنجوم الشباب    كواسي إبياه سيعيد لكرتنا السودانيةهيبتها المفقودة،،    خادم الحرمين الشريفين يدخل المستشفى    وزير الخارجية المكلف يتسلم اوراق اعتماد سفير اوكرانيا لدى السودان    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    شاهد بالصورة والفيديو.. شاب سوداني يترك عمله في عمان ويعود للسودان ليقاتل مع الجيش في معركة الكرامة.. وثق رحلته من مسقط حتى عطبرة ليصل أم درمان ويحمل السلاح ويطمئن المواطنين    شاهد بالصورة والفيديو.. إعلامية مصرية حسناء تشارك في حفل سوداني بالقاهرة وتردد مع الفنانة إيلاف عبد العزيز أغنيتها الترند "مقادير" بصوت عذب وجميل    شاهد بالصورة والفيديو.. "دعامي" يظهر في أحضان حسناء عربية ويطالبها بالدعاء بأن ينصر الله "الجاهزية" على "الجيش" وساخرون: (دي بتكمل قروشك يا مسكين)    العين إلى نهائي دوري أبطال آسيا على حساب الهلال السعودي    تطعيم مليون رأس من الماشية بالنيل الأبيض    إثر انقلاب مركب مهاجرين قبالة جيبوتي .. 21 قتيلاً و23 مفقوداً    عن ظاهرة الترامبية    مدير شرطة ولاية نهرالنيل يشيد بمجهودات العاملين بالهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس    إيقاف حارس مرمى إيراني بسبب واقعة "الحضن"    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الإثنين    نصيب (البنات).!    صلاح السعدني ابن الريف العفيف    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حكة في الجركس .. بقلم: شوقي بدري
نشر في سودانيل يوم 11 - 04 - 2017

من المهن التي مارستها في امدرمان بجانب انني كنت نواتي حواتي ، نقاش تربال نجار هي مهنة العجلاتية . كما كنت صبي ميكانيكي مع رفيق الدرب عثمان ناصر ولا يزال اصبعي ,,الوسطى ,, في يدي اليسري يعاني من قلة الاحساس بسبب قطع احتاج لخياطة في حوادث امدرمان . المكافأة كانت تعليمي قيادة السيارة علي عربة كومر في الفضاء الذي صار استاد المريخ . كثيرا عندما اقود السيارة اتذكر رفيق الدرب عثمان بارك الله في حله وترحاله .
بدأت علاقتي مع العجلة عندما حضر العم يوسف ميرغني شكاك بالبوكس الذي يغطيه مشمع عالي بلون كاكي . كان العم الى انتقاله لجوار ربه طيب الله ثراه ، يهب حياته لخدمة البشر . ويمتلئ منزله بالكثير من الاسرة والعناقريب متوقعا الضيوف من الرباطاب وغير الرباطاب . واغلب اهل الرباطاب يتلقون خطاباتهم عن طريق صندوقه البريدي .وانزل عجلة لشقيقي الشنقيطي الذي يكبرني بسنتين ولكن العجل صارت تخصني اكثر منه . وبسرعة تعلمت اصلاح العجلة وتشحيمها . وقبل ان ابلغ العاشرة كنت استطيع ان افك الفرويل . والفرويل هو الترس الذي يدور وله اسنان لكي يدفع العجلة عن طريق الجنزير .
الفرويل يحتوي علي قطع صغيرة كثيرة بجانب البلي . ويحتاج لسلك قوي من الصلب ويؤدي عمل الياي . ويحدث ما يعرف بالانجليزية ب ,, متال فاتيق ,, او استرخاء ... تعب المعدن . و يدور الفرويل في الفاضي . بعض اهل البادية كانوا يسالون عن فرويل قديم . وكان صديقي العجلاتي الملاكم عبد الرحمن كيكس رحمة الله عليه يقول... عاوز تكتل متو ؟ فبما ان الفرويل يدخله عمود العجلة الخلفية ، فيدخل البعض الفرويل في نهاية العصا . ويصير هذا سلاحا مميتا . او يخلون العكاز في
وقبل ان ابلغ العاشرة كنت اقوم بتشحيم الفرويل في الصباح الباكر . وناداني والدي وسلمني ابريق الطلس لملئه بالماء . وعندما تسلم الابريق تلوثت يده بالشحم . ووجدت نفسي منبطحا ارضا والماء يغطي جسمي في صباح شتوي بارد . والضرب والعقوبات الجسدية لم تكن معهودة في منزلنا . ولكن المنع من الخروج الذي كان بالنسبة لي ا قسى . وزملاء الطفولة كانوا يتعرضون للجلد واغلب البيوت تحتوي على سوط عنج . ويقول الصحاب ... دقة تفوت ولا حد يموت . ولا تتوقف شيطنتنا .
البارحة وللمرة الثالثة في ايام معدودة كانت دراجة ابني فقوق نقور تحتاج لرقعة او تغيير الانبوب الداخلي . ما يصعب العملية ان الدراجات لها اكثر من فرويل اوجهاز تحويل السرعة ... جربوكس . والمشكلة انهم لا يتوقفون عند الترتوار وتحدث ما كنا نسميه ,,بقرضة ,, . على عكس الخرم الذي قديما كان يحدث بسبب الدوس على مسمار، قطعة زجاج او ساسوسية كما يقول اهلنا الرباطاب .
العجلة مهمة جدا في السويد احد الضيوف استغرب من العجلات التي تملأ الحوش وكان عندنا 12 عجلة في بعض الاحيان . بعضها ينتظر الاصلاح . فقلت له في السويد لو في سويدي ما عندو عجلة اهله بتبرو منه . بير ييلنهامر مدير عام شركة الفولفو بيجي الشغل بي عجلة . ومرة كان سايق في الترتوار ، واحد صورو ونشرت الصورة في الجرايد مع نقد لانه للعجلات مسارات داخل البلد وخرج البلد . ولكن تبقي هولندا هي عاصمة العجلات . والوزراء يتنقلون بالدراجات . المشكلة هي سرقة العجلات في هولندة التي لا تعتبر جريمة ولا يهتم البوليس بمتابعتها . والبلد الثاني في العجلات هي الدنمارك وهذه بلاد منبسطة يسهل فيها استخدام الدراجة . واليوم في اوربا اماكن توضع فيها الدراجات يستعملها الانسان او السائح ويرجعها لمكانها . قديما كانت للحكومة والبوليس خاص عجلات ,, كبس ,, . بمعني ان اطاراتها لا تحتاج للنفخ . وللحكومو عجلاتية موظفين لاصلاح العجلات . لونها كان رماديا .
احد الشخصيات المحبوبة جدا في الدنمارك هو الفكاهي ياكوب داو استجاب لطلبة الجامعة الذين كانت عندهم فكرة ان اي شخص مشهور ومحبوب ببعض الدعم يمكن ان يدخل البرلمان . ودخل البرلمان . وعده للناخبين الدنماركيين انه اذا فاز فسيكون الهواء مع راكبي الدراجات كل الوقت وليس ضدهم . لان الرياح في بعض الاحيان خاصة في الشتاء تجعل ركوب الدراجة صعبا. كما وعد بإعطاء كل دنماركي شنطة تندرع على الظهر وهذه الزامية عند الدنماركيين او ماركة مسجلة . وعندما سألوه عن محافظته علي وعده بعد فوزه . قال انه يكذب مثل كل السياسيين . عند الاسكندنافيين مثل يقول لا تصدق اي شئ بعد الصيد اثناء الحرب وقبل الانتخابات . ياكوب داو رفض ان يترشح مرة اخري وقال انها شغلانة متعبة وملزمة تبدأ بمقابلة الملكة وهو لابس بدلة لاول مره في حياته .
قبل عدة شهور حدثت مسابقة في التلفزيون بين ثلاثة من موقع معين لمبنى التلفزيون في اسطوكهولم . احدهم يركب سيارة والثاني يستخدم البض والثالث على دراجة . ووصل صاحب الدراجة عشرين دقيقة قبل من استقل البص ووصل صاحب السيارة بعد نصف ساعة .
في فترة كان احد الاخوة العراقيين يسجل سيارته باسمي لانه يستفيد من الإعانات . واتتني فاتور بما يعادل 3 دولارات او 20 كرونة . وعرفت بعد الاتصال تلفونيا ... ان السيارات التي تدخل وسط اسطوكهولم تدفع رسومات في كل مرة تدخل السيارة وهذا قد يعني مئات الدولارات لصاحب السيارة كل شهر . والكمبيوتر يسجل رقم السيارة ويرسل الفاتورة . ويفضل بعدها الناس العجلة . والغرض تحفيز الناس علي استعمال المواصلات العامة او الدراجة .
قبا اسبوعين ذهبت لزيارة صديقي العراقي بنهام شاتو في منزل العجزة . ونسيت ان اقفل العجلة بالرغم من ان عندي قفلين لا يمكن كسرهم . واحد القفلين عبارة عن جنزير لربط العجل الامامي مع العمود او حامل الدراجات . ويعد عدة ايام وجدت العجلة علي نفس الحامل ولكن اللص الامين قام بقفل القفلين الذان كانا في السلة المعدنية في مقدمة الدراجة . المشكلة انني قد اشتريت عجلة مستعملة من عجلاتي ايراني لطيف . واقفال جديدة وتخلصت من المفاتيح القديمة . واضطرت الى الاستعانة بمنشار حديد لقطع السلسلة . ووضعت الدراجة في ضهرية العربية وحضر صديقي الصربي رادي بحجر نار كهربائي لقطع القفل الغليظ . وزاد عدد العجلات في البيت .
ابنتي سابينا حضرت قديما للمنزل في المساء ووجدت اثنين من الرجال الغلاظ من شرق اوربا يحملون الدراجات في شاحنة . فتظاهرت بأنها لم تشاهدهم . ولا يزال بعض اصحاب الشاحنات من جنوب وشرق اوربا عندما يحضرون البضائع الى السويد او شمال اوربا يحملون معهم الدراجات التي لم يقم اصحابها بربطها على شئ ثابت . والدراجات الجيدة تكلف ما يقارب الالف دولار . وبعض الدراجات تكلف عشرين الف دولار . وهذه دراجات خاصة قد تكون فيها 36 سرعة . يوفيتسا الصربي قام ببناء منزله بثمن الدراجات المسروقة .
كانت عندي دراجة من الالمنيوم يمكن رفعها باصبع واحد . كانت هدية من صديق ترك ركوب الدراجات . قبل 15 سنة استوقفني البوليس ليقول لى انهم كانوا يتابعوني وقد بلغت سرعتي داخل المدينة اكثر من 70 كيلومتر . واكتفوا بتحذيري فقط . هذه الدراجة تركها شقيقي قبل اخذ العبارة للدنمارك بدون قفلها لاستعجالة . ولا يزال فقدها يؤلمني .
في السودان كان عندنا نوعين من الدراجات فقط اولها البريطانية رالي . وثمنها في الخمسينات والستينات سبعة عشر جنيها ونصف الجنيه . الفيلبس كانت تساوي جنيها اقل من الرالي . ومنتجات الفيليبس غطت السودان بالرغم من انها هولندية ، الا ان لبريطانيا اسهم ضخمة في الفيليبس . وكانت هنالك الرالي الدبل ويزيد ثمنها بجنيه . واشتهر بها كابتن المحينة له الرحمة . وكثير من اصحاب الدبل كانوا من ضخام الجثة او الاقوياء وقد يكون خلف السرج بطريقة رأسية بسطونة او كريز ,, عكاز معكوف مستورد ,, معلق علي الميزان ، مثل الفنان سرور وبعض الجزارين .
بكري احد الاولاد الشواطين في المدرسة الاولية تعرض للجلد . رد علي كلام المدرس .... العجلة من الشيطان مش كدة ؟ ورد بكري المشاغب لا يا استاذ من حسن صالح خضر . . العم حسن صالح خضر كان وكيل الرالي والفيليبس . ومحلاته غرب الجامع الكبير عبر شارع الموردة . وفي الزقاق الضيق يقوم العجلاتية باخراج العجلات من الصناديق وتركيبها في عملية تستمر لاسابيع . خاصة قبل السنة الدراسية . فالاهل يحفذون الابناء بعجلة رالي في حالة النجاح .
عندما يقولون عجلة لابسة . تعني بدينامو ونور ماركة ميلر وشنطة خلف السرج بمفتاحين لفتح كل صامولة في الدراجة . ومنفاخ انيق مثبت علي ,, الكدر ,, او اطار العجلة . ولحسن صالح خضر محلات اكبر في الخرطوم تشمل حتي بعض الملابس . الدينامو كان يساوي 145 فرشا . وكثيرا ما يسرق الكوبس واللمبة في السينمات ودار الرياضة والمدارس والكوبس والمبة بقرشين ونصف . والطاسة التي تعكس الصوء تثبت بفريمين او ما يعرف بالشبش . في حالة فقدانه كنا نستعدين بسلك رفيع نشكله بالزردية .
في بداية الستينات ظهرت الفيليبس الحمراء . وهذه دراجة بميزان مقلوب مثل دارجات السباق وباطارات نحيفة . الاخ محمد نور السيد طلب منه السجناء السياسيين ان يتأكد من احد المسجونين لم يتعرف عليه اى انسان . وخافوا ان يكون غواصة من الامن . فبدأ محمد نور في استجوابه وعند السؤال عن مدرسته قال انه درس في مدرسة الكمبوني في الخرطوم . وسأله محمد نور عجلتك شنو ؟ فقال ,, الغواصة ,, رالي جديدة . فقال له محمد نور تجي الكمبوني بي عجلة ما حمرا وميزانا مقلوب الا يطقعوك . طلبة الكمبوني كانت لهم طريقة حياة مميزة ولبس مميز . وبعضهم من اصول اجنبية او ابناء الخرطوم من الاسر الثرية . في الاحفاد كان الاخ بخاري محمد علي من سكان الدويم يمتلك عجلة حمراء بميزان مقلوب كان يتركها لي لكي اصلحها او اشحمها وكنت اقشر بها في العباسية والموردة .
في 1961 كان اول سباق بالدراجات في السودان . ولكن استبعد الدراجات السريعة التي بدأت تظهر لعدم توفرها الا عند البعض . وبدا السباق من وادي سيدنا الي سلاح المهندسين خارج بانت . واشترك بعض رجال الجيش والبوليس . وفاز بالسباق الاخ العبسنجي عطا الذي كان يسكن خلف دكان جعفر في شارع الاربعين وكان قليل الحجم . ولم يتعدى عمره الثامنة عشر .
العجلات اسدت خدمة كبيرة للمجتمع السوداني . لقد حافظت علي البيئة وصحة المواطن وفلوسه . وكان بعض عمال امدرمان يستخدمونها في الذهاب الى الاشغال او الوابورات في بحري او النقل الميكانيكي . احد ظرفاء السودان الاخ عبد الله السفاح قال مداعبا احد الاخوة الاقباط في شقة الاستاذ الكبيرمحمد توفيق طيب الله ثراه في القاهرة بطريقة شقاوة الطفولة ... الا تجي امك راكبة عجلة . فضحك الرجل الرائع مراد لمعي قائلا . اديه اديه ... امه في عطبرة كانت بتركب عجلة ونسوانا في عطبرة بيركبوا عجلات .
عطبرة هي عاصمة العجلات . ويقال ان العجلة سببت فركشة السكك الحديدية . فعندما حضر النميري لعطبرة لم تقابله الحشود بالتهليل بل كانت الاغنام علي طول الطريق . احد الشيوعيين تحرك بشوال عيش مثقوب على دراجة . وعندما يلفت المارة نظره يقول ... ما مهم مشواري قريب . وانتشر العيش على جانبي الطريق واتت الاغنام متابعة العيش . وحنق النميري اكثر على اهل عطبرة . وكانت نقابة السكك الحديدية تضايقه بالاضرابات الخ . وعلي نصيحة الامريكان قلص نشاط السكك الحديدية الى ان ماتت .
اول سودانية ركبت العجلة كانت العمة ست بتول عيسى وهو من نساء رفاعة السباقات ووالدة الصناعي العظيم العم ادريس الهادي . وكانت مدرسة في مدرسة الدايات امدرمان وعملت 67 سنة اغلبها كمتطوعة . ولقد اكرمتها الامم المتحدة ،وتناستها الحكومات . وسكنت في السردارية . السيدة التي تلتها كانت الخالة زينب عبد القادر العروفة بحنينة الصحة وهي كذلك عبسنجية وكانت تطوف كل امدرمان كمفتشة للصحة .
من اميز مستخدمي العجلة كان العم كبسون بقامته الطويلة جدا وتميزه الكسكته . وكان يرفع سرج العجلة لآخر سنتيمتر ولكن هذا لا يكفي بسبب طوله . العم خضر رحمة الله الياس ,, الحاوي ,,طيب الله ثراه كان يتنقل بالدراجة وتميزه العمة مع البنطلون . وفي بعض الاحيان يشاهده الانسان في الكوبري في طريقه من والى الخرطوم . وعندما يتعب يستوقف عربة تاكسي وكان ابناء امدرمان لا يقبلون أخذ فلوسه . وعندما يحضر لاصدقائي العجلاتية . يبدا ب ... تعال يا ابن الكلب ! ويهرعون اليه ويصلحون الدراجة وهو جالس في احد كراس القهوة يتسامر مع الجميع . والجميع بمثابة ابناءه . ولا يقبلون اخذ فلوسه وكذلك يرفض بقاري معلم القهوة اخذ فلوسه . لقد كان من مشاهير السودان . والبلد قديما تكرم مشاهيرها وكبارها .
اكبر مشكله مع العجلة هي الاخرام وقرضة اللستك . والعجلاتي يقوم برقع ما لا يقل عن 10 عجلات في اليوم . وكل ما يحتاجه هو مبرد لبرد اللستك وقطعة من المطاط من انبوب قديم وبعض السلسيون . علبة السليون كانت بسته ونصف القرش . وهي حوالي عشر اللتر , وصباع السلسيون بتلاثة قروش . البلي الدستة بقرشين ، الصغير للبدال الدستة قرش ونصف . الانبوب الداخلي دنلوب ب25 قرش الدبل 35 . الخارجي 50 قرش والدبل 75 . لقم الفرامل قرشين للواحدة والعجلة تحتاج لاربعة ولكن الامامية لا تبلى بسرعة لانها لا تستعمل . البدال له اربعة لقم طويلة من المطاط . انا اورد هذه الاسعار لكي يقارن الانسان باسعار اليوم . . فاغلب العمال يتحصلون علي 20 الي 30 جنيه في الشهر . وهذا اكثر من ثمن العجلة الجديدة من الشركة . احد الزبائن حضر لتغيير لقم البدالين وكان الجميع مشغولين قمت بتغيير اللقم بعد التخلص من القديمة المسهوكة . وبعد اضافة بعض الشحم تمت العملية بسرعه وانا جالس علي كرسي القهوة . وطلبت منه عشرين قرشا دفعها بعد بعض تردد . وفرح صديقي النيتو.
ويحتاج العجلاتي لصحن التفتيش من الالمنيوم وقلم الكوبيا لتحديد مكان الخرم . صحن التفتيش يمتلئ بالماء . في بعض الاحيان في سوق الموية خاصة في الشتاء نستعمل صحن التفتيش بعد غسله بسرعة في الفطور . ويكون الفطور دكوة وبصل وطماطم . ويشترك كل من يمر .
كان هنالك ,,حمارين ,, لحمل العجلات . في احدهما يتشارك عبد الرحمن كيكس والملاكم الآخر طيوبة . وفي الحمار الآخر يتشارك خلف الله ابكرنك والنيتو . وعندما كثر العمل انضم اليهم زرقان شقيق خلف الله . وزرقان عرفته منذ طفولتي كان يعمل مع ميرغني الريس اول عجلاتي في حي الملازمين . وبعد ترك زرقان لحي الملازمين انضم شاويش لميرغني الريس . من اشهر العجلاتية في امدرمان كان عوض كوج وكان يضرب به المثل في اجادة العمل ...خلاص يا عوض كوج !! وكوج تعني النمر بلغة النيليين من شلك دينكا ونوير الخ . والعم عبد الكريم في شارع كرري المحطة الوسطى والحبشي وعطا في سوق الشدرة ومحمد سلامة في سوق العرضة الخ وكنت اساعد عندما يكون العمل كثيرا . وطبعا بدون اجر . كما كنت اشحم واصلح عجلات المنزل وهي كثيرة بسبب الطلبة من الاقاليم الذين يسكنون معنا وعددنا نحن الضخم . اذكر اننى قمت بتفكيك عجلة الاخ حمودة ابو سن لاكتشف ان الشحم قد اختفي ، واليوم يوم جمعة والدكاكين والمقالق مقفولة . وذهب حمودة لموقف اللواري وحضر بالشحم لانه وجد احد سائقي اللواري من رفاعة . وكنت اصلح عجلات الجيران وبعض المعارف وافضل مه الغالي عبدالل ناصر الاصلاح علي النيل امام الطابية .
من ابرع اصدقاءنا في اصلاح العجلات كان التجاني حسين من فريق عتالة بالقرب من خور ابو عنجة . وكانت عجلته عبارة عن عروس برسم شعار الموردة الهلب . عمل لفترة مع العمدة في دبة كيكونة بين فنقر فريق فلاتة . وكانت عندهم عجلات تتوقف بارجاع البدال . كنا نمازحة ب ... بدال ورا .... ورا ورا ورا . ومنه تعلم اخي عبد الله ناصر بلال وتعلمت انا من الغالي عبد الله الذي صار ضابطا ومديرا لنادي القوات المسلحة . من عبد الله تعلمت السباحة كان سباحا ماهرا . له ولاسرته الشكر الجزيل .
من الاشياء التي تضايق العجلاتية هي من يطلبون خدمات صغيرة مجانية . اكثرها .... بالله يا اسطي ادي لينا العجلة دي دقة دقتين . وهذا يعني نفخ اللستك ،عندما يتسرب بعض الهواء . ومن العادة ان يتسرب الهواء لان الانبوب المطاطي الرفيع الذي يحفظ الهواء داخل الانبوب ويضغط علي فتحة البلف يسرب الهواء ببطئ شديد خاصة عنما يصير قديما. واخيرا صار البلف ,, سوستة ,, ولا يحتاج للأنبوب المطاطي الرفيع واذكر ان اصدقائي العجلاتية عند سماع دقة دقتين من شخص من غير الزبان يقولون ... مالا العجلة داقنها ،عملت شنو ؟ وبالرغم من هذا يقومون بهذه الخدمة المجانية . وبعض الزبائن يحضرون كثيرا ويشتكون من حكة في الجركس . والجركس هو الغلاف المعدني الذي يحمي الجنزير من التراب ويحمي الملابس من الجنزير . ويعطي العجلة منظرا جميلا . ويكون السبب بسيطا جدا وهو الشدادات ، التي هي مثل الابزين او الابزيم قديما في الردا او البنطلون تشد او ترخى حسب الوضع ، قبل الاكل او بعد الاكل . وعندما يرتخي الجنزير يحك داخل الجركس ويسبب مضايقة . والجنزير بعد الاستعمال الطويل يتمدد ويحتاج العجلاتي لنفض عين من الجنزير . . وقد يكون السبب ان الدراجة قد سقطت وحدثت طفقة او صار البدال يحك في قفل الجنزير الدائري . ونقوم بنفض الخابور الذي يثبت زراع البدال مع العمود . ويمكن تغيير الخابور عندما لا ينجع ضربه بالشاكوش بسبب تآكله .والخابور الواحد يساوي قرشين ونصف الجوز شلن . عندما تكون الحكة بسبب طفقة في الجركس . يطلب العجلاتي من الزبون ان يأخد لفة . وبما ان العم بلكامين كان يبيع الملابس والاحذية القديمة فكنا نستلف عصاته لاستعدال الطفقة من داخل الجركس . وتنتهي المسكلة .
هل قلت لكم ان هذه العملية كانت تحدث في وسط امدرمان وفي سوق الموية وفي الشارع . وفي المغرب يدخلون حمير العجلات والعدة في حوش المطعم او عند مخزن اي متجر بدون اجر . الجميع يتعاونون بروح امدرمان . وطبعا في النهار الي المغرب وهذه منطقة سينما قديس التي هدمت وصارت البوستة الحالية . والعمل كان في الطريق العام ولا يتعرضون لجبايات او مضايقات . وفي المساء يحتل المكان الاخ بين مكوار بقامته الطويلة ووقتها كان اشهر بائعة باسطة وكنافة في كل السودان . وارتبط اسمه بالباسطة . وكانت له احسن عربة باسطة . ومن العادة يقولون عن السكران ماشي زي عربية الباسطة . ولكن عربية الاخ بين كانت ثابته يقوم بصيانتها صديقي ككس وألاخرين . الذين يتبادلون المناكفات طيلة النهار مع بين . ولكن في المساء يكون بين حازما جدا . ويمد بين لمبة من قهوة مهدي حامد ويستفيد الجميع فبعض الزبائن يشتري الشاي او الكراوية ، الجنزبيل بالحليب الخ من المقهى بعد شراء الباسطة .
بين الحلواني ومقهي مهدي حامد . ومطعم مهدي حامد الذي كان في نهاية زقاق الاسكلة الذي هو امتداد لشارع الصياغ . والاسكلة هي الساحة التي كان يأتي منها الترام بالبضائع من الاسكلة الخرطوم الي الاسكلة امدرمان . والتحية للشاعر ود الرضي واغنية من الاسكلة وحلا .... الخ وود الرضي طيبب الله ثراه كان مشهورا كبائع قرع في سوق امدرمان . وليس القرع الذي يوكل بل القرع والكاسات التي تزين بالحرق وتستعمل في الشرب . وكانت في كل بيت .
من اصعب المهمات التي لم استطع اجادتها هي فتلة الطارة . وبدلا من الدوران في خط مستقيم تتراقص الطارة او العجل .. وقد تكون بسبب اختفاء بعض السلوك التي تربط المحور مع الطارة . ويمكن استبدالها والسلك يساوي قرشا ونصف القرش قد تعيش العجلة لاربعين سنة. ولكن يجب شد الاسلاك بحرفية تامة لكي تدور العجله بصورة صحيحة ومفتاح السلك في شكل صحن بحافة لها فتحات مختلفة و قطره حوالي العشرة سنتيمترات ويحتاج ليد متمرسة او ميزان تثبت فيه الطارة وتصير العملية كعزف علي آلة القانون . وقد تكلف العملية بين 25 الى 40 فرشا وهذا اكثر من تكلفةعملية تشحيم العجلة التي يهمل فيها السودانيون وتسبب موت العجلة التي يمكن ان تعيش لعدة عقود مع الصيانة قد تكلف عملية التشحيم 25 قرشا ولكن مع الفرويل والغسيل قد تكون 35 قرشا . مع الاهمال في التشحيم تدور البلالي بدون شحم وقد تنشطر ويسبب هذا الضرر للصحن الذي تدور فيه .
الاخ عادل زميلنا في مدرسة الاحفاد كان من الطف خلق الله . كان يقول انه يفتل اي طارة عجلة يجلس عليها لضخامة جسمة . كان يداعب من يشاغبه بأنه سيجلس علي عجلته .
البلي الذي في العجلة يتواجد في سبعة اماكن . البلي الكبير في صحن الطارة. والعدد حوالي العشرين حبة وهذا لكي تدور العجلة بسهولة . هنالك عمود يثبت الميزان في الريشة الني في شكل شعبة تعلو العجلة الامامية . . وفي الريشة اكبر كمية من البلي الذي يساعد الميزان علي الالتفاف . بعض اهل الاقاليم يقولون للميزان القيدون . والعمود الامامي اقصر من العمود الخلفي سعرة 12قرش يحتوي علي وردتين والعمود الخلفي 18 قرشا . وصامولتين في الخارج وصامولتين بلون اسود من الصلب الخاص في شكل نصف دائرة لاحتضان البلي . الاخ ,, مكنن ,,كان فتوة بانت . ومكنن تعني قوي او مربط .
العمود الخلفي كان اطول لكي يستوعب السرج الخلفي وربما تكالة كبيرة على عكس تكالة الجمب . الاخ سبت من الزاندي كان يقول انه كان يضيف حامل من صنع الحداد مثبت في العمود الخلفي ويحمل صفيحة على كل جانب لاحضار العسل من الكونقو او اى اغراض اخرى. وفي الجنوب كانت العجلة وسيلة سفر بين القرى والمدن . والزاندي كانوا من ابرع الحدادين . ويدفع المهر في شكل فؤوس وملود او نجام وهذه لحش القش وطواري لقلب التربة ويعض ادوات الزراعة والاسلحة . والسيد وزير المعارف محي الدين صابر الذي خرب التعليم السوداني ، زكر عدة مرات انه تزوج بزانداويات لان المهر كان قليلا . بعض ادوات الزراعة .
في ملكال كان هنالك اثنين من العجلاتية ، العم الاسيوطي وهو فاتح اللون في ساحة المولد . والاخ عبد الله الموسيقار وعازف الكمان ومحلة بالقرب من سوق الخولية وسينما ملكال . وكان عملهم لا يتوقف لكثرة العجلات . وكنا نخرج من المدرسة في اصوصا في شارع الظلط الوحيد ويمتلء بنا الشارع .
عجلة الشحن الرالي ساعدت كثيرا في السودان ثمنها كان 21 جنيها . استعملت في نقل كل شئ . الاطار الامامي كان اصغر من الخلفي الذي هو 28 بوصة . وكانت الزامية للافران وتصنع لها طبلية من الخشب والموسانايت لايصال اكثر من مئة رغيفة . ولم اشاهدها ابدا في دلالة العجلات المستعملة التي كانت بالقرب من البوستة ثم انتقلت لمكان جامع فيصل الحالي في العرضة . لم يكن صاحبها يفرط فيها لانها رأس مال لنقل كل شئ .
هنالك اغنية من اغاني البنات لا .اذكرها ولكن منها عجلتك المتكولة في حيطتنا .
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.