الصراعات القبلية البدوية ولا سيما الرعوية في السودان قديمة عبر التاريخ, سبقت قيام الدولة السودانية الحديثة أقصد هنا ( ما بعد الثورة المهدية ) , كانت مجرد صراعات واحتكاكات تقليدية ومتكررة هنا وهناك, ومن وقت لآخر سببها ندرة مقتضيات الرعي من الماء والكلأ والتجوال حسب الأحوال المناخية التي غالباً ما يكون السبب الرئيسي في كوارث البيئة من الجفاف والتصحر والندرة وبالتالي إلى النزوح والانتقال من منطقة إلى أخرى ,.لكنها سرعان ما تنتهي الحروب والصراعات إلى الصلح أو التسوية حسب أعراف التعايش السلمي بين القبائل والعشائر عن طريق مجالس الحكماء والأجاويد أو تحت إشراف المحاكم الشعبية الخاصة بالإدارات الأهلية , ولما كانت الأسلحة المستخدمة في الصراعات عبارة عن أسلحة تقليدية وخفيفة ودفاعية فالضحايا الصراع والخسائر المادية كانت ضئيلة وفقاً لذلك . في الثمانينيات القرن الماضي استخدمت الحكومات المركزية في الخرطوم " مليشيات " من الرحل المستعربة ضد التمرد في جنوب السودان , دربت وجهزت المليشيات بأسلحة نوعية لمراقبة الخط الجغرافي الفاصل بين والقبائل النيلية الجنوبية المتمردة والرحل المستعربة , وأدى ذلك إلى تأجيج الصراع القبلي , فأفضى إلى نتائج وخيمة ومدمرة ما كانت في حسبان الأنظمة المركزية الحاكمة يوم ذاك , على إثرها كانت مذبحة الضعين المشهورة كما تم طرد قبائل الفور من مناطقهم في وسط دارفور, ونزحوا وتكدسوا مستجيرين في المدن مثل نيالا وكأس طلباً للحماية, . عندما اندلعت الثورة في دارفور في 2003م كانت الصراعات القبلية قد هدأت نسبياَ ولم تكن هناك حروب , وانحصر الاحتكاكات في مناطق محدودة بين القبائل الرعوية المتنقلة والمزارعين , .حينما امتدت الثورة إلى ريف دارفور وتحدت حملة السلاح من أبناء دارفور حكومة المؤتمر الوطني الحاكم , وكبدوا الحكومة خسائر فادحة ..! لجأت حكومة المؤتمر الوطني الحاكم إلى نعرة القبلية والأثينية والجهوية والدعاية العنصرية الرخيصة لتصفية المعارضة المسلحة , بدءوا بالكرت الرابح , بدو الرحل المستعربة " الجنجاويد " اجتاحت الحملة العسكرية المدعومة بمليشيات الجنجاويد القرى والأرياف في ديار الفور والزغاوة والمساليت بدارفور دون ما رأفة , وهي من أكثر القبائل مناهضة لنظام المؤتمر الوطني الحاكم , قتلت واغتصبت ونهبت مليشيات الجنجاويد تحت إشراف ضباط الأمن والاستخبارات العسكرية وبطريقة منسقة .! وصفت حسابات القديمة مع هذه القبائل . تصاعدت حدة الحروب والصراعات القبلية بصورة مريعة بعد أن امتلكت البدو المستعربين الأسلحة النوعية , انتقلت الصراع بطريقة دراماتيكية إلى صراعات بينية ..بين قبائل الرحل نفسها , يبدوا أن الصراع الدائر الآن بين مجموعات الرحل تدور حول غنائم والحواكير التي خلفتها الحروب المدمرة في ريف دارفور و أجزاء من كردفان, بالأمس القريب كان هناك صدام عنيف بين الحمر والكبابيش في شمال غرب كردفان , وسبقت هذه الأحداث القتال المدمر بين الرزيقات والمعاليا , والرزيقات والترحم ..والخ , كل هذه أحداث المؤسفة سببها الأسلحة الثقيلة التي وزعتها حكومة المؤتمر الوطني للبدو المستعربة والتي استقوت بها الحكومة في وجه المعارضة , وسوف يستمر الصراع بين بدو الرحل طالما توفر الأسلحة النوعية , وتزاد وتيرة الموت والمعاناة كلما زادت إمدادات أسلحة الحكومة لهم , هكذا نراه مزيد من جنرالات البدو في القوات الحكومة ومليشياتها . عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.