1- مقدمة . نواصل إستعراض الأحداث في مصر لتداعياتها المباشرة علينا في بلاد السودان . 2- صحيفة النيويورك تايمز الأمريكية ؟ في يوم الأثنين 19 أغسطس 2013 ، نشرت صحيفة النيويورك تايمز الأمريكية ، الصحيفة الأكثر إحتراماً في العالم ، تقاريراً ضافيةً لمراسليها في مصر عن الأحداث في مصر . يمكن تلخيص إنطباعاتنا عن تقارير النيويورك تايمز في عدة نقاط كما يلي : اولاً : أوردت صحيفة النيويورك تايمز خبراً ، في ظاهره الرحمة وفي باطنه العذاب . مر الخبر مرور الكرام ، ولم تشر له ، لا من قريب أو بعيد ، وسائط الإعلام المصرية والعربية . ولكنه خبر المليون دولار كما تقول الصحيفة ؟ هاك ملخصاً للخبر أدناه : بعد مجزرة الجمعة 26 يوليو 2013 ، تقدم السناتور الجمهوري راند بول بمشروع قرار لمجلس الشيوخ الأمريكي لإيقاف المعونة الأمريكية السنوية للجيش المصري ( مليار و500 مليون دولار كل سنة ) . في يوم الأربعاء 31 يوليو 2013 ، سلمت الأيباك ( اللجنة الأمريكية الإسرائيلية للشئون العامة ) خطاباً شديد اللهجة لكل واحد من أعضاء مجلس الشيوخ ، محذرة من إيقاف المعونة العسكرية لمصر ، لتداعيات الإيقاف السلبية على أمن وسلامة إسرائيل . الأيباك هي اللوبي الصهيوني الأقوى في واشنطون ، والتي تضع اعضاء الكونغرس ، بمجلسيه ، في جيبها ؛ ويغوصون لها ، ويعملون لها عملاً دون ذلك . AIPAC - The American Israel Public Affairs Committee في نفس يوم الأربعاء 31 يوليو 2013 صوت مجلس الشيوخ رافضاَ مشروع القرار كما طلبت إيباك ، 86 صوت ضد مشروع قرار وقف المعونة و13 صوت مؤيدة لوقف المعونة . أمن مجلس الشيوخ على إستمرار المعونة الأمريكية للجيش المصري رغم تهديدات إدارة أوباما للسيسي بوقفها ، إذا إستمرت المجازر والسلخانات . ضمن السيسي الفوز على اوباما في عقر داره ؟ ومن ثم عنجهية وغطرسة السيسي . بعد قرار مجلس الشيوخ التاريخي في يوم الأربعاء 31 يوليو 2013 ، داعماً للسيسي ضد إدارة أوباما ، لم يجد السيسي أي وازع أخلاقي أو سياسي أو حتي أمريكي من إرتكاب مجزرة وسلخانة يوم الأربعاء 14 أغسطس 2013 ، لفض أعتصامي رابعة العدوية والنهضة ، والمجازر في الأيام التالية . مات في عمليات فض الإعتصامات الذئبية أكثر من الف معتصم وجُرح أكثر من 5 الف معتصم . تصويت مجلس الشيوخ الأمريكي لصالح السيسي ، بضغط من اللوبي الصهيوني ، يؤكد إن إسرائيل تعتبر نظام السيسي نظاماً حليفاً لها ؛ وإن تقوية الجيش المصري في مصلحتها . كما طلبت إسرائيل ، بحسب صحيفة النيويورك تايمز ، من الإتحاد الأروبي ودوله دعم نظام السيسي ضد الإرهاب الإسلاموي ؟ وتلك الأيام نداولها بين الناس ؟ أيقن السيسي أن الكونغرس الأمريكي والاتحاد الأروبي في صفه بفضل جهود إسرائيل ، وكذلك الدول الخليجية ( بإستثناء قطر ) ، ولم يعد يخشى لومة لائم ولا تهديدات إدارة اوباما المغتغتة بوقف المعونة الأمريكية . وصار يبرطع ويفنجط ، وإرتكب بعدها مجزرة يوم الأربعاء 14 أغسطس 2013 والمجازر التي تلتها ، دون أن يطرف له رمش عين ؟ أعطت أسرائيل السيسي حرية مطلقة وأطلقت يداه ، وأعطاها بدوره ولم يستبق شيئاً ؟ قفل السيسي معبر رفح وبدأ في تجويع وتعطيش فلسطيني غزة المغلوبين على أمرهم . في يوم الأحد 18 أغسطس 2013 سمح السيسي لشاحنة واحدة فقط بمغادرة معبر رفح من غزة إلى مصر ، حسب تقرير النيويورك تايمز . ثانياً : حسب النيويورك تايمز ، أحضرت ادارة اوباما إلى القاهرة وزير خارجية قطر ليضغط على جماعة الأخوان ، ووزير خارجية الأمارات لكي يضغط على السيسي للوصول إلى تسوية سياسية بين الطرفين ، في منتصف الطريق . إكتشفت إدارة اوباما إن الوزير الأماراتي كان يشيطن جماعة الاخوان ويحرش السيسي ، بالمغتغت ، للقضاء عليها . كما إكتشفت إن إسرائيل كانت تطمئن السيسي بان يمضي قدماً في تدمير جماعة الأخوان وفض الإعتصامات بالقوة الخشنة ؛ وإنها ( إسرائيل ) سوف تحتوي إدارة أوباما وتخرسها ، وبالأخص تضمن عدم إيقاف المعونة الأمريكية للجيش المصري . ثالثاً : يتكلم شك هاقل وزير الدفاع الأمريكي ( 66 سنة ) وكان شاويش في الجيش الأمريكي في فيتنام ، مع السيسي ( 58 سنة ) ، عبر مترجم ، كل يوم وآخر ولمدة تزيد علي الساعة ونصف في كل مرة . يطلب السيسي في كل مرة من هاقل أن يقنع أوباما إن جماعة الأخوان جماعة إرهابية ، يجب القضاء عليها وإزاحتها من على المسرح السياسي المصري . ويؤكد هاقل بدوره للسيسي أن اوباما صديقه ولن يفكر في التخلي عنه كما حدث لمبارك من قبله . ومن ثم قوة قلب السيسي ؟ رابعاً : الرجال العسكر حول السيسي كلهم جميعا وبدون فرز على قلب رجل واحد ضد جماعة الأخوان التي يعتبرونها جماعة إرهابية يجب التخلص منها بالناعم والخشن من الوسائل . ويرددون في أذني السيسي أن لا يضيع فرصة نزلت من السماء هباءاً منثوراً . الجنرال محمد التهامي الذي يعتبره السيسي كوالده الروحي والذي عينه السيسي رئيساً لجهاز المخابرات ، والذي يكن من الحب والوجد لجماعة الأخوان بقدر ما يكنه الجنرال صلاح قوش للجنرال محمد عطا من حب ووجد ؟ الجنرال الشاب محمود حجازي ، أبن الجنرال السيسي الروحي ، والذي عينه السيسي كرئيس لجهاز المخابرات العسكرية يؤمن بأن خلاص مصر في القضاء المبرم على جماعة الأخوان . وغيرهم كثر من الجنرالات المتشددين حول السيسي الذين يتحرقون ( لفرم ) قادة وكوادر جماعة الأخوان حسب ما تقول به صحيفة النيويورك تايمز . وبعد الصمت الدولي حيال المجازر والسلخانات الإبادية، والتشجيع المتواصل والمتزايد من إسرائيل والدول الخليجية ( بإستثناء قطر ) ، شعر المتشددون من الجنرالات حول السيسي بالمنعة ، وإن السقف لمجازرهم هو السماء ( وشم الدم وقال حرم ؟ ) ؟ خامساً : في يوم الأثنين 19 أغسطس 2013 ، قررت محكمة جنايات القاهرة إخلاء سبيل الرئيس الأسبق مبارك ، في قضية القصور الرئاسية، وإطلاق سراحه . وربما تمت تبرئته في القضايا الأخرى وإطلاق سراحه ، بإيعاز من السيسي . وتكون ثورة 25 يناير قد ماتت موتاً أكلينيكياً ، ويا عمرو لا رحنا ولاجينا ؟ سادساً : تقول صحيفة نيويورك تايمز أن السيسي لا يثق في البرادعي وكان سعيداً بقبول إستقالته . اكد السيسي ووزير الداخلية محمد ابراهيم للبرادعي يوم الثلاثاء 13 أغسطس 2013 ، بأنهما سوف يعملان على تفريغ ميداني رابعة والنهضة سلمياً وبدون اللجؤ للقوة الخشنة . وعندما أكتشف البرادعي كذبهما الأشر اليوم التالي ( يوم الأربعاء 14 أغسطس 2013 – يوم المجزرة ) عندما مات أكثر من الف معتصم كالبط البري ، قدم البرادعي إستقالته التي قبلها السيسي مسروراً ؟ يبقى سؤال المليون دولار كما تقول صحيفة النيويورك تايمز : متي تصل المجازر والسلخانات الى مستوى تتوقف معه الإتصالات بين أدارة اوباما والسيسي ورجاله ؟ هل يملك اوباما ترف التضحية بعلاقة أمريكا الإستراتيجية مع عسكر مصر التي ضمنت وتضمن أمن وسلامة إسرائيل ؛ أم يدير وجهه لمجازر وسلخانات مصر في العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين وينتظر محاكمة التاريخ ؟ هذا هو السؤال كما قال هاملت ؟ 3 - مجلة الإيكونمست البريطانية ؟ في يوم السبت 17 أغسطس 2013 ، نشرت مجلة الإيكونمست البريطانية ، المجلة الأكثر إحتراماً في العالم ، تقريراً ضافياً لمراسلها في القاهرة عن الأحداث في مصر . يمكن تلخيص إنطباعاتنا عن تقرير الايكونمست في عدة نقاط كما يلي : اولاً : بعد مجازر يوم الأربعاء 14أغسطس 2013 حيث تجاوز عدد القتلى حاجز ال 5 الف قتيل بحسب بعض المصادر الإسلامية ، من بينهم أبن المرشد لجماعة الاخوان الدكتور محمد بديع وإبنة القيادي الأخواني البلتاجي ، تكون مصر قد وصلت إلى مفترق طرق عليه علامتان : العلامة الأولى تشير إلى الطريق المؤدي إلى الصومال ؛ وما أدراك ما الصومال ؟ نار الله الموقدة . الصومال هو شرح الصومال بعد الجهد بالصومال ؛ حيث الكل يقاتل الكل وتزول الدولة وترجع مصر إلى ما قبل عهد الفرعون الاله مينا ، الذي وحد المصريين في دولة واحدة منذ أكثر من 6 الف سنة قبل ميلاد السيد المسيح . العلامة الثانية تشير إلى الطريق المؤدي إلى ميدان تيان ان من في بكين . وتقصد المجلة القمع الذئبي للمعارضين الإسلاميين وغيرهم في دولة بوليسية تجسد مؤوسسة الفرعون القائمة على ثلاثة شعب : الفرعون الإله ؛ جيش الفرعون ؛ وسجن الفرعون ؟ ثانياً : ظهرت عدة بوادر ومظاهر من دولة ميدان تيان ان من المصرية ، نختزل بعضاً منها أدناه : + في عام 1991 أبطل الجيش الجزائري عملية الإنتخابات البرلمانية بعد فوز الحركة الإسلامية بمعظم المقاعد البرلمانية في الجولة الأولي للإنتخابات . وتلى ذلك سنوات الرصاص في التسعينات حيث قتلت مليشيات الجيش الجزائري أكثر من 200 الف إسلامي . كان يطلق على مليشيات الجيش الجزائري القاتلة : Les éradicateurs أي الإستئصاليون ( الذين يستأصلون ويصفون الأسلاميين جسدياً ) . تزعم مجلة الإيكونمست إن السيسي بصدد تكوين مليشيات الإستئصاليين في الجيش المصري ؛ مهمتهم الحصرية التصفية الجسدية لقادة وكوادر جماعة الأخوان . + يزمع السيسي حل جماعة الأخوان ، وإعتقال جميع قادتها لمدد مفتوحة وبدون محاكمات . كما سوف يتم طرد جميع عناصر الاخوان والمتعاطفين معهم من أجهزة الدولة المصرية تحت شعار يحاكي شعار ( الصالح العام ) في السودان ، بطريقة مقلوبة . ثالثاً : وصم السيسي جماعة الأخوان بالجماعة الإرهابية ، وقفل أي باب للمفاوضات معها وشطب التسوية السياسية مع الجماعة من أجندته وصار خياره الوحيد الحل الأمني الإقصائي . أيادي السيسي مليانة بالدعم ( مالي وسياسي ) المطلق من الدول الخليجية ، بالأخص السعودية والأمارات ، وصار لا يهتم كثيراً بورجغة الأمريكان والأروبيين ، وهو يردد : اللي بتغطى أمريكاني ... عريان ؟ رابعاً : في يوم الثلاثاء 23 أغسطس 2013 عين السيسي 27 محافظاً لمحافظات مصر ليحلوا محل المحافظين الذين سبق وأن عينهم مرسي ؛ ومعظم هؤلاء المحافظين من الجنرالات المتقاعدين من الجيش والشرطة والمعروفين بعدائهم الصارخ لجماعة الأخوان . كما عمل السيسي علي التخلص من جميع الأصوات الوسطية- التوافقية من أمثال البرادعي من أجهزة الدولة ؛ وصار جميع مساعدي السيسي من الصقور المتشددين ضد الجماعة . خامساً : في يوم الأحد 18 أغسطس 2013 قتلت قوات أمن السيسي بدم بارد 36 من عناصر جماعة الأخوان ( المحبوسين على ذمة التحقيق ) أثناء ترحيلهم في عربة ترحيلات مصفحة من مديرية أمن القاهرة إلى سجن أبو زعبل . تم رش المُرحلين بالرصاص الحي وبالبمبان وهم مقيدين داخل عربة الترحيلات . وتقول بعض المصادر إن عدد القتلى تجاوز ال 50 قتيلاً . حتى الحيوانات الوحشية لا يتم قتلها بهذه الطريقة الذئبية . بدأت سنوات الرصاص في مصر ؛ وأذن مؤذن في جماعات الأخوان : ۖ فَلَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُم مِّنْ خِلَافٍ ، وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ ، وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَا أَشَدُّ عَذَابًا وَأَبْقَىٰ ! سادساً : في هذا السياق ، صرح رئيس الحكومة الانتقالية حازم الببلاوي إن جماعة الاخوان تتحمل مسؤولية الدماء المصرية التي اُريقت وبالتالي فلا مصالحة ( مع من تلطخت أيديهم بالدماء وهاجموا الدولة ومؤسساتها ) ، وسوف يتم حل جماعتهم . الحل ليس في الحل كما قال الأزهري في زمن غابر ؛ وحلّ جماعة الأخوان لن يحلّ الأزمة بل سيفتحها على ظلمات من فوقها ظلمات ستدمّر مصر وما حولها . بدأت ( الدولة العميقة ) ، وعلى رأسها الجيش ، الذي يستحوذ على حجم هائل من الاقتصاد المصري، باستعادة عجلة السيطرة المطلقة . سابعاً : في يوم الأحد 18 أغسطس 2013 ، وصم السيسي ، في التلفزيون القومي ، جماعة الأخوان بالجماعة الإرهابية ؟ وصل السيسي إلى قناعة إن إدارة أوباما والاتحاد الأروبي وكذلك روسيا والصين كلهم جميعاً ينتظرون حسم المعركة على الأرض ليتخذوا موقفاً ثابتاً من المسألة المصرية . وعليه فقد قفل السيسي طريق الحل السياسي بالضبة والمفتاح ، وفتح الباب واسعاً أمام إستمرار القمع الوحشي ًلحسم المعركة على الأرض ، خصوصاًً بعد الدماء التي سالت من الطرفين ، بدون ردة فعل قوية من المجتمع الدولي . إذن نحن موعودون في الأسابيع القادمة بمزيد من أحداث الأربعاء 14 أغسطس 2014 حيث تم قتل أكثر من ألف معتصم في يوم واحد ، وتم تنضيف ميادين الإعتصامات وغسلها في نفس يوم الهجوم ، لمسح آثار الجريمة . ثامناً : بدأت دولة ميدان تيان ان من في الدوران في طريقها إلى دولة الصومال في مصر ؟ نعم ... بدأت الساعة الرملية لنظام السيسي في التتكان وفي نفس الوقت النفاد . ثروت قاسم Facebook.com/tharwat.gasim عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.