٭ لا داعي للتعليق على زيارة وزير خارجية السلطة الانقلابية في مصر من حيث إنها زيارة فدعه يزور ما دام أن بين الدولتين تعاون في إجراءات روتينية ستستمر بعد عودة الشرعية الديمقراطية الانتخابية إلى مصر، ولكن لا بد من الرد على بعض تصريحات وزير خارجية السلطة الانقلابية التي أطلقها في المؤتمر الصحفي الذي اشترك فيه معه وزير الخارجية السوداني السيد علي أحمد كرتي. تصريحات وزير السلطة الانقلابية نبيل فهمي سبقها تصريح في غاية الذكاء من الوزير علي كرتي.. دعونا نعلق عليه أولاً ثم ننتقل إلى بعض تصريحات نبيل فهمي. ففي هذه الأيام تتعامل الحكومة السودانية مع الأحداث المؤسفة في مصر بمصطلح معين يعبر عن «التحفظ».. هو عبارة «شأن داخلي» فهي تقول منذ إطاحة الحكومة المنتخبة هناك لأسباب واهية وتافهة ولا معنى لها أن ما يحدث في مصر هو شأن داخلي. لكن الوزير كرتي وكأنه يذكّر الحكومة المصرية بشيء ما، فقد قال في المؤتمر الصحفي: «كانت وفود مصر تأتي إلى السودان للتشاور حول كيفية حل القضايا ونالت قضية دارفور اهتماماً أكبر من القيادة المصرية على الدوام ومن المؤسسات المصرية والخارجية المصرية وكان هناك تشاور باستمرار حول كيفية حل هذه القضايا ولم يكن السودان في أي يوم من الأيام يرى أن دخول مصر في قضايا السودان هو تدخل في شأننا الداخلي».. انتهى. إذن ها هو كرتي يذكّر حكومة السلطة الانقلابية في القاهرة بأن التدخل في شؤون البلاد الداخلية يمكن أن يكون للمصلحة الواضحة، ورغم ذلك لم يتدخل السودان في مصر وهو يرى قوات الجيش والأمن تحمي وتحرّض القناصين والجنود الصليبيين على قتل المتظاهرين الذين سقط منهم الآلاف في صورة مأساوية لم تشهدها في يوم الأحداث في دارفور أو جنوب كردفان بما فيها أب كرشولا. ما حدث ضد المتظاهرين السلميين في رابعة والنهضة ورمسيس وسجن أبو زعبل لم يحدث في السودان ولم تتدخل الحكومة السودانية ولو بمبادرة تتضمن نصيحة بأن نزع الحكم المنتخب يبقى ثمنه باهظ الثمن على مدى بعيد، وها قد بدأ دفعه في سيناء بسقوط قرابة ثلاثين جنديًا بنيران مجموعة مسلحة تعتبرهم جزءًا من القوات التي قتلت المتظاهرين في رابعة والنهضة ورمسيس وسجن أبو زعبل. كل هذا يعتبره السودان شأنًا داخليًا كما تريد سلطة الانقلاب المصري. فالسودان في نظرها ليس أمريكا ولا أوربا. أما تصريحات الوزير المصري فنرد عليها بعد ذلك باختصار. ففي المؤتمر الصحفي قال نبيل فهمي: «أعتقد أن أي شخص تابع ما شهدناه يوم الجمعة الماضية من حرق للمستشفيات ومراكز وكنائس كل هذا دليل قاطع على أن هناك مخططاً لترويع المواطنين».. انتهى. وهنا يريد الوزير أن يقول هذا فعلته جماعة الإخوان المسلمين كرد فعل لفض اعتصاماتهم بالقوة وبرصاص القناصين. لكن من استهدف كنيسة القديسين في مصر أيام مبارك؟! أليس هي نفس القوات الأمنية التي فضت الاعتصامات بطريقة استالينية وقذَّافية؟!. وقال الوزير إن تدخل القوات المسلحة المصرية استجابة للشعب. وهذا تصريح غريب وعجيب. ترى هل هذا الوزير يقصد الشعب الإسرائيلي؟!. يكون صادقاً إذا كان يقصده لأن الحياة الديمقراطية في مصر تعني الهزيمة لإسرائيل ولو بعد حين حتى ولو كان الرئيس المنتخب ليس من الإسلاميين. ولو كانت مصر ديمقراطية في عهد السادات لما كان التوقيع على معاهدة كامب ديفيد وهي بهذه الصورة وبها ما بها من الملحقات السرية ومعلوم ماذا حدث لمن اعترض عليها من المصريين في مجلس الشعب. لقد اتهمتهم حكومة السادات بتجارة المخدرات زوراً. الديمقراطية في مصر بإسلاميين وبدونهم ليست في صالح الاحتلال الإسرائيلي.