ونصف مليون محطة تلفزيونية تسكب أخبار العالم كل ساعة وأنت تظن أنك تعرف. والظن هذا.. المرسوم بدقة.. لتقييد سيقان عقلك.. هو «الجهل» ذاته. والأخبار .. كل خبر اليوم.. له كل صفات الفقاقيع.. والفقاعة مستديرة ملونة لامعة.. وكاذبة. والمخابرات تستخدم «الظن» هذا لتقود العالم. و«صناعة» الظن تصبح عملاً ضخماً. ونجلس إلى خبير كمبيوتر والرجل يقول : اذكر اسماً.. أي اسم ونذكر اسماً ولمسات صغيرة وتاريخ وحياة الرجل الذي نذكر اسمه تتدفق على الشاشة.. حتى حياته اليومية. قال: كل أحد في الدولة اليوم وفي العالم يرقد عارياً. والأحداث.. تذكر حدثاً ونذكر نحن تفسيراً للحدث. ولمسات صغيرة على الأزرار.. وما ينسكب من معلومات يجعل للحدث معنى ومعاني لا تخطر بالبال. والغليان في سوريا.. الغليان في لبنان.. في العراق في إفريقيا الوسطى.. في الجنوب في ليبيا في كل مكان. والشخصيات التي تتقلب هناك مثل أوراق تسوقها الرياح : نذكرها.. والرجل.. وبلمسات صغيرة يسكب معلومات تجعل كل ما نحمله من معرفة هو الجهل الرائع. قلنا.. سحر رائع. وكلمة سحر تجعله يعود إلى الأسماء .. ولا يكاد يكشف عن اسم إلا ومن خلفه سحرة. ونمارس نحن اختبار السحر الإلكتروني ونلقي بالأسماء.. كان هذا قبل شهور ثلاثة. ونقول : فلان.. وفلان.. وفلان «ثلاثة من قادة التمرد يهبطون من أمريكا يومئذٍ» نذكرهم والشاشة تقول .. هبطوا لصناعة انقلاب بالتنسيق مع جهة من حزب البعث وجماعة من الشيوعيين وجهة من كذا وكذا. ونعبث.. ونشير إلى اسم مدبغة للجلود. والشاشة تذكر اسماء مدابغ أربعة أخرى .. تقتلها المدبغة هذه.. التي تتبع لجهة غير سودانية.. وتنفرد بالسوق وتعمل بالمليارات. وتقوم بتهريب الجلود من تشاد وغيرها. وتونس.. التي لا تملك ما عزاً واحدة.. تبيع من المصنوعات الجلدية ما قيمته ثلاثة مليارات دولار مستوردة من المدبغة السودانية. لكن المدبغة هذه تدفع ضرائب.. مخجلة!! نقول جمارك بورتسودان والشاشة تقول : إن ذهبت الضرائب هذه مباشرة إلى الخرطوم هبط سعر الدولار إلى النصف.. لكن نقول: السكر والشاشة تقول : مخازن أم درمان.. هي من يرفع ويخفض.. وليس الإنتاج نقول : سوداتل والشاشة تهتز و... و... اقتصاد تحت الأرض هو ما يدير السودان ونحدث الأسبوع هذا عن رئيس دولة يتسلل سراً إلى السودان ليجعل السودان يسقط في هاوية تبلغ عشرين مليار دولار. ومن شيراتون الدكتور حمدي وزير المال يومئذٍ يتصل بسفيرنا أحمد سليمان في واشنطون للبحث في جذور الشركة التي تقدم العرض وأحمد سليمان هناك يكتشف أن الشركة وهمية. والسودان يكتشف أن الرئيس الزائر.. وصاحبته الفتاة الصاعقة.. كلهم كان يسهم في بيع لحم السودان. وشاشة الكمبيوتر والأحداث والأحاديث كلها تتزاحم على امتداد عشرين سنة. وكلها يحكي كيف بقي السودان حتى اليوم بمعجزة.. بمعجزة.. بمعجزة وتحت طوفان كان يستطيع أن يغرق دولاً ويبيدها. الخطة لإبادة السودان والحركة الإسلامية تفشل. والمرحلة السادسة تبدأ والمرحلة السادسة اليوم هي : كسر الإسلاميين الذين إن لم يذهبوا ظل السودان صامداً. والخطة تقطع شوطاً بعيدًا. الإنتباهة -اسجق احمد فضل الله