قال السودان يوم الاربعاء انه سيحشد الجيش ضد جنوب السودان واوقف المحادثات مع جوبا بشأن رسوم مرور النفط الجنوبي وغيرها من المسائل المعلقة بين البلدين بعد ان احتل الجنوب حقلا نفطيا حيويا لاقتصاد الشمال. ومع اتهام جنوب السودان بدوره السودان بقصف قرية واقعة على الجانب الجنوبي للحدود بين الدولتين الممتدة بطول 1800 كيلومتر دعا الاتحاد الافريقي الى انهاء الاشتباكات التي تهدد بنشوب صراع شامل بين طرفي الحرب الاهلية السابقة. ودخل جنوب السودان -الذي انفصل في يوليو تموز- في نزاع مرير مع الخرطوم بشأن مدفوعات نفطية وقضايا اخرى فيما تصاعدت اشتباكات وقعت الشهر الماضي في المنطقة الحدودية التي لم يتم ترسيمها بدقة. وهاجم جيش جنوب السودان امس الثلاثاء هجليج وهي منطقة متنازع عليها بها حقل نفطي ينتج نحو نصف انتاج السودان اليومي من النفط الذي يبلغ 115 ألف برميل يوميا. وقال جيش الجنوب انه سيطر على المنطقة اليوم الاربعاء. وقال فيليب اجوير المتحدث العسكري لجنوب السودان ان منطقة هجليج والابار النفطية اصبحت دون شك تحت سيطرة جيش جنوب السودان. واضاف ان القوات الجوية للشمال قصفت مواقع جيش الجنوب في هجليج ومناطق أخرى. وقال مسؤول سوداني انه يتوقع ان يؤثر القتال على انتاج النفط. واصطف قائدو السيارات الذين خشوا توقفا محتملا لامدادات الوقود في صفوف طويلة عند محطات الوقود مع انتشار انباء الهجوم على هجليج في انحاء العاصمة رغم اصدار وزارة البترول بيانا تقول فيها ان لديها ما يكفي من الوقود. واستنكرت وزارة الخارجية الامريكية الهجوم الذي شنه جنوب السودان على هجليج ووصفته بأنه "عمل يتجاوز حدود الدفاع عن النفس." كما استنكرت "القصف الجوي المستمر على جنوب السودان" الذي يقوم به السودان وقالت ان على الجانبين ان يتفقا على الفور على وقف العمليات العسكرية. وقال السفير السوداني لدى الاممالمتحدة دفع الله الحاج علي عثمان ان السودان اظهر أقصى درجات ضبط النفس وانه اذا لم يدن مجلس الامن الدولي اعمال جنوب السودان ويطالبه بسحب قواته فان السودان سيكون عندئذ مضطرا "للرد بقسوة في عمق جنوب السودان." واضاف قائلا "نحن مستعدون لتسوية جميع النزاعات مع الجنوب من خلال المفاوضات السلمية لكن مع التطورات الاخيرة فانهم يجعلون ذلك صعبا جدا... سيكون من الصعب للغاية عليك ان تجلس مع شخص يطعنك في الظهر." ورغم ان الجنوب صوت على الانفصال في استفتاء قبل عام مضى الا ان الجانبين لم يتفقا بعد على قضايا تشمل تقسيم الدين الوطني وترسيم الحدود على وجه الدقة ووضع مواطني كل منهما في اراضي الدولة الاخرى. والنفط من بين القضايا الشائكة بين البلدين. وأوقف جنوب السودان -وهو بلد ليس له أي منفذ بحري- انتاجه من النفط البالغ 350 الف برميل يوميا في يناير كانون الثاني بسبب خلاف بشان قيمة الرسوم التي يحصلها السودان مقابل تصدير النفط الخام عبر خطوط انابيب الشمال واستخدام البنى التحتية الاخرى. والانتاج الباقي للسودان يكفيه فقط لسد حاجته المحلية من الوقود. ويتبادل الشمال والجنوب الاتهامات بشكل مستمر بدعم كل منهما لمتمردي الجانب الاخر. وقال رحمة الله محمد عثمان وكيل وزارة الخارجية السودانية ردا على سؤال بشأن وقف السودان المحادثات انه لا يعتقد انه يمكن اجراء مفاوضات في هذا المناخ. واضاف ان ما حدث يوم الثلاثاء هو انتهاك للقانون الدولي واعتداء على السودان وان بلاده لها الحق في الدفاع عن نفسها واستعادة الاراضي التي احتلتها حكومة جنوب السودان. وقال عثمان ان قوات جنوب السودان توغلت لمسافة 70 كيلومترا داخل الاراضي السودانية يوم الثلاثاء. واتهم بيان لوزارة الاعلام السودانية الجنوب باستخدام "قوات المرتزقة والجماعات المتمردة" في الهجوم. وتنفي جوبا دائما مثل هذه الاتهامات. وعقب التوغل قرر برلمان الشمال وقف مفاوضات مع جنوب السودان تهدف لانهاء الخلاف النفطي ونزاعات أخرى. وقالت وكالة الانباء السودانية ان السودان سيأمر بتعبئة عامة للجيش لكنها لم تذكر تفاصيل. ونقلت عن وزير الدفاع عبد الرحيم محمد حسين قوله ان الجيش قادر على الحفاظ على الاستقرار والسيطرة على الوضع. وعلى الصعيد الدبلوماسي قالت الوكالة ان السودان سيوقف كل المحادثات التي يرعاها الاتحاد الافريقي مع جوبا ويسحب فريقه التفاوضي من اديس ابابا فورا. ودعا الاتحاد الافريقي الى "انسحاب فوري وغير مشروط" لجيش جنوب السودان من هجليج وحث كلا الجانبين على ضبط النفس. وقال المتحدث باسم الاممالمتحدة مارتين نزيركي للصحفيين في نيويورك ان الامين العام للمنظمة الدولية بان جي مون اتصل برئيس جنوب السودان سلفا كير وسفير السودان في الاممالمتحدة وحث الطرفين على التزام أقصى درجات ضبط النفس وتفادي المزيد من اراقة الدماء. وقال "حث الامين العام (كير) على التفكير في عقد اجتماع قمة فورا لبناء الثقة وطمأنة شعبي جنوب السودان والسودان الي ان السلام والحوار هما الخيار الوحيد للجانبين." وقال وزير اعلام جنوب السودان بارنابا ماريال بنجامين ان القوات الجوية السودانية قصفت قرية ابيمنوم داخل ولاية الوحدة بجنوب السودان يوم الاربعاء مما أسفر عن اصابة أربعة أشخاص بينهم طفل. واضاف ان جنوب السودان تصرف بدافع الدفاع عن النفس بعد ان شن السودان هجوما بريا من هجليج ليل الاثنين. وقال مسؤولون سودانيون انهم يحاولون الدفاع عن اراضيهم فقط. وذكرت وكالة الانباء السودانية ان السودان دعا ايضا مجلس الامن التابع للامم المتحدة الى حث جنوب السودان على الانسحاب من كافة المناطق الواقعة داخل الاراضي السودانية. رويترز من الكسندر جاديش وأولف ليسينج