مازالت المرأة السودانية تعاني الأمرين من وطأة النظام الاجتماعي السوداني الذي يتلذذ جلادوه بجلدها معنويًا كل صباح، بل وذهب الأمر لأكثر من ذلك بأن تزداد فيه الجندرية يومًا بعد يوم وتنتقل من الرجل التقليدي في الشارع والسوق الذي يحمل في مخيلته صكوك الاتهام لكل أنثى تمر من أمامه، سواء في العمل أو في الشارع العام أو حتى في بيته.. انتقلت الجندرية إلى مُدَّعِي النخبوية والصفوية والثقافة بكافة توجهاتهم الفكرية سواء كانوا من اليسار الليبرالي أو اليمين الرجعي، والمدهش في الأمر أن يتناول المهندس العنصري الطيب مصطفى صاحب منبر السلام العادل الذي لم يسترد أنفاسه بعد من تنفيذ مخططه النازي المتعلق بشق الوطن نصفين وطرد الجنوبيين من الشمال وكأنما هذا الشمال من صنعه وترك جماهير الشعب السوداني تحت رحمة الفقر والجوع وقلة الحيلة، مضى الطيب مصطفى في شتم وسب نساء السودان في زاويته التي صنعت خصيصًا للسب واللعن ناسيًا حديث الرسول (صلى الله عليه وسلم): (ليس المؤمنُ بطعّانٍ ولا لعّانٍ ولا فاحشٍ ولا بذئ)، بالرغم من محاولاته المستمرة في تصنيف نفسه بأنه من جماعات الإسلام السياسي. اتفاقية سيداو يا سيادة المهندس تدعو لكفالة الحقوق المتساوية للمرأة في جميع الميادين من سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية ومدنية ترفع عنها عمق العزلة والقيود المفروضة على أساس النوع لا غير، وتدعو لسن تشريعات وطنية تحرم التمييز وتوصي باتخاذ تدابير تتعلق بتحقيق المساواة الحقيقية بين المرأة والرجل، واتخاذ خطوات تستهدف تعديل الأنماط الاجتماعية والثقافية التي تؤدي إلى إدامة هذا التمييز؛ ولكن المهندس الذي تسيطر على تفكيره بنية الوعي الذكوري التناسلي لم يحتمل أن تتحدث ناشطات حقوق المرأة والجندر عن ضرورة إلغاء قانون النظام العام الذي صمم خصيصًا لقهر النساء بل وقهر الشعب السوداني جميعه ليظل تحت وطأة حالة استبطان القهر التي باتت تسيطر على وجدان الجميع، وأن يكون هذا القانون سيف مسلط على كل الرقاب وإخراس كل من يتفوه ويتحدث عن التغيير، فتفكير المهندس الذي يدعو إلى الشفقة لم يمر عليه أن مؤسسته الصحفية معظم فريقها العامل من خيرة صحفيات البلاد، يشقينَّ كل يوم ليخرجنَّ الصحيفة التي يكتب المهندس في أخيرتها إساءات لنساء السودان ويقبض آخر كل شهر أرباحها من عرقهنَّ.. لم يحتمل مصطفى أن تشارك وزيرة الرعاية الاجتماعية الإنقاذية في أي منشط يتعلق بناشطات حقوق المرأة، ومضى في سب ولعن أولئك النسوة والطعن في شرفهنَّ. عليك أن تعلم يا صاحب المنبر الذي فصل الجنوب أنّ نساء السودان في طريقهنّ للتحرر من قبضة القوانين التي تجلدهنَّ كل صباح ومساء، والتحرر من بنية تفكيرك الإقصائية التي تسيطر عليها آفة الاتهام، ولن تلين عزيمتهنَّ بإساءاتك المتكررة أنت ومنبرك وجلاديك. رشان اوشي