طفل في العاشرة من عمره متفوق دراسياً، وفجأة بدأ بالتأخر والشرود الذهني، وحول الأسباب برر الطفل قائلاً:)أريد رؤية أمي...مضى شهر ولم أرها...خوفاً من والدي الذي إنفصل عن أمي)، وببعض الجهود من اقارب ذلك الطفل نجح في رؤية والدته، وبالتالي بدأ في استعادة جزء من مستواه الاكاديمي السابق...وقريباً من تلك القصة نجد أن منظومة الثنائي الذي يشكله الأب والأم ينفرط عقدها عندما تجنح إلى التسريح بإحسان.. ف(الطلاق) هو نهاية زواج وعوامل جديدة تعيشها الأسرة بعد أن كانت مترابطة... والأكثر عرضة لهذه المشاكل هم الأطفال الذين يرفضون الحزن والقلق ويخفون همهم وإحساسهم بنوع من النفي وتبريرات كثيرة..!!! افرازات مجتمعية: ومن المؤكد أن شريحة الاطفال تحتاج للمساعدة أكثر من غيرها لأنها فقدت عنصرا أساسيا من عناصر التآلف في المجتمع فتوافق الوالدين ينعكس على أولادهم من عدة جوانب كالأخلاق والثقافة والتحصيل الدراسي، كما أن الحنان المشترك مهم في تربية أطفالهم، فنتيجة لشعورهم بالإختلاف بين أقرانهم وفقدانهم للحنان يلجأ بعضهم إلى (الإنتحار) ظناً منهم أنه سيريحهم من حياتهم، كما أن بعضهم لا ينجح في الدراسة حتى ولو كان يتمتع بقدرات فائقة من الذكاء، بسبب عدم تشجيعهم من قبل والديهم، كما أن غياب التربية الصالحة والرقابة المشتركة عن الوالدين يؤدي أحيانا إلى مصاحبة الرفقة السيئة التي ينتج عنها العديد من المشاكل كالتدخين والمخدرات وغيرها، وكل هذا بسبب الطلاق. بيئات مختلفة: وبحسب خبراء علم النفس والإجتماع، تنشأ لدى الطفل صراعات داخلية نتيجة لإنهيار الحياة الأسرية فيحمل هذا الطفل دوافع عدوانية تجاه الأبوين، أو قد يكسبه اتجاهاً عدوانياً تجاه الجميع وبالأخص أطفال الأسر السليمة وفي كثير من الحالات ينتقل الطفل من مقر الأسرة المتفككة ليعيش غريباً مع أبيه أو أمه، فيواجه بذلك صعوبات كبيرة في التكيف مع زوجة الأب أو زوج الأم، وقد يقوم الطفل بعقد عدة مقارنات بين والديه وبين الوالدين الجدد وفقاً لهذا الوضع الجديد أن يتكيف مع بيئات منزلية مختلفة في النواحي الإقتصادية والاجتماعية والمستوى الثقافي مما يجعله في حالة اضطراب نفسي مستمر يؤثرعلى شخصيته بدرجة كبيرة فيخلق منها شخصية متأرجحة، ويتعرض الطفل للإضطراب والقلق نتيجة عدم إدراكه للأهداف الكامنة وراء الصراع بين الوالدين أو أسباب محاولة استخدامه من قبل والديه في شن الهجوم على بعضهما البعض واستخدامه كأداة لتحقيق النصر على الطرف الآخر. يؤدي هذا الإضطراب في مرحلة الطفولة إلى اضطراب النمو الإنفعالي والعقلي للطفل فيبرز للمجتمع فرد بشخصية مهزوزة أو معتلة يعود بالضرر على المجتمع بأكمله. وصايا عديدة: ويرى باحثون اجتماعيون ان في حال أصبح الطلاق أمرا واقعاً...لا يجب أن نحدث الأطفال بطريقة سلبية عن الطرف الآخر سواء من قبل الأم أو الأب أو من قبل العائلة، وفي حالة الشعور بالغضب فمن الأفضل اللجوء إلى صديق للحديث عن مشاكل الانفصال دون أن تصب غضبك على طفلك أو تقحمه في متاهاتك المزاجية، وحينما يلتقى الوالدان أمام طفلهما فعليهما إبداء الإحترام لبعضهما البعض، فلقاء الطفل بوالديه ليس مناسبة لبدء الشجار من جديد، ويوصي اولئك الباحثون بترك الطفل يتحدث حينما يرغب إلى الطرف الغائب عن البيت عبر الهاتف مثلا. من الأفضل ألا نحكي عن مشاكل الطلاق أمام الأطفال، لتركهم يعيشون حياة مستقرة ونبعدهم ما أمكن عن التغيير السلبي في حياتهم.