أراد الله عند خلقه لهذا الكون ان يقوم على الذكر والأنثى في كل مخلوقاته فهما متلازمان يكمل بعضهما البعض ولا تقوم الحياة بغياب واحد منهما. والفتاة منذ الصغر تربى على اليوم الذي تصبح فيه أنثى زوجة وأماً فهي تستعد لذلك اليوم وتتهيأ له منذ سنواتها الاولى ولكن قسوة الحياة وظروفها الصعبة خلقت واقعا مقلقا لها اذ انها صارت مهددة بالاقامة الجبرية في منزل والدها وتحطيم الصورة التي رسمتها في خيالها، إنه الخوف من عدم الزواج او ما يسمى بقلق العنوسة . شابة في أعتاب الاربعينات رفضت ذكر اسمها تقول إن الظروف الاجتماعية احيانا تفرض علينا أشياء كثيرة، أنا أكبر إخواتي ووالدي موظف دخله بسيط ونسبة لعدم وجود ابن أكبر اصبحت الابن الأكبر والبنت وفضلت اكمال دراستي مع العمل وهذه متطلبات الحياة، وعندما انتهيت وجدت نفسي في موقف حرج اجتماعيا والعمل والدراسة سرقت شبابي وانتظر الفرصة بدون شروط أو قيود لمعاييرالزواج. تقول سماح خالد طالبة انها تفضل الزواج بعد اكمال دراستها والتوظيف ولكن اذا تقدم لها شخص قبل اكمال الدراسة لن تؤجل ذلك حتى لا اصنف من ضمن العانسات لأنه يمكنني اكمال دراستي بعد اقناع زوجي بضرورة ذلك. إيناس محمد تفضل الشاب بمواصفات عالية ووضعه المادي معقول وذكرت لنا في زمن يصعب التشدد في الاختيار والفرصة التي تأتي اليوم لا تتوفر غدا والشباب اليوم اصبحوا غير جادين وغير راغبين في تحمل المسئولية. أما ياسر بابكر فقال ان تحمل المسؤولية هي سمة او صفة يتعلمها الشاب منذ صغره ويتربى عليها ولكن في الوضع الراهن فرض على الشباب هذا الشكل غير المقبو،ل واصبحت الظروف المادية مكبلة ومقيدة لهم وجعلتهم يفكرون بعدم الارتباط ولكن يجب ألا نستسلم لهذا الوضع. واضاف زميله محمد صالح ان الفتيات اصبحن لايرضين بالوضع الراهن ويكلفن الشاب فوق طاقته عند تقدمه للزواج، فهن يردن كل شئ في وقت واحد ولذلك تجد الشاب يفكر ألف مرة قبل ان يخطو هذه الخطوة. الاختصاصي النفسي د. عبد السلام حسن يقول إن العنوسة هي التوجس والخوف والقلق من الإشباع النفسي والتأخر أوعدم الارتباط بالآخر اصبحت تمثل مشكلة اجتماعية ونفسية ظهرت نتيجة للكثير من العوامل والاسباب المجتمعية والشخصية. ويعتقد البعض انها مرتبطة فقط بالنساء ولكن يوجد ايضا رجال في طور العنوسة إلا ان تأثيرها على النساء أكثر ولأسباب عديدة ولها آثارها النفسية وردود الفعل والنواتج السالبة بين الجنسين والآثار النفسية المترتبة على قلق العنوسة نفسية وتوجد فروق فردية وسط العوانس وقد تظهر في شكل اضطرابات نفسية وسلوكية كالاحباط والاكتئاب والحسد وتعبر الفتاة عن هذه الآثار سلوكيا ونفسيا ونجد ان الدخول في علاقة او خطبة يخفف من هذه الاضطرابات، كما أن وجود التنازلات بالنسبة للفتاة في المواصفات لشريك الحياة نتيجة لفرض واقع جديد والقبول بأقل المؤهلات وتوجد الكثير من الحلول والمقترحات للحد وتقليل زيادة العنوسة منها مناط بعدد من مؤسسات المجتمع المدني التي تتمثل في الأسرة من خلال التربية والتنشئة المشتقة من القيم الدينية ويتطلب من الأسرة ترسيخ المعايير في اختيار الشريك، الأخلاق ودور الدولة في معالجة الجانب المادي للشباب وتوفير فرص عمل واقامة الزيجات الجماعية كما يمكن توظيف الاعلام في الدراما والفن وبرامج الأسرة والمنوعات بنشر الوعي والثقافة والتوافق الزوجي والمهارات اللازمة لاختيار شريك الحياة.