قالت وزيرة الخارجية الأميركية السابقة كوندوليزا رايس إن الولاياتالمتحدة لا يمكنها التدخل بشكل مباشر في مستقبل مصر الديمقراطية الجديدة ولا بتحديد سياساتها، ولكن يمكنها التأثير في مستقبل البلاد من خلال الإلهام. وأبدت كبيرة الدبلوماسية الأميركية السابقة بعض الاستهجان من الطريقة التي تم فيها خلع الرئيس المصري ونظامه، موضحة أنها استمعت للخطاب الأخير للرئيس حسني مبارك. وفي المقابل أشارت رايس إلى أن عوامل شتى كانت وراء الثورة الشعبية مثل تزوير الانتخابات البرلمانية الأخيرة التي وصفتها بالمهزلة، بالإضافة إلى قانون الطوارئ الذي يلقى امتعاضا شديدا من جانب المصريين، وقيام السلطات باعتقال قيادات المعارضة، مما حدا بالمصريين إلى الثورة انطلاقا من ميدان التحرير. ودعت الدول الأخرى بالشرق الأوسط للتعجيل في إجراء الإصلاحات السياسية والاقتصادية التي طال انتظارها والتي تم تأجيلها وتعليقها منذ زمن بعيد. مخاوف المخلوع وقالت الوزيرة السابقة إن ثمة مخاوف طالما حذر منها الرئيس المخلوع وتتمثل في احتمال تولي الإخوان المسلمين سدة الحكم في ما لو تخلى هو عن السلطة، مضيفة أن الإخوان هم الأكثر تنظيما من بين كل أطياف المعارضة. وأضافت أن مبارك وبرغم فشله في أكثر من مجال، فإنه حافظ على سلام بارد مع إسرائيل، مما جعل الدور المصري الذي انتهجه الرئيس المخلوع يشكل ركيزة من ركائز السياسات الخارجية المصرية. وأشارت إلى أن مبارك كان دعم من وصفتهم بالفلسطينيين المعتدلين وحاصر حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وأنه لم يستطع المضي بتقديم خدمات أكثر مما قدم، في ظل مخافته من الشعب المصري، موضحة أن "الفاشيين" عادة ما يخشون ويخافون من شعوبهم أكثر من أن يجيدوا كيفية احترام الشعوب. كما كشفت رايس عن أن بلادها طالما تنحي باللائمة على أصدقائها من القادة العرب وغيرهم ممن يظهرون لأميركا ما لا يظهرونه أمام شعوبهم، بحيث يتسببون في تأجيج كره الشعوب للسياسات الأميركية وللأميركيين، في حين يلوذ القادة المعنيون بالصمت والسرية. وأوضحت أنه لا يمكن لواشنطن استشراف مستقبل الحكومة المصرية الجديدة، ولكن يمكن التأثير فيها عبر الإلهام، في ظل العلاقات الأميركية مع الجيش المصري ومع المجتمع المدني المصري، وتقديم الوعود بالدعم الاقتصادي وبدعم التجارة الحرة، من أجل المساعدة في تحسين ظروف الكثيرين من الشعب المصري نفسه. وأما النقطة الأهم فتتمثل في ضرورة التعبير عن الثقة في مستقبل الديمقراطية المصرية، فالمصريون ليسوا كالإيرانيين، والزمن ليس زمن 1979. وقالت إن المؤسسات المصرية بهذه الأوقات أقوى وأمتن من مثيلاتها، وإنها أكثر علمانية من سابقاتها، وإن الإخوان المسلمين سينافسون في جو من الديمقراطية عبر انتخابات شعبية حرة ونزيهة بشكل فعلي. تساؤلات وتساءلت رايس عما إذا كان إخوان مصر ينوون فرض تطبيق الشريعة الإسلامية؟ أو أنهم يتطلعون إلى مستقبل تسوده التفجيرات الانتحارية وأعمال المقاومة ضد إسرائيل عن طريق العنف؟ أو ينوون أن يتخذوا من إيران نموذجا سياسيا؟ كما تساءلت عن كيفية تمكن القيادات المصرية الجديدة من إيجاد وظائف للشعب المصري؟ وهل تفكر الحكومة الجديدة في إمكانية تحسين معيشة أبناء الشعب من خلال الانقطاع عن المجتمع الدولي أو عبر انتهاج سياسات من شأنها فقدان الشرق الأوسط لاستقراره؟ كما حذرت الدبلوماسية الأميركية من أن الشرق الأوسط سيشهد اضطرابات على مدار الشهور والسنوات القادمة، موضحة أن تلك الفوضى "الخلاقة" والاضطرابات تبقى أفضل من الاستقرار الخادع الذي تعيشه دول المنطقة، في ظل أنظمة الحكم الاستبدادية التي تجعل المناخ مناسبا لظهور المتطرفين، وسط عدم توفر الديمقراطية الحقيقية بالمنطقة. كما دعت الوزيرة السابقة إلى ضرورة قيام الولاياتالمتحدة بدعم الديمقراطيات الحديثة بالشرق الأوسط، موضحة أن ذلك ليس من أجل ضمان المصالح الأميركية بقدر ما هو من أجل عيون شعوب المنطقة نفسها، مؤكدة احترام الاختلافات في وجهات النظر من أجل عيون القيم الأميركية والحرية والمبادئ المشتركة.