على الرغم من أن جلسة مجلس الأمن التى عقدها –الاثنين الماضي لمناقشة قضية أبيي و شكوى حكومة الجنوب من الشمال و زعزعة استقراره – لم تكن جلسة رسمية، ومن ثم لم تخرج بقرارات أو بيان رئاسي ، إلا أن مجلس الأمن دون شك كان (سخياً) – إذا جاز التعبير– فى سماحه لأمين عام الحركة الشعبية و وزير السلام فى حكومة الجنوب (باقان أموم) لمخاطبة المجلس . هذا السخاء الدولي ليس له أدني تفسير لأن جنوب السودان و حتى التاسع من يوليو المقبل ، لا يزال جزءاً من دولة السودان و لم يحصل على اعتراف دولي بعد و لم تقبل عضويته رسمياً فى المنظمة الدولية ، ولا تأخذ رايته مكانها بين رايات و أعلام الدول الأعضاء . هذا السخاء لم يكن جديداً ، فقد حضر العديد من قادة حكومة الجنوب العديد من الجلسات فى المجلس فى مرات سابقة (بدون صفة) ، و تكرر الأمر كثيراً، ربما ليُفهم منه أن حكام الجنوب (يحظون بمعاملة خاصة) أو أنهم لهم (أصدقاء كبار) يعلمونهم الحكمة و السياسة و كيفية التعامل فى المجلس! على كل ليس هذا بالأمر المهم، ولكن المهم ان المجلس ضرب أخماساً بأسداس كما يقولون ، واستمع لأموم – بصبر و مثابرة و من ثم فرض المنطق نفسه ، إذ أنه فيما خلص إليه المجلس ، فان منطق الأحداث فى جنوب السودان أبان عن (إختلال أساسي) فى طريقة إدارة الحركة الشعبية للأمور فالقضية – كما اتضح للمجلس – ليست قضية أبيي التى يحكمها بروتوكول و بنود اتفاق أوضح من الإضاءة القوية التى يجلس تحتها أعضاء المجلس فى قاعتهم الأنيقة. والقضية ليست اتهامات – غير مسنودة – تطلقها الحركة الشعبية ضد شريكها الوطني بمحاولة قلب نظام الحكم فى جوبا! كانت القضية التى قصمت ظهر باقان أن المجلس (زجر) الحركة فى إقحامها للمدنيين فى الصراع الدموي الجنوبي الدائر هناك ، بينها و بين المتمردين من أمثال أطور و غيره . لقد وجد المجلس حكومة الجنوب (مذنبة) حيال فشلها فى حماية المدنيين، و الحيلولة دون السماح لقوات الأممالمتحدة (اليوناميس) بتوفير هذه الحماية. كان المجلس يكاد يصف الوضع بما يجري حالياً فى ليبيا ، فهناك مدنيين أبرياء فى الجنوب تطالهم الآلة الحربية الشعواء فى ذلك الصراع الطاحن، و الأنكي من كل ذلك أن موسفيني الجار الملاصق للجنوب فى يوغندا يدرس حالياً مع قادة حكومة الجنوب (إستخدام الطائرات)! فى القضاء على متمردي الحركة فى نسخة جنوبية جنوبية ، (منقولة بالكربون) من الجماهيرية الليبية. لقد كان أموم فى الواقع محبطاً وهو يعود من نيويورك باللوم وعتاب دولي حيال ما يجري فى الجنوب و لا شئ فيما يخص الشمال . أموم عاد بخفي أطور !!