طوبى السلام والاستقرار لأهل دارفور في جنة حركة التغيير التي تنتظم دول المغرب العربي، ومن ضمنها بلاد عمر المختار التي تلوّثت على مدى أكثر من أربعة عقود بجنون العظمة لصالح المشروع الصهيوني البغيض. فها هي حركة العدل والمساواة أخيراً جداً وبعد أن هبت رياح الثورة «الجماهيرية» الحقيقية في بلاد عمر المختار «الأبدع ولجيش ايطاليا زعزع» قد وقعت مع حركة التحرير والعدالة على اتفاق أكدت معها فيه التزامها بمنبر الدوحة باعتباره المنبر الأوحد للتفاوض، ودعت أيضاً في الاتفاق الشركاء ودول الجوار السوداني دعم منبر الدوحة، وإذا كانت ليبيا التي تعيش هذه الأيام مخاض الثورة الشعبية لولادة متعثرة جداً كما يبدو للحرية والكرامة، إذا كانت ليبيا واحدة من دول الجوار هذي، فلم تكن معنية بدعم منبر الدوحة؛ لأن نظام القذافي كان يقدم عاصمة بلاده بديلاً لها، لكن الآن بالنسبة لحركة خليل قد استقر أمر التفاوض في منبر الدوحة إلى حين الوصول إلى تسوية، فليس أمامها بعد ثورة التغيير في ليبيا حيث كان ملاذها الآمن إلى رفع راية المفاوضات دون تعنت لصالح أجندة القذافي المخبول.. «المسطول» بجنون بقر العظمة. والتحية للثوار الليبيين الذين اضطروا حركة خليل للتوجه بقوة إلى منبر الدوحة لتعود عرجاء سلام دارفور إلى مراحها السوداني في الدوحة. فهؤلاء الثوار بطريقة غير مباشرة نعتبرهم مساهمين بشكل فعّال في مسيرة استكمال سلام دارفور قبل أن يهدروا دم قائد حركة المرتزقة كما اعتبروه.. وإذا كانت إستراتيجية دارفور الجديدة هي العامل الداخلي وحده لإصلاح الظروف التي عاشتها ولايات دارفور، فالآن بالثوار الليبيين يضاف العامل الخارجي داعماً لهذا الإصلاح على مختلف الأصعدة، عجّل الله انتصار الثورة الليبية على «الثورة الأسرية» التي يقودها القذافي وابنه سيف الإسلام وابنته عائشة بالعناصر المرتزقة التي ظلت لفترة طويلة تنسق استقرار دارفور.. وإن كان البعض يتمنى نقل حركة التغيير إلى السودان، فإنني اعتبر أن ثورة ليبيا الشعبية الحالية تكفي وتجزي من حيث الأثر الإيجابي. إسقاط القذافي أم حماية الأبرياء اختارت بعض الصحف لخبر عمليات حماية الأطفال والنساء والرعايا الأجانب في ليبيا بواسطة بعض أعضاء الأممالمتحدة من الدول العربية وغير العربية عنواناً من شأنه أن يُنقل مضمونه من السياق الإنساني إلى سياق آخر متصل بعلاقة دبلوماسية تحت الانقاض.. وعنوان الخبر يقول: «السودان يفتح الأجواء لضرب القذافي». وكان الأوفق أن يكون «السودان يفتح الأجواء لعمليات حماية المدنيين».. هذا إذا كان قد فتحها بالفعل أو هو بصدد فتحها، وذلك لأن قرار مجلس الأمن أصلاً ليس ضرب القذافي مباشرة لإسقاطه وإنما حسب ما جاء منه فقط يريد وضع حد لمجازر القذافي ضد شعبه بواسط الآلة الحربية التي لاينبغي أن توجه ضد المتظاهرين ، أي أن مجلس الأمن يريد أن يقول إنه لا يرغب في تكرار نموذج افغانستان والعراق أطاح الملا محمد عمر وصدام حسين بالرغم من أن القذافي في أسوأ منهما من كل النواحي على الإطلاق.. المهم أن الخرطوم نفت صحة الخبر، والجدير بالذكر هنا أن عمليات حماية الشعب الليبي تشارك فيها دول أكثر عروبة من السودان، ولكن بمنطق أمين حسن عمر فإن الحكومة السودانية الأكثر تضرراً مع شعبها من نظام القذافي مازالت حيال ليبيا تتمسك بالآية الكريمة «ما جعل الله لرجل في جوفه من قلبين».. أي يقصد قلب رسمي وقلب شعبي، لكن هل تكون الحكومة السودانية مع «ليبيا الغربية» دبلوماسياً طبعاً، ويكون شعبها مع «ليبيا» الشرقية بعد تحرير الشرق من طغيان القذافي؟! لكن العزاء في ما قاله نائب رئيس البرلمان هجو قسم السيد: «إننا نريد ذهاب القذافي في اليوم قبل غدٍ» وهذا ما لم يقله مجلس الأمن الذي يريد حسم الأمر بعد أن تفوق كمية الدم الليبي كمية مياه النهر العظيم. «الأسلوب القمعي» عبارة غريبة أحد خطباء الجمعة بأحد مساجد بورتسودان أطلق من «المسجد» تصريحاً ناقض به قاعدة «لكل مقامٍ مقال» حينما قال: إن «الأسلوب القمعي الذي ينتهجه دكتور نافع مساعد رئيس الجمهورية لا يساعد على خلق أجواء ملائمة للحوار بين المكونات السياسية للبلاد».. انتهى ونقول إذا افترضنا أن ما قاله صحيحاً ودقيقاً رغم أن حالة القمع لا يمكن أن تصدر ممن هو دون الرئيس ونائبه فهذا يعني أن خطيب أحد مساجد بورتسودان لم يسمع بعد «قرارات الرابع من رمضان» الشهيرة غير تصريحات نافع، فهو إذن لم يسمع ما قاله في مختلف المناسبات والمنابر أمثال الترابي وعلي محمود حسنين ومبارك المهدي ومريم المهدي وعرمان وباقان قبل إعلان الانفصال والقائمة تطول.. فهل يا ترى يكون دكتور نافع قد قال ما هو أسوأ مما قاله هؤلاء؟! المهم هو أن عبارة «الأسلوب القمعي» لا يمكن أن يتصف بها شخص سياسي.. يقول ما يراه ضد خصومه؛ لأن خصومه مثله يقولون ما يرونه، أما إن كان هذا لأنه مساعد للرئيس، فهو ليس الرئيس الذي فتح باب الحوار لكل القوى السياسية وحتى التي يمكن ألا تسمح بنشر مبادئه الإسلامية إن كانت هي في السلطة وكان هو في المعارضة.. عبارة «الأسلوب القمعي» غير موفقة من هذا الخطيب اللهم إلا إذا أراد بها غرضاً لصالح جهة ما يتبنى هو أو يخدم أجندتها. نقلاً عن صحيفة الانتباهة 27/3/2011