حتي الآن لم نرأ ونسمع تعليقاً قوياً أو موقفاً جديراً بالاحترام جراء ثبوت ضلوع جارة الجنوب السوداني يوغندا في تغذية الصراعات القبلية الدامية الجارية في الإقليم. ولعل الأمر كله يبدأ وينتهي بسؤ التقدير لدي قيادة الحركة الشعبية, فالقادة القليلي الخبرة المندفعين في معاداتهم التاريخية للشمال, أغفلوا تماماً أي عامل خارجي آخر في أزماتهم الداخلية واعتبروا- في مسلك سياسي خاطئ- أن الدول الإفريقية المحيطة بهم جميعها صديقة لهم وتريد لهم الخير وأن عدوهم للشمال واقعة اختفاء زعيمهم الراحل قرنق عن الساحة السياسية في حادثة تحطم الطائرة الغامض الذي كان واضحاً أن الرئيس اليوغندي يوري موسفيني- من واقع ارتباكه الشديد الذي بدا واضحاً عليه- له صلة وثيقة به, كما أن قادة الحركة الشعبية – بحسابات سطحية وساذجة- تجاهلوا طبيعة الدور ألاستخباري المستديم الذي تكفل موسفيني بلعبه في المنطقة لصالح قوي دولية تربطه بها مصالح خاصة أبعد ما تكون عن مصالح بلاده ومصالح القارة الإفريقية. ان من السهل فهم ما يهدف إليه موسفيني , فهو يجاور دولة حديثة التكوين لها مشاكلها وأزماتها وإذا استقرت فإنها قد تستقوي عليه وتصبح من ثم بمثابة شوكة علي خاصرته وهو (وكيل دولي دائم) للقوي الدولية التي ربما فكرت حينها في إزاحته. ما من طريق لموسفيني لكي يظل علي ما هو عليه سوي بتأجيج الصراع في دولة الجنوب حتي تظل دولة فاشلة ومن ثم تنصرف عنها الأنظار الدولية. الأمر الآخر أن الرجل لديه أطماع قديمة, يبدو أنها بدأت تتجدد بشأن التوسع في المنطقة, والتحكم في ذمام الأمور فيها, ومن المعروف أن يوغندا لديها امتداد اثني – قبائل الأشولي- داخل الجنوب. كل هذه المعطيات تجاهلها قادة الحركة الشعبية ولا يزالوا يتجاهلونها ومن المؤكد أن ظروفهم السياسية لن تمكنهم من مواجهة يوغندا ويوغندا من جانبها لن تدع لهم أي فرصة لكي يصبحوا قادرين علي مواجهتها لا حاضراً ولا مستقبلاً. أمر آخر تناساه قادة الحركة الشعبية وأغفلوه وهو أن يوغندا سوف تلج ساحة الصراع الجنوبي لكي تحصل علي أفضل حلفاء لها في الجنوب وهذا لن يتأتي إلا بخلخلة الحركة الشعبية وأضعاف جيشها الشعبي الذي يعاني أصلاً من الانشقاقات الحادة. لقد دخلت الحركة الشعبية – لتوها – في ورطتها التاريخية الأمر الذي من المؤكد أنها لم تحتسب له من قبل ولا خطر بقلب قادتها مطلقاً!!