القصة: اعتقال العقيد جون مورويل مجاك. الزمان : 2/ أبريل 2010. المكان: فندق جنوب السودان رومبيك. المعتقل: سجن الأمن العام والمباحث. التهمة: الانتماء للقوات المسلحة السودانية. قف أنت قيد الاعتقال: في تمام الساعة الثامنة مساء بالتوقيت المحلي لمقاطعة رومبيك اقتحم «9» أشخاص بالزي المدني ويحملون أسلحة رشاشة خفيفة بهو فندق جنوب السودان في مقاطعة رومبيك وتوجهوا فورًا نحو طاولة كان يجلس عليها بضعة أشخاص يهمُّون بتناول وجبة العشا، وصل اثنان منهم للطاولة فيما أحاط البقية بها كالسوار حول المعصم وأشهروا في ذات الأثناء أسلحتهم في وجوه الجالسين، فزع الأشخاص على رأسهم وزير السياحة الاتحادي جوزيف ملوال ونادى أحد الأشخاص باتجاه العقيد مورويل قف أنت .. وقف الضابط جون مورويل وتحدث مع الشخص الذي عرّف نفسه والمجموعة التي برفقته بزهو: «نحن جهاز الأمن والمباحث بالحركة الشعبية» وقال: أنت قيد الاعتقال أيها الضابط مورويل تساءل مورويل كيف تعتقلني وأنا ضابط بالقوات المسلحة السودانية وما هي التهمة التي ارتكبتها حتى تعتقلوني.. ومن خلف تلكم الأحاديث ظهر الشخص ال10 ويدعى خميس عبد اللطيف شول صائحًا في جندي الأمن التابع للحركة الشعبية اقبض عليه فورًا، قام الجنود التسعة بإحاطة معصم العقيد مورويل ب «الكلابشات» ولم ينسوا في ذات الوقت ركله بجميع أنحاء جسده المتهالك بمرض «السكري» ودونما تقدير لكبر سنه قام الجنود بجره جرًا إلى سيارة عسكرية مكشوفة ورافقتها «سرينة» لفتح الطريق، مضى الموكب قرابة الساعة والجميع صامتون فجأة صاح احد الجنود في وجه العقيد مورويل شامتًا: «هل تدري من بسيارة النجدة التي أمامنا؟» لم ينتظر الجندي بالكاد ليسمع رد العقيد مورويل وكأنما يجيب نفسه قائلاً بزهو: «إنه وزير الشؤون الداخلية في حكومة الجنوب». داخل المعتقل: القصة الماضية رواها لي العقيد مورويل وهو طريح الفراش بضاحية جبرة بالخرطوم عندما زارته «الإنتباهة» للوقوف على حالته الصحية عقب اعتقاله في رومبيك وهو في مهمة رسمية مشاركًا مع وفدًا اتحاديًا، يقول مورويل: وصلنا لسجن يُطلقون عليه سجن الأمن العام والمباحث ويضيف: «ألقوا بي في زنزانة صغيرة ووسخة» ويذكر: ريثما نهضت من دفعهم لجسدي المريض دخل عليّ حوالى «11» شخصًا ملثمين علمت من لهجتهم المحلية أن بعضهم ينتمي للاستوائية وآخرين لقبيلة دينكا واو قاموا بضربي كيفما شاءوا وهم يرددون ألفاظًا قاسية في وجهي ويردف: «ضربوني (بالدبشك) في ظهري طوال 4 ساعات متصلة» ومن ثم أغلقوا عليّ الحراسة وذهبوا، ويقول مورويل «أخذوا ملابسي جميعًا ونهبوا مالي المقدر ب9 ملايين جنيه وساعتي» ويسكت برهة ثم يضحك قائلاً «أخذوا منديلي أيضًا». «5» أيام في جهنم: أمضى العقيد مورويل خمسة أيام كاملة بسجن المباحث في رومبيك وتعرض للضرب المبرح وطُعنت يداه ب «السونكي» في محالاوت لبترها كما تظهر الصور المرفقة بالصفحة، لم توجه إليه أي تهمة أو أي أسباب لاعتقاله طلية أيام اعتقاله ال«5» التي قضاها بالمعتقل، ظل يوميًا يتعرض للضرب والاعتداء من مجموعات استخبارات الحركة الشعبية، أخذت المجموعة سلاحه الشخصي وترخيصه ونهبت جميع الأموال التي كانت بحوزته، ظل حراسه يكيدون له المؤامرات باستدعاء أتيام التعذيب مدّعين أنه يحاول الهروب. رحلة العودة المفاجئة: ابن الدفعة 34 بالكلية الحربية السودانية حضر إلى زنزانته «5» أشخاص صبيحة اليوم الخامس من الاعتقال وأعطوه» ملابس وسخة وسفنجة» كما قال، وطالبوه بسرعة بارتدائها على عجل لأن الطائرة في انتظاره لإقلاله إلى مدينة جوبا، قامت السلطات هناك باستقبال العقيد مورويل وفور وصوله قامت بترحيله للخرطوم بالطائرة. «الإنتباهة» تزور مورويل: جلست لساعة ونيف أراقب بقلق مقدم العقيد جون مورويل مجاك، تأخر كثيرًا مما دفعني لتقديم الاعتذار لصهره الذي كان جلوسًا معنا بأن الوقت لا يسمح بالانتظار أكثر من ذلك لارتباطات عملية بالصحيفة، وكما اعتقل العقيد مورويل فجأة ظهر بداره بغتة وهو في روح معنوية عالية فور رؤيتنا رحّب بنا والزميل محمد الفاتح والأخ محمد عمر بقسم الترحيل بالصحيفة، سرد لنا قصة اعتقاله من الألف إلى الياء، وقمنا بالوقوف على جروحه البالغة بيديه وظهره، روى لنا مأساة حقيقية وأحداثًا رهيبة ذكرنا هنا البعض منها وفشل القلم في تدوين الآخر منها. معتقلون من غانا يناشدون بلادهم إطلاق سراحهم: داخل معتقل الأمن برومبيك يقبع عشرات المواطنين من دولة غانا محتجزين لأسباب متفاوتة أو غير موجودة البتة، ويلفت العقيد مورويل أن هناك مواطنين غانيين محتجزين بسجون الحركة الشعبية في رومبيك دون توجيه تهمة إليهم وينقل رغبتهم لسلطات بلادهم في ضرورة التدخل العاجل لإطلاق سراحهم، وينوه بمعتقلين من أوغندا وكينيا أيضًا موجودين بالسجن. رشاوي ضباط بالحركة: يقدم رجل الأعمال الشمالي المشهور « أ» رشاوي لضباط كبار بالحركة الشعبية وفي مقدمتهم العميد « ق» صهر الشخصية القيادية بالصف الأول لحكومة الجنوب بغية تسهيل أعماله، وتصل قيمة الرشاوي إلى 3 آلاف دولار كمرتب ثابت يدفعه رجل الأعمال المشهور باستثماراته الواسعة في الجنوب.. ذات الرجل هدد العقيد مورويل قبيل سفره إلى رومبيك بأنه سيلقى حتفه حال إقدامه على السفر جنوبًا. رسالة من العقيد مورويل: إنني ضابط كبير بالقوات المسلحة السودانية وأرحِّب بكم في دياري وأشكر حكومة السودان بجهودها لتخليصي من الذين اعتقلوني والمجرمين الذين عذبوني باسم الحركة الشعبية وهم خميس عبد اللطيف شول ووزير الشؤون الداخلية بحكومة الجنوب المدعو وقير شوانق وتم الإفراج عني دون توجيه تهمة ضدي أو تحقيق حتى تاريخ اللحظة وتم ترحيلي إلى الخرطوم من مطار جوبا. عقيد/ جون مورويل مجاك نقلا عن صحيفة الانتباهة بتاريخ :24/4/2011