مع النمو المتواضع للاقتصاد الأميركي بعد الأزمة المالية واستمرار اعتماد واشنطن على بيع ديونها للصين، يحرص الجانبان على استقرار العلاقات بينهما وتكريساً لفرصة من شأنها تقليص الخلافات السياسية والتوتر بين أكبر اقتصاديين بالعالم. وقد بدأت في واشنطن أمس محادثات رفيعة المستوى بين الولاياتالمتحدة والصين تستمر ليومين تقود وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون وزير الخزانة تيموثي غايتنر خلالها فريق المفاوضات الأميركي للدورة الثالثة للحوار الاستراتيجي والاقتصادي السنوي بين الطرفين، فيما يقود الجانب الصيني دانغ تشي شان نائب رئيس الدولة وعضو مجلس الدولة داي بينغوه. الوزيرة كلينتون أكدت أمس في افتتاح اللقاء أن الولاياتالمتحدة لا تعتبر صعود الصين تهديداً وترغب في تعزيز الثقة المتبادلة بين البلدين، وقالت: إن بعض الأشخاص في بلدنا يعتبرون تقدم الصين تهديداً والبعض الآخر يخشون ألا تسعى واشنطن إلى عرقلة النمو الصيني، موضحة أنها ترفض هاتين الرؤيتين، وترى في التعاون كسباً أكبر من النزاعات. بدوره اعتبر وزير الخزانة الأميركي تيموثي غايتنر أن الأهداف الاقتصادية لكل من الولاياتالمتحدة والصين غير متعارضة ولو أنها مختلفة. وقال غايتنر: إن الإصلاحات التي يتعين علينا إجراؤها للتوصل إلى أهداف مختلفة جداً ليست متعارضة وأن قوى اقتصادينا لا تزال مكملة بشكل كبير. وذكر غايتنر بأن التحدي بالنسبة إلى الولاياتالمتحدة يكمن في تطبيق الإصلاح المالي على المدى الطويل، الذي سيسمح للبلد بالاستمرار مجدداً وفقاً لوسائله وأن التحدي بالنسبة إلى الصين هو تطبيق نموذج جديد من النمو حيث يكون هذا الأخير مدفوعاً أكثر من الطلب الداخلي وحيث يكون النظام المالي أكثر إتقاناً، وهذا التحديان يتوافقان مع التعهدات التي قطعتها واشنطنوبكين في إطار مجموعة العشرين. ويرجح مراقبون أن تطالب واشنطنبكين بإصلاح عملتها، في مقابل أن تبدي الأخيرة قلقها إزاء ارتفاع مستويات الديون الأميركية، حيث تعد الصين أكبر مقرض للولايات المتحدة. وقبل بدء المحادثات، أوضح مسؤولون صينيون أنهم يراقبون المحادثات الجارية بين إدارة الرئيس باراك أوباما والجمهوريين بشأن مقترحات متعارضة لمعالجة عجز متوقع بالميزانية يبلغ 1.4 تريليون دولار. كما وضع المسؤولون الأميركيون قائمة بطلبات تشمل السماح بقدر أكبر من حرية وصول الشركات الأميركية للسوق الصينية والإسراع بتنفيذ إصلاحات السوق المالية، بالإضافة إلى تبني نظام أكثر مرونة للصرف الأجنبي وزيادة أسعار الفائدة الصينية. وقال رجين كارنوج، وهو أستاذ في العلاقات الدولية بجامعة رينمين في بكين: إنه من غير المحتمل تحقيق تقدم كبير، ولكن المحادثات قد تنزع فتيل القضايا التي يحتمل أن تكون قابلة للانفجار مثل الديون وقضايا أخرى.