خلال محادثاتها مع الرئيس الصيني هو جينتاو، في إطار الحوار الاقتصادي والاستراتيجي الصيني-الأميركي، أكدت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون أن "العلاقات الصينية-الأميركية أقوى مما كانت عليه في أي وقت مضى"، ولكن الأدلة جميعها تشير إلى استنتاج مختلف تماما. فعقب محاولة الرئيس الأميركي باراك أوباما تأسيس شراكة استراتيجية مع الصين بعيد توليه منصبه، تعمد إدارته الآن إلى اتباع نهج واقعي في التعامل مع تلك القوة العظمى الناشئة. وفيما تشهد العلاقات الجانبين تحولا تلقائيا، فإن واقعتين أخيرتين تؤكدان التعقيد المتزايد للعلاقات بين بكينوواشنطن. بدأت القصة التي أدت إلى إخراج بو زيلاي من الحزب الشيوعي الصيني، عندما قام وانغ ليجون، الذي كان يستجوب زوجة بو بشأن مقتل رجل أعمال بريطاني، بالاحتماء في قنصلية أميركية خوفاً على حياته. ومنذ فترة وجيزة، طلب تشين غوانتشنغ، وهو مناصر ضرير لحقوق الإنسان، مساعدة الولاياتالمتحدة في الحماية من جهاز أمن الدولة الصيني، الذي يحاول إخماد صوته. وتسبب ذلك في انحدار العلاقات الصينية-الأميركية إلى إحدى أكبر الأزمات الدبلوماسية، على امتداد السنوات الأخيرة، حيث طالبت بكين باعتذار من جانب الولاياتالمتحدة عن تقديمها ملاذاً لتشين. ثم وافقت الصين، حفظاً لماء الوجه، على تقدم تشين بطلب للدراسة في الخارج، شأن غيره من الطلاب الصينيين الذين يدرسون في الخارج. وبعد محاولة إبقاء حقوق الإنسان بعيداً عن الأضواء، كانت الولاياتالمتحدة أكثر صخباً بشأن القضية خلال الأشهر الأخيرة، ولذا فإن واقعة تشين تأتي في وقت صعب. ومن جهة أخرى، نشطت واشنطن من الناحية الجغرافية السياسية في المحيطين الهندي والهادئ، وذلك في محاولة لطمأنة شركائها بأنها وجدت في المنطقة لتبقى. ورغم محاولات أعضاء رابطة دول جنوب شرق آسيا تحويل إعلان سياسي غير ملزم يعود إلى عام 2002، إلى "مدونة سلوك" ملزمة قانونا لردع العدوان، فإن الصين لا تزال ترفض أي ترتيبات من شأنها أن ترغمها على التفاوض مع كتلة من الدول بشأن خلافات حول السيادة، وتفضل إجراء محادثات ثنائية مع أصحاب المطالبات، وهذا يجعل أميركا جزءاً أساسياً من حسابات الدول الصغيرة في المنطقة. وفي ضوء هذه الخلفية، تحتاج نيودلهي وواشنطن إلى المسارعة في إعادة تقييم العلاقات الثنائية بينهما. وليس هذا أفضل الأوقات لعقد شراكة بين أميركا والهند، فالمشكلات تتصاعد في كل الجبهات تقريباً. وتقبع دينامية الهند الاقتصادية، التي شكلت أقوى عوامل تحويل العلاقة الأميركية-الهندية على مدى العقدين الماضيين، تحت وطأة التهديد، ويرجع ذلك بصورة أساسية إلى حالة الشلل التي تعاني منها سياسة نيودلهي. ومن الواضح أن بعض التوقعات بشأن الوفاق بين نيودلهي وواشنطن لم تكن واقعية، ولكن الشق الأكبر من المسؤولية عن فشل هذه العلاقة المهمة جداً يكمن في أروقة السلطة في نيودلهي. لقد بدأت الولاياتالمتحدة العمل على تحدي هذا التصور، ومن شأن شراكة قوية بين أميركا والهند أن تقطع شوطا طويلا في إدارة انتقال السلطة في آسيا. المصدر: البيان 28/5/2012م