أطلت بوادر الاتفاق الاقتصادي برأسها من بين شرخ العلاقات الصينية- الأميركية فحيدت أزمة صرف اليوان عن الجولة الثالثة للحوار الاستراتيجي. بين العملاقين الاقتصاديين ليطغى التوافق الحذر على السطح مع شحنات تشجيع لتعاون متوازن لفح البيئة الاقتصادية البالغة التعقيد بين الدولتين بهواء أكثر دفئاً مع تبادل للوعود بشأن الحفاظ على استقرار هذا التوافق وإعطائه جرعات تنشيط ليطول عمره، ويعطيه القدرة على القفز فوق الاختلافات. ومرت أزمة سعر صرف اليوان في الحوار دون مواجهات بين بكينوواشنطن ليفضي هذا الحوار إلى إطار شامل أميركي- صيني لتشجيع نمو وتعاون اقتصاديين متينين ومستديمين ومتوازنين. ورغم مساحة التفاؤل التي حرص الطرفان على إبقائها، قلل متخصصون في الشأن الصيني- الأميركي من حجم التفاؤل المعلن استناداً إلى وجود منغصات جوهرية تنبثق أصلاً من تناقض المصالح الاستراتيجية العامة يملي على العاصمتين سياسات لا تخدم هذا التفاؤل. وما طبع الجولة الثالثة من هذا الحوار هو تمسك الطرفين بمواقفهما الأساسية، ما أدى إلى ترجمة هذا الجمود في إعلانهما المشترك حيث تعهدا بالتعاون مع بلدان أخرى للحفاظ على استقرار البيئة النقدية الدولية. وتعهدت الصين بالاستمرار في زيادة المرونة في سعر صرف اليوان، في حين تعهدت الولاياتالمتحدة بالتيقظ حيال تقلبات مسرفة في أسعار الصرف. وعلق وزير الخزانة الأميركي تيموثي غايتنر خلال مؤتمر صحفي: نأمل من الصين أن تتخذ قراراً بالسماح لسعر الصرف بالارتفاع بسرعة أكبر وهامش أكبر مقابل عملات شركائها التجاريين. من جهته لم يتطرق رئيس الوزراء الصيني وانغ كيشان إلى الموضوع، واكتفى بالقول: اتفقنا على أنه في ظل البيئة الاقتصادية البالغة التعقيد التي نشهدها اليوم يترتب على بلدينا تعزيز التعاون بشكل أكبر على صعيد سياسة الاقتصاد الكلي. وتمكنت الصين من حمل الإدارة الأميركية على ضمانة مواصلة دعم عملاقي إعادة تمويل القروض العقارية فاني ماي، وفريدي مالك اللذين تعتبر الصين من كبار دائنيها، بالمقابل وعدت الصين واشنطن بوضع حد للأفضلية التي تمنحها في الأسواق العامة. ونقلت «شينخوا» عن عضو مجلس الدولة الصيني داي بينغ قوله: إن الصين والولاياتالمتحدة اتفقتا على العمل عالمياً لمواجهة التحديات الدولية وأن واشنطن أكدت ترحيبها بالصين كقوة ناجحة ومزدهرة تلعب دوراً أكبر في الشؤون الدولية. واشار داي إلى أنه ركز خلال مباحثاته مع وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون على الاتفاق الذي توصل إليه رئيسا البلدين، وتبادل وجهات النظر حول كيفية بناء شراكة تعاونية صينية- أميركية. و عقد الجانبان جولة أولى من الحوار الأمني الاستراتيجي كما سمياه، واتفقا على العمل معاً لتحسين التنسيق والتفاعل مع الآخر في منطقة آسيا والمحيط الهادي. وترأس داي الجانب الصيني في حين ترأست كلينتون الجانب الأميركي وحاولت الأخيرة اللعب على الكلمات لتوجيه انتقاد جديد لبكين خلال المؤتمر الصحفي الذي عقدته أمس في ختام الحوار الاستراتيجي. وقالت متدخلة في الشؤون الصينية: عبثاً تقمع الصين المعارضين، مضيفة: يحاولون وقف مسار التاريخ عبثاً. وكان نائب رئيس الحكومة الصينية كيشان اتهم الولاياتالمتحدة بعدم فهم الحضارة القديمة الصينية، في حين رأى نائب وزير الخارجية الصيني زانغ زيهون أنه من الطبيعي أن ترى الصين والولاياتالمتحدة حقوق الإنسان بشكل مختلف مع تأكيده أن بكين حققت تقدماً ملحوظاً في هذا المجال.