أكَّد نائب رئيس الجمهورية علي عثمان محمد طه اتخاذ الحكومة مواقف حازمة تجاه خروقات الحركة الشعبية في جنوب كردفان انطلاقاً من دورها في حماية المواطنين، ووصف الموقف في الولاية "بالمضطرب" واعتبر الأحداث خروجاً عن القانون وقال: " لانجد مبرراً لأحداث كادوقلي وما وقع من اعتداء على أرواح وممتلكات المواطنين". واستبعد طه حدوث تغيير كبير في مواقف القوى الخارجية تجاه السودان عقب نهاية الفترة الانتقالية وانفصال الجنوب وأشار إلى أن بعض أعضاء وفد مجلس الأمن الذي زار البلاد مؤخراً صرَّحوا بنواياهم لاتخاذ مرحلة اتفاقية السلام مدخلاً للإطاحة بحكم المؤتمر الوطني، وأكد أن السودان في معركة مع أعداء الشريعة والسلام والاستقرار. وقال خلال مخاطبته جلسة البرلمان أمس التي شهدت تنويراً من مستشار الرئيس غازي صلاح الدين حول مفاوضات الدوحة، بجانب بيان حول قضايا ما بعد الانفصال، قدمه وزير الدولة برئاسة الجمهورية إدريس عبد القادر: "ستكون هنالك محاولات مستمرة من أعدائنا لمحاصرة قدرة الشمال على النمو والتقدم والاستقرار". وقطع بقدرة السودانيين على هزيمة أعدائهم من الساعين لإيقاف التقدم والنهضة لصرفهم إلى معارك جانبية، وقال: "سنفوِّت عليهم الفرصة ولكننا لن نهرب من واجبنا في الدفاع عن سيادتنا وعن شعبنا" . وأعلن طه أن الحكومة هيأت نفسها للافتراضات الأسوأ مع السعي لتحصيل الخيار الأفضل، وقال: "الحاذق في السياسة يبني خياراته دائماً على الأسوأ ". في ذات الاتجاه أشار طه إلى أن الحكومة اتخذت من فرض سيادة القانون وإقامة العدل سياجاً لكافة الترتيبات السياسية والاقتصادية الرامية إلى إنشاء ما سماه "الحكم القومي" الذي يتضمن قيام الحكومة العريضة بمشاركة القوى السياسية. من جهة أخرى شدَّد طه على أن الروح العامة لوثيقة الدوحة حول دارفور تشكِّل ضمانة قوية لتحقيق السلام في الإقليم. مؤكداً أن باب الحوار مازال مفتوحاً حول تنظيم مشاركة منسوبي الحركة من أبناء جنوب كردفان في الحياة السياسية، إلا أنه هدَّد من يختارون طريق المواجهة بمعاملة حازمة تُعيدهم إلى صوابهم وقال: "من يختار طريق الخروج عن القانون فسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون". واعتبر طه أن دخول الجيش أبيي حَسَمَ محاولات الحركة لإعادة الأمور إلى مربع الحرب، و أكد أن الخطوة قطعت الطريق أمام رغبة الحركة في فرض سياسة الأمر الواقع والحل الأُحادي في المنطقة عبر الخروج عن اتفاق كادوقلي، وقال: "هي رسالة للحركة ومن يقف خلفها أن لا سبيل للحل إلا بالحوار والتراضي السياسي". وقطع طه بشمالية جنوب كردفان والنيل الأزرق وأكد أن لا مجال لدخول الحركة أو حكومة الجنوب طرفاً في ترتيب أوضاع الولايتين، منبهاً إلى حصر الحوار في أبناء المنطقتين المنتسبين للحركة. من جهة أخرى طمأن طه نواب البرلمان والشعب السوداني بأن الحوار حول قضايا ما بعد الاستفتاء سينتهي بتحقيق مصالح الشمال ودعم الاستقرار مع الجنوب، مشيراً إلى عدم إمكانية حسم تلك القضايا قبل الانفصال، إلا أنه لفت إلى أن حسمها سيطول وقال: "لكنها لن تؤثر على ترتيباتنا لما بعد 9/ يوليو"، وأكد أن قضية الحدود لن تشكل خطراً بعد الانفصال إلا إذا أرادت الحركة جعلها مدخلاً للحرب، وقال: "لكن ذلك ليس من مصلحة الجنوب"، ونبه إلى أن الأخير ليس أمامه سوى تصدير نفطه عبر الشمال واعتبر أن ذلك يُعطي الشمال وضعاً متقدماً لتحديد صيغة الاتفاق الذي يحقق مصلحته. وفي السياق أكد والي جنوب كردفان أحمد هارون، عودة الهدوء والاستقرار للولاية، وقال إن القوات المسلحة حسمت تفلتات الحركة الشعبية، واصفاً الاعتداء بأنه توجه بربري بائس ويائس لمجموعات داخل الحركة قال إنها تسعى لعرقلة عملية السلام. وجدد تمسكهم بالسلام والحل السلمي عبر الحوار، مع الحفاظ في ذات الوقت على أمن واستقرار المواطن والولاية، وبحسب قناة "الشروق" فقد تم إغلاق الطريق المؤدي إلى مدينة كادوقلي وتوقفت الملاحة الجوية في مطار المدينة، وسط هدوء مشوب بالحذر في مدينة الدلنج وإغلاق شبه كامل للمحلات التجارية. على الصعيد ذاته أكد الناطق الرسمي باسم القوات المسلحة العقيد الصوارمي خالد سعد، استقرار الأوضاع الأمنية في كادوقلي بولاية جنوب كردفان، مشيراً إلى أن القوات المسلحة قامت بتأمين واسع للمنطقة، وقال إن الوضع الأمني فيها يسير من الأحسن إلى الأفضل. وقال الصوارمي إن المعلومات المتوافرة الآن تشير إلى خروج القيادي بالحركة الشعبية عبد العزيز الحلو، من مدينة كادوقلي متجهاً نحو منطقة كرنقو جنوب غرب كادوقلي بحوالي عشرين كيلومتراً. إلى ذلك دعت الولاياتالمتحدة إلى "وقف فوري" لأعمال العنف الجارية في جنوب كردفان، وحثت الأطراف السودانية على احتواء العنف الدائر وتحجيم آثاره، وعلى احترام "الالتزام الذي أعلنوه حيال الشعب السوداني والمجتمع الدولي والبقاء على طريق السلام". وقال المتحدث باسم الخارجية الأميركية، مارك تونر، إن واشنطن تنظر ب"قلق عميق" إلى المعلومات التي أشارت إلى وقوع أعمال عنف في جنوب كردفان. وشدد تونر على أن "الأعمال العسكرية الأحادية الجانب والتي تهدد مسار المفاوضات حول المستقبل السياسي والأمني لجنوب كردفان وولاية النيل الأزرق المجاورة يجب أن تتوقف على الفور".