كنت ولا أزال اعتبر ما حدث ويحدث حالياً في الوطن العربي من قلاقل وثورات وحروب أهلية تقف خلفه أصابع استخباراتية أجنبية ونفوذ سياسي غربي - أمريكي وأوروبي - وحتى في حالة اندلاع ثورة من الداخل في أية دولة عربية فإن الغرب يسارع لاحتضانها إعلاميا ولوجستيا وماليا، وفي حالة ليبيا عسكريا أيضاً، قد يستنكر بعضكم هذا الرأي ويعيدنا إلى نظرية المؤامرة في الأحداث الداخلية.. لكن ما حدث ويحدث هو حقاً مؤامرة كبيرة بانتظار وثائق «ويكيليكس» القادمة! ويتضح هذا السيناريو أكثر حين نجد وسائل الإعلام الغربية - وربما بتشجيع من حكوماتها - لا تفرق بين دول ديمقراطية منفتحة شهدت القلاقل والأزمات مثل البحرين ومصر وتونس ودول عسكرية شهدت قلاقل وثورات مثل ليبيا وسوريا حاليا، إنها لا تفرق بين الجميع، وتضع الكل في سلة واحدة، هي التحريض ضد الحكومات والدفع نحو اسقاطها، ولا يهمها ان جاء نظام حكم ديكتاتوري، أو إسلامي متطرف، أو شمولي استبدادي، أو فوضى (غير خلاقة)! المهم بالنسبة الى الغرب هو إحداث أكبر قدر من الفوضى والثورات والحروب داخل الوطن العربي، باتجاه إعادة رسم خريطة جديدة ل(شرق أوسط جديد) وتوزيع النفوذ بين الدول الغربية وتقاسم ثروات الوطن العربي، ولذلك تجدون ان روسيا والصين لديهما تحفظات سياسية حول ما يحدث في العالم العربي، لأنهم يعرفون جيدا ان أمريكا وبريطانيا وأوروبا لا يتحركون بهذه القوة ضد الدول والحكومات العربية ومساندة الثروات والقلاقل الا لأنهم ينطلقون من مصالحهم السياسية والاقتصادية لابتلاع الثروات العربية.. ولذلك تريد روسيا والصين شيئاً من الكعكة العربية وعدم استفراد الغرب وحده بها! السلاح الأكبر في المعارك التي تدار حالياً في الوطن العربي هو (الإعلام)، ولا يهم ان كانت (الدولة حليفة) مثل البحرين أو مصر أو غير حليفة مثل ليبيا أو سوريا.. فمثلا نحن هنا في البحرين أبواب الدولة مفتوحة لكل وسائل الإعلام من صحافة وتلفزيون وجمعيات حقوق إنسان ومنظمات تابعة للأمم المتحدة، ومع ذلك نجد أن هناك تجنيا ومغالطات وتزوير حقائق من وسائل الإعلام التي تصل إلى البحرين بكل حرية وشفافية! نفس الشيء يفعلونه مع دول عربية تشهد قلاقل واضطرابات، ولكنها تمنع وسائل إعلامهم من دخولها! يعني باختصار لا الدول الديمقراطية تعجبهم ولا الدول الشمولية ولا الدول العسكرية ولا الدول العربية المنفتحة (والليبرالية بعض الشيء)!.. كل الوطن العربي صار في (خيشة) واحدة!.. فرق واضرب واهرب! المصدر: اخبار الخليج 16/6/2011