البترول قضية أهميتها تنبع من كونها ملف مازال عالقاً ما بين الشمال والجنوب رغم انفصال الأخير وذهاب معظم الإنتاج له حيث ظلت هذه القضية محل اهتمام وحوار في وقت رشحت فيه إفادات بإمكانية أن يقود ذلك – لحرب متجددة بين الدولتين رغم استبعاد خبراء عسكريين وسياسيين لذلك – وبما أن جنوب السودان اختار لنفسه طريقاً جغرافياً وسياسياً يبعده عن الشمال الا أن الأخير ينظر إلى البترول باعتباره ملفاً التمسك به يعني حفظ ماء الوجه وإيجاد مصادر بديلة لدعم الصادرات غير البترولية في وقت دعت فيه قيادة الدولة الى سياسات تقشفية جديدة – ويأتي الاختلاف حول البترول بشأن الرسم الذي فرضته حكومة السودان لتصدير نفط جمهورية جنوب السودان عبر أنابيبها حيث حددت الحكومة ((32)) دولار للبرميل الواحد الأمر الذي وصفته حكومة الجنوب بالابتزازي مما حدا بباقان أموم القيادي بالحكومة في جنوب السودان أن يلوح بإمكانية استخدامهم لميناء ممبسا الكيني لتصدير نفطهم أن أصر الشمال على التمسك بالرسم الذي حدد وسبق لرئيس الجمهورية المشير عمر حسن أحمد البشير أن هدد بإغلاق ((بلوفات)) العبور للبترول أن لم تدفع دولة الجنوب رسوم العبور لبترولها عبر أنابيب الشمال، ليذهب الوطني والحركة الشعبية بوصفهما حزبان حاكمان في الشمال والجنوبلأديس أبابا لإدارة دفة الحوار بشأن أزمة البترول الناشبة بين الدولتين الدولة الأم والوليدة. وفي الوقت الذي أشارت فيه مصادر إلى فشل مفاوضات أديس أبابا بشأن البترول ينفي المؤتمر الوطني ذلك حيث أكد مسؤول الإعلام بالحزب البروفيسور إبراهيم غندور لا اتفاق مع الجنوب حول الملف رافضاً الحديث عن فشل المفاوضات مع حكومة الجنوببأديس أبابا ومواصلة الحوار حول الرسوم المفروضة على تصدير بترول الجنوب عبر الشمال. ويري البعض أن الشمال والجنوب لن يتوصلا لاتفاق بشان النفط في ظل ما أسموه بحرص حكومة الجنوب على تصدير نفطها عبر كينيا الا أن غندور يري أن باب الحوار مازال مفتوحاً بشأن التوصل لنتائج ايجابية تتعلق بالأمر مؤكداً أن العلاقة بين الدول لا تحسمها خطوط نقل البترول. وتباينات كثيرة أقرها واقع المشادات بين الشمال والجنوب على خلفية الصراع غير المعلن بشان البترول والذي توقع له خبراء بان يكون خطراً على استقرار الدولتين رغم إن الجنوب في حاجة للشمال خاصة ما يتعلق بالجانب الاقتصادي وكيفية إيصال السلع والمواد الاستهلاكية ذات الضرورة القصوى ويعد البترول بحسب مراقبين حلقة تواصل ما بين الجنوب والشمال وان أي تصعيدات سياسية كانت أم عسكرية بشأنه قد تكلف الدولتين كثيراً، وبالتالي وبحسب الإفادات نجد أنه لا مخرج للجنوب الا أن يستغل أنابيب الشمال لتصدير بتروله أولاً للاستقرار الأمني الذي يشهده الإقليم عكس الجنوب الذي مازال يضطرب أمنياً تحت أقدام المنشقين عسكرياً عن قوات الجيش الشعبي ووجود بنيات البترول التحتية بالشمال يحتم على الجنوب وفق إفادات خبراء اقتصاديين القبول بالخيارات التي يطرحها على الجنوب وير البعض أن ما حدد من رسم لتصدير النفط لا يعدو كونه شيء غير ايجابي باعتبار أن التفكير في التصدير عبر ميناء ممبسا في كينيا أو حتى أوغندا يكلف دولة الجنوب كثيراً وربما جعلها تفقد هذا المورد الهام حيث يبقي أمر قبولها بطرح الشمال أمراً لابد منه. كثيراً هي الملفات العالقة ما بين جوبا والخرطوم أبرزها الديون الخارجية وقضية أبيي والجنسية المزدوجة الا أن ملف النفط يعد الأبرز لما له من أهمية قصوى في مسار تحديد نوعية العلاقة السياسية والدبلوماسية بين الدولتين حيث يبقي أمر رسم عبور النفط عبر أنابيب الشمال محور قلق لحكومة الجنوب التي مازالت حائرة ما بين تغيير مجري العبور أو انتهاج ذات الطريق لذلك تتجه القلوب والأبصار صوب أديس أبابا لحسم محور الخلاف في وقت نفي فيه المؤتمر الوطني فشل تلك المفاوضات مشيراً إلى إمكانية أن يسهم التفاوض في تجاوز الأزمة وهل بالإمكان حدوث ذلك.؟ نقلاً عن صحيفة الحرة 2/8/2011م