لم يكن الامر مفاجئاً للمراقبين و المتابعين للشأن السوداني الأمريكي فيما يختص برفع اسم السودان من قائمة الدول الداعمة للإرهاب ، فقد أشار تقرير سنوي تصدره الخارجية الأمريكية أنها أبقت علي اسم السودان على القائمة بالمخالفة لوعودها المستمرة للسودان برفع اسمه من القائمة.. تلك الوعود التى رسمت لها واشنطن خارطة طريق لمدة ستة أشهر، وانتقضت الست اشهر، وأوفي السودان بالتزاماته ولم يستبق منها شيئاً؛ فقد كان غالب تركيز واشنطن – كاشتراط لشطب اسم السودان – على إنفاذ كافة بنود اتفاقية السلام الشاملة الموقعة فى نيفاشا 2005 بين الشمال والجنوب، وقد أوفي السودان بكل بنود الاتفاق بما أفضي الى قيام دولة جنوب السودان. كما استطاع السودان انجاز اتفاقية سلام خاصة بإقليم دارفور (وثيقة الدوحة)التى وقعت فى 16يوليو 2011 بالدوحة ولبت كافة متطلبات الاقليم السياسية الأمنية والتنموية و كان الامر المدهش – ساعة التوقيع – ان الولاياتالمتحدة رحبت بالوثيقة وتعهدت بالعمل على إقناع غير الموقعين عليها بالتوقيع عليها والانضمام الى المسيرة السلمية بدارفور . لم يحدث قط طوال فترة الست أشهر المنصرمة منذ تعهد واشنطن على لسان رئيسها أوباما شخصياً و وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون ان عدم السودان أى أنشطة ذات أبعاد إرهابية سواء بالتفسير الأمريكي المتطرف اى بأى تفسير آخر، وهى نقطة أساسية فيما يخص متطلبات رفع اسم السودان من القائمة الأميركية ؛ بل كان الأكثر غرابة من كل ذلك ان الخارجية الأمريكية سبق وان أبلغت الخارجية السودانية رسمياًُ بأن إجراءات رفع اسم السودان قد تم الشروع فيها رسمياً بواسطة الأجهزة الأميركية المختصة وكان الحديث يدور من الجانب الأمريكي فقط حول ما تصفه واشنطن (بالإجراءات البيروقراطية) كأمر معتاد وضروري فى هذا الصدد لا مناص منه. الآن يبدو ان واشنطن قد ابتلعت كل وعودها دفعة واحدة وتنصلت منها، وهو موقف يبدو ان إدارة الرئيس اوباما حاولت تبريره بتبريرات لا ترقي لمستوي المنطق السياسي المعقول، فقد تلاحظ ان واشنطن عملت على الدفع بقرار هو القرار (2003) الخاص بتمديد بقاء قوات البعثة الأممية الأفريقية المشتركة (اليوناميد) العاملة فى دارفور لعام آخر مدعمة بتفويض جديد تجاهل موقف السودان وأعطي البعثة صلاحيات الفصل السابع من ميثاق الأممالمتحدة وهو أمر يثير حساسية السودان كونه يكرس للمزيد من نزع السيادة الوطنية بشأن أوضاع مستقرة فى دارفور لا تستحق ذلك بحال من الأحوال؛ ثم حاولت واشنطن ايضاً البحث عن ذريعة انتهاكات حقوق الإنسان فى جنوب كردفان، ولكن الامر لم ينجح وهو ما يشير الى أنها تبحث حالياً بشتى السبل عن ذرائع جديدة. وعلى كلٍ، هكذا هى واشنطن غير صادقة فى وعودها ولديها أجندة خفية خاصة ، وهو ما لم يفاجئ أحد!