لم يعد مجدياً ان تنكر حكومة جنوب السودان صلتها وتدخلها السافر المباشر فى زعزعة أمن واستقرار السودان فان الحكومة السودانية - وحتى قبل اندلاع الحرب فى النيل الازرق الأسبوع الماضي – كانت قد وضعت يدها على وثائق دامغة تدين حكومة جمهورية جنوب السودان وتثبت تورطها فى دعم الذين يقاتلونها سواء فى جنوب كردفان أو حتى دارفور، وقد حفلت الوثيقة التى قدمتها الخارجية السودانية شاكية فيها حكومة جنوب السودان الى مجلس الأمن عدداً من الأدلة والوقائع التى يطلق عليها رجال القانون أدلة غير قابلة للإنكار؛ بل مالنا نذهب بعيداً وقد أوردت بعض الصحف السودانية ووكالات الأنباء طوال الأشهر والأسابيع الماضية أخبار الرحلات والتحركات التى تجري علناً سواء لقادة من الحركة الى الجنوب أو من قادة الحركات الدارفورية المسلحة، بل ان حكومة الجنوب عكفت فى أواخر العام الماضي2010م على تدريب مجموعات مقدرة من قوات المتمرد الدارفوري أركو مناوي فى معسكرات عديدة بجنوب السودان وتشير متابعات (سودان سفاري) الى ان الأسلحة الثقيلة والخفيفة والآليات التى هى الآن بحوزة قوات مالك عقار فى منطقة الكرمك المتاخمة للحدود الاثيوبية هى فى الأصل أسلحة وآليات خاصة بالجيش الشعبي وتخص حكومة جنوب السودان وفقاً لمقتضيات بنود اتفاقية نيفاشا 2005م وربما لهذا السبب راجت أنباء لم يتم التأكد من صححتها -الأحد الماضي- فحواها ان رئيس حكومة جمهورية جنوب السودان طلب من المتمرد عقار إرسال الآليات العسكرية الخاصة بقواته الى الجنوب وهو ما يمكن ان يُستشف منه دون كبير عناء أن حكومة جنوب السودان وبعد اندلاع الحرب فى النيل الازرق تتخوف من ان يلحق الجيش السوداني هزيمة نكراء بقوات عقار ومن ثم تقع هذه الأسلحة والآليات الثقيلة فى يد الحكومة السودانية وتفتضح القصة، و خاصة وان الفريق كير أدرك ان الحكومة السودانية ربما نجحت الى حد كبير فى استمالة الحكومة الاثيوبية فى ظل الروابط التى تربط بين الطرفين والمصالح المتبادلة بحيث تمتنع أثيوبيا عن توفير ظهر لقوات عقار أو ان تحول بينها وبين أظافر الجيش السوداني الذي اقترب كثيراً جداً من مشارف الكرمك ومن المؤكد انه لن يقف طويلاً ليتفرج على قوات عقار المتمركزة هناك . من جانب آخر فان الحكومة السودانية ايضاً وعقب تفجر الأوضاع فى الدمازين مؤخراً عثرت على عشرات الوثائق والأموال (عملات جنوبية) مقدمة من حكومة جنوب السودان لمتمردي النيل الازرق والأدهي وأمرّ ان هنالك شهادات شهود يمكن اعتبارهم (شهوداً من أهلها) باعتبارهم أنهم ضباط من رتب مختلفة فى الجيش الشعبي سلموا أنفسهم للجيش السوداني قدموا إفادات تفصيلية تشير الى تورط حكومة جنوب السودان فى دعم المتمردين فى النيل الازرق وجنوب كردفان ودارفور، بما يجعل من حكومة جمهورية جنوب السودان فى الواقع بمثابة عدو حقيقي للسودان، وهو ما قد يتطلب تدابيراً لن تخلو من غلظة تقوم بها الحكومة السودانية لأن هذا الدعم والتدخل السافر فى الشأن السوداني الداخلي لا مبرر له بعد ما أوفي السودان بالتزاماته وإهدائه للجنوب دولة مستقلة ذات سيادة ما كان الجنوب فى يوم الأيام يحلم بأن يحصل عليها بحد البندقية و دانات المدافع مطلقاً!