جاء في الأخبار أن المبعوث الخاص إلى السودان سكوت غرايشن أعرب عن قلق الولاياتالمتحدة من أن تؤدي القضايا الأمنية والاقتتال القبلي إلى صعوبة تطبيق اتفاق سلام شامل وأضاف المبعوث الأمريكي أنه من الصعب جداً إقامة دولة للجنوبيين اذا اختاروا الانفصال. وتأتي هذه التصريحات الأمريكية عشية تواتر الإنباء بارتفاع ضحايا العنف القبلي بولاية واراب وتدهور الأوضاع الإنسانية في الولاية. كما تأتي في ذكري مرور خمس سنوات على توقيع اتفاق نيفاشا في الوقت الذي أصدرت فيه وكالات الإغاثة الدولية تحذيراً من أن السودان قد ينزلق في دوامة صراع كبير جديد اذا لم يتحرك العالم سريعاً للحفاظ على سلام مشيرة إلى أن عام 2009م شهد مقتل 2500 شخص باشتباكات وقعت في الجنوب كما جرى تشريد 350 ألف آخرين وفقاً لهذه الوكالات. الغريب أن تقارير صحفية كانت قد ذكرت قبل بضعة أسابيع أن الولاياتالمتحدة تدعم انفصال الجنوب بمليار دولار. والسؤال الذي يتبادر إلى الذهن هو لماذا تدعم أمريكا انفصال الجنوب اذا كانت تعتقد انه من الصعب جدا إقامة دولة للجنوبيين في حالة اختاروا الانفصال؟. ام أن امريكا قد وصلت الى هذا الاعتقاد الذي (يستصعب) قيام دولة في الجنوب بعد فوات الأوان؟. .. فأصبحت جهودها التي بذلتها في (تأهيل) الحركة الشعبية منذ الثمانينيات مجرد حرث في البحر. أمريكا تعلم قبل غيرها من دول الغرب أن الصراعات القبلية في افريقيا يصعب بل يستحيل التحكم فيها أو تحديد وتوجيه مالأتها ومصائرها ويكفيها تجربة الصراع القبلي في الصومال الذي حاولت التدخل بقواتها للسيطرة عليه في بداية التسعينيات فكان أن انقلبت عليها القبائل المتناحرة لتخرج من الصومال وهي تجرجر أذيال الهزيمة. كما أن لها تجارب رواندا وبورندي والكنغو عبرة ودروساً لن تنساها حينما انفلتت موجة الصراع بوتائر غير واردة في حسبان الأمريكان فعصفت بمصالح أمريكا في المنطقة. ورغم الشواهد الواردة أعلاه الا أننا لا نستبعد أن تكون التصريحات الأمريكية الأخيرة مجرد محاولة لذر الرماد في العيون، فأمريكا وخاصة اليمين المتصهين فيها لا يهمه أن يحترق الجنوب في سبيل تحقيق أهدافه الاستعمارية. نقلاً عن صحيفة الرائد 10/1/2010م