تحليل سياسي مع عدم وضوح الرؤية تماماً عما إذا كانت قوي الاتحادي الديمقراطي الأصل بزعامة الميرغني والأمة القومي بزعامة الصادق المهدي بصدد المشاركة فى التشكيلة الحكومية الجديدة وشيكة الإعلان، فان مؤشرات عدة بخلاف بعض التسريبات الصحفية تشير الى ان هذين الحزبين على وجه الخصوص قريبين من المشاركة بأكثر مما هما قريبين من عدمها. كل الازمة إنما تتركز فقط فى النِسب، وفى بعض المطالبات (العادية) فى مثل هذه الأحوال، فى ظل عدم وجود موانع جادة، أيدلوجية أو فكرية أو سياسية تمنعهما من المشاركة، غير ان ما نود تسليط الضوء عليه فى هذه العجالة أمر آخر مختلف تماماً، فقد لفت انتباهنا، تهديداً صادراً من أمانة حزب الأمة القومي موجه الى عضوية وقيادات الحزب بأن الحزب سوف لن يتورع عن استخدام اللائحة ضد كل من يشارك فى الحكومة مخالفاً لقرار الحزب الرافض للمشاركة. البيان الذى صدر بهذا الخصوص وحمل توقيع السيدة سارة نقد الله رئيسة المكتب السياسي حرص على التأكيد على ان الحزب باقٍ على موقفه من عدم المشاركة، وأن هذه المشاركة لن تتحقق إلاّ فى حالة واحدة وهى قبول الوطني تغيير هياكله والقبول بحكومة قومية! هنا تبدو المعضلة الغريبة، ففضلاً عن ان قضية الحكومة القومية هذه عصية على التعريف ويصعب تعريفها تعريفاً سياسياً واضحاً، فان مجرد مشاركة أكثر من حزب فى تشكيل حكومة يعني بداهة ان السلطة الحاكمة ليست سلطة حزب واحد حتى مع الوضع فى الاعتبار ان الحزب الحاكم – من حقه قانوناً – أن ينفرد بالحكم استناداً الى نتيجة الانتخابات العامة التى جرت فى ابريل 2010م، فطالما ان تلك النتيجة جري إقرارها ولم يتم الطعن فيها قضائياً ولم توجه لها الجهات الرقابية الإقليمية والدولية التى راقبتها اى مطاعن جوهرية تفسدها، فهي صحيحة ومن ثم لا يوجد ما يبرر عدم التعامل معها. الامر الثاني أن موقف الأمة القومي هذا - فيه إشارة مبطنة واضحة على ان منطقه السياسي هذا غير منطقي! فهو يهدد قادته وأعضاؤه باستخدام اللائحة ضدهم لأنه (غير واثق) من قبولهم لهذا المنطق وهذه فى حد ذاتها تكشف الى اى مدي وصل الحزب فى طريقة اتخاذ المواقف والقرارات، فلو كان الحزب ديمقراطياً حقاً لقام بعمل استبيان او استفتاء على صعيد العضوية لمعرفة موقفهم من المشاركة بصورة قاطعة بدلاً عن بذر بذور الانقسام واضحة كهذه مسبوقة بتهديد صريح لا يليق بحزب عريق. أما الاتحادي بزعامة الميرغني فهو – لغرابة مواقفه – لم يعد يثير الاستغراب ففي الوقت الذى كان يوافق على المشاركة ثم يعود ويرفضها كان يشترط إبعاد الجزء الذى انفصل عنه منذ أكثر من ست سنوات ! إن الذى يود المشاركة ما ينبغي أن تكون له مواقف من قوي أخري مشاركة، كما ان الحزب وحده من يتحمل انسلاخ آخرين منه وعليه – ان كان ماهراً – ان يعيد رتق نسيجه هذا بنفسه ومعاجلة جراحه لوحده، لا أن يطلب من الآخرين فعل ذلك . إن المفاجأة التى بتنا قريبين منها ستكون داوية، ووقتها سيعلم الجميع الحال الذى آلت إليه هذه الأحزاب !