لم يشهد أي من العهود الديمقراطية الثلاثة انتخابات رئاسية ولم يكن هناك دستور دائم وفي العهد الديمقراطي الثالث الذي انهار صباح 25 مايو 1969م ولم يصغ دستوره الدائم كان يتردد كثيرا أن البلاد مقبلة لأول مرة في تاريخها علي الانتخابات الرئاسية ولم يكن نوع الجمهورية حدد بعد- رئاسية أم برلمانية وكان عدم التحديد هذا مرتبطا بالدستور الدائم الذي لم يتفق عليه حتي نهاية ذلك العهد في مايو 96 ورغم ذلك فان القوي السياسية الرئيسية في الشمال أخذت تصرح وتشير إلي أسماء مرشحيها.. فكان مرشح الحزب الاتحادي الديمقراطي.. أكبر الأحزاب بعد انتخابات 68 هو الزعيم إسماعيل الأزهري رئيس الحزب ورئيس الحكومة الوطنية الأولي التي حققت الجلاء والسودنة والاستقلال منتصف خمسينيات القرن الماضي.. وكان مرشح حزب الأمة هو راعي الحزب إمام الأنصار السيد الهادي عبد الرحمن المهدي. وكان المرجح هو أن يكون الفائز أحدهما ففي ذلك الوقت لم تكن الساحة السياسية متشرذمة علي النحو الجاري الآن فقد كان هناك حزبان كبيران تلتف حولهما غالبية السودانيين- في الشمال خاصة- هما الحزب الاتحادي الديمقراطي وحزب الأمة. وكان لليسار السوداني (شنه ورنة) في الجامعة والمدارس الثانوية والنقابات وكان أبرز وأقوي ممثلي هذا اليسار الحزب الشيوعي السوداني. ومن فهم هذا الحزب للواقع السوداني فانه لم يرشح زعيمه لانتخابات الرئاسة لكن مرشحه ومعه قوي اليسار الاخري كان هو القاضي بابكر عوض الله... وكانت فرص فوزه ضئيلة رغم تصدره للعمل العام رئيسا لمجلس النواب في الخمسينيات ورئيسا للقضاء في الستينيات.. لم تقم تلك الانتخابات فقد أطل مايو 69 وفي الفترة المايوية التي امتدت من عام 69 إلي عام 1985م لم تكن هناك انتخابات رئاسية ولكن كانت هناك استفتاءات. والاستفتاء فكرة ديكتاتورية وصحابها هو نابليون بونابرت- وكان هناك مرشح واحد هو الرئيس نميري ولم يكن الاستفتاء قاصرا علي السودان بل كان يمارس في الدول العربية التقدمية مثل مصر وسوريا والعراق. إن الصورة الآن مختلفة تماماً عنها في الستينيات والحال أكثر تعقيدا ولا أحد يدري الوزن الجماهيري الحقيقي للحزبين الكبيرين.. الاتحادي والأمة وكنا قد ذكرنا من قبل أن هناك الآن بحكم الواقع حزبين كبيرين اخرين هما المؤتمر الوطني والحركة الشعبية. نقلا عن صحيفة الأهرام السودانية 11/1/2010م