قال الجيش السوداني يوم الاثنين الماضي أنه تمكن من صد ست هجمات قام بها المتمردون فى جنوب كردفان، وعلى وجه التحديد منطقة تلودي الواقعة شرقي حاضرة الولاية كادوقلي. وكالة الأنباء الفرنسية قالت – الثلاثاء – ان (المئات) من المتمردين سقطوا جراء الهجوم الذى شنوه على المدينة بعدما تصدي لهم الجيش السوداني الذى كان يتابع عن كثب وبدقة تحركات المتمردين وتحضيراتهم للهجوم. الجيش السوداني على لسان المتحدث باسمه العقيد الصوارمي سعد قال للصحفيين ان كل تحركات المتمردين كانت مرصودة من جانبهم وأنهم نفذوا هجومهم بما يفوق الثمانمائة عنصر ما بين جندي وضابط إضافة لعدد من الآليات والمعدات الكبيرة، ولكن كل ذلك بحسب الصوارمي راح هدراً على يد الجيش السوداني وقوات الدفاع الشعبي. والي ولاية جنوب كردفان مولانا احمد هارون قال فى اتصال هاتفي له من عاصمة الولاية كادوقلي - الاثنين - ان الجيش السوداني استطاع ان يصد هجوم للمتمردين على منطقة تلودي وكبدهم خسائر بشرية قال إنها بالمئات. على الجانب الآخر قال المدعو قمر دلمان المتحدث باسم المتمردين فى اتصال هاتفي مع وكالة الأنباء الفرنسية أنهم بالفعل هاجموا تلودي، وأقرَّ دلمان بأن العدد الذى هاجموا به المنطقة كان حوالي (600) جندي! وتلاحظ ان دلمان وعلى الرغم من الإلحاح عليه بالكشف عن عدد قتلاهم جراء الهجوم لم يكشف عن عدد القتلى مما يُستشف منه ضمناً ان العدد بالفعل كبير وبالمئات. ولكي نتوصل الى معادلة معقولة من بين ثنايا هذه الوقائع فإننا نتعرض لها بشيء من التحليل والتركيب علّ الصورة تتضح أكثر. فمن جانب أول فان الجيش السوداني أورد ان المتمردين نفذوا هجومهم بعدد 700 جندي و12ضابط، وهى أرقام يصعب القول إنها تقديرية او عشوائية إذ من المؤكد أنها مستقاة من واقع وعبر معلومات خاصة وان المتحدث باسم الجيش السوداني أكد على نحو قاطع أنهم ظلوا (يتابعون) تحضيرات المتمردين لشن الهجوم ومن ثم تصدوا له ولو لم يكن الجيش السوداني بالفعل (ملم) وقريب جداً من التحضيرات والتحركات لما تصدي لهم وكبدهم هذه الخسائر وهم بهذا العدد الكبير ونخلص من ذلك الى ان المنطق يشير الى صحة معلومات الجيش السوداني . من جانب ثان فان المتحدث باسم الجيش السوداني لم ينف سقوط قتلي فى صفوفه وهم بضع قتيل وجريح، فى الوقت الذى نفي فيه المتمردون سقوط قتلي من جانبهم او بالأحرى تحاشي المتحدث باسمهم إعطاء ولو القليل عن القتلي والجرحى مما يقدح فى صدق قوله، وثالثة الأثافي هنا -من جانب ثالث- أن المتحدث باسم المتمردين يقول أنهم نفذوا هجومهم بعدد 600 جندي الأمر الذى يثير الشك حول بقية المائة و 12 ألآخرين كما انه لم يتعرض لعدد الجنود وعدد الضباط، وهو ايضاً ما يقدح فى صحة راويته. الخلاصة ان الكفة الأكثر ترجيحاً وميلاً لما يقوله الجانب الحكومي، بل حتى ولو غضضنا الطرف عن رواية الجانب الحكومي فان قيادة الهجوم بعدد 600 جندي وآليات ومركبات و معدات عسكرية على مدينة واحدة من ثلاثة محاور – من وجهة نظر عسكرية بحتة – كان من الضروري ان ينجح ويقود لاحتلال المدينة، مما يعكس ضعف المتمردين من جهة ويقظة الجيش السوداني واكتسابه لخبرة كبيرة جداً فى هذا الصدد من المؤكد أنها سترسم مستقبل التمرد فى جنوب كردفان وفى المستقبل القريب.