قادت الإدارة الأمريكية في عهد الرئيس كلينتون أكبر المحاولات للإطاحة بحكومة الإنقاذ عبر دعم التجمع الوطني الديمقراطي لوجستياً وإعلاميا وكانت الإدارة الأكثر عداءاً وفاعلية في دعم المعارضة منذ التسعينات وحتى لحظة التوقيع على اتفاق نيفاشا 2005م بيد أن الدعم للتجمع انحسر عقب التوقيع على اتفاق السلام وعادت اثر ذلك كل فصائل التجمع لتشارك في الحكومة عقب توقيع اتفاق القاهرة منتصف العام 2005م. اعتمد التجمع الوطني الديمقراطي على آلية العمل العسكري المدعوم من الغرب وأمريكا بهدف خلخلة الأوضاع الأمنية في الأطراف وخلط الأوراق أمام الحكومة في الخرطوم حيناً من الدهر لكن صمود النظام وتطور قدرته العسكرية على مر السنوات اقنع الغرب وأمريكا بلا جدوى المخطط وتبع ذلك تغير أطراف التجمع الاستراتيجيات المواجهة فاعتمدت الجهاد المدني والمشاركة في السلطة ومحاولة تفكيك النظام من الداخل عبر المشاركة في الأجهزة التنفيذية والتشريعية. تحالف الجبهة الثورية الذي يضم حركات دارفور المسلحة خليل ومناوي وعبد الواحد والحركة الشعبية لتحرير السودان قطاع الشمال بقيادتها ياسر عرمان وعبد العزيز الحلو ومالك عقار يعيد بحسب مراقبين إنتاج تجربة التجمع الوطني الديمقراطي في المعارضة باعتماد آلية العمل العسكري وسيلة أساسية لإسقاط النظام لكن في ظروف مغايرة أو مختلفة تماماً. فالتحالف ربما لم يضع في الحسبان أن النظام طوّر آليات مختلفة لتجاوز التهديد باستخدام السلاح لحسم الصراع على السلطة فالتجمع الوطني على أيام الدعم والتأييد الأمريكي غير المشروط ربما لم يستطع الاقتراب من مركز السلطة في الخرطوم وهي الموضوع الأساسي للصراع لا بعد اعتماد أسلوب الحوار مع النظام. لن يكون خط تحالف الجبهة الثورية من النجاح في مخططاته للإطاحة بالنظام مختلفة عن خط التجمع الوطني الديمقراطي. فواشنطون الآن تفرق في الأزمات المالية والسياسية ولا يمكن لأي جهة توفير دعم عسكري فاعل وذو قيمة من دفع مخطط الجبهة خطوة واحدة للأمام تجاه الخرطوم غير أن التحالف يمكنه في الوقت الراهن الاعتماد على دعم حكومة الجنوب وفي دعم مكشوف لكل العالم ولن تتجاهل الحكومة بالطبع مسألة دعم الجنوب للمعرضة المسلحة وسيكون التعامل برد الصفعة صفعتين وربما أكثر وستنزلق المنطقة ربما في حرب جديدة ستعصف بمستقبل الدولة الوليدة لأن الشمال قادر على إلحاق الأذى أكثر بدولة الجنوب. ينشط التحالف الآن في تسويق نفسه وآلياته إعلاميا ولكن ما يواجهه مساعيه للإطاحة بالنظام أكبر من ما يحدث حالياً من فرقعة إعلامية. نقلاً عن صحيفة الوفاق السودانية 30/11/2011م