مع عدم إتضاح موقف حركة الدكتور خليل بصورة جلية حتى الآن من مفاوضات الدوحة المرتقبة، وبعد أن ساءت أحوال الحركة (سياسياً ولوجستياً) عقب قرار السلطات التشادية إبعادها عن أراضيها في اطار حركة الإصلاح الدبلوماسي والأمني الجاري بين السودان وتشاد، فإن قراءة إضافة لواقع الحركة التنظيمي الحالي، يزيد موقفها سوءاً على سوئه. فقد جرت عمليات تخلّص واضحة داخل الحركة من قيادات، بعضها أسهم اسهاماً فاعلاً في تأسيسها وبعضهم اتسمت آراؤه ومواقفه السياسية بقدر من التوازن والموضوعية، ولكن القادة المتنفذين داخل الحركة وهم عبارة عن أسرة أو فلنقل عشيرة محددة استطاعوا اقصاء هؤلاء، بل لا تزال عمليات الإقصاء والإبعاد جارية مما يتهدد مستقبل الحركة التنظيمي ويحيلها الى عصابة عائلية محدودة – اذا جاز التعبير – اذ أننا حين نتمعن في وجوه قادة الحركة قبل حوالي أربعة أعوام من الآن، فقد كان هناك جمالي حسن جلال الدين مسؤول شؤون الرئاسة الذي يصفه رفاقه (الصامتين الآن) بأنه كان من أفضل قادة الحركة، ولم تجد المجموعة القابضة على مفاصل الحركة سبيلاً للتخلص منه سوى الزج به في مغامرة الهجوم على ام درمان في العاشر من مايو من العام الماضي 2008، حيث راح الرجل ضحية المغامرة وسوء التقدير وقضى نحبه في طرقات أم درمان، وكان هناك ايضا القيادي تاج الدين بشير نيام ورفيقه بحر ادريس ابو قردة اللذان تم فصلهما بقرارات فردية مفاجئة لمجرد انتقادهما تحويل قيادة الجيش من عبد الله بندة الى عبد الكريم شلوي، وكانت المفارقة انهما ينتميان لذات الفخذ القبلي للمجموعة المتنفذة ولكن هذا ايضاً لم يشفع لهما طالما انهما يعارضان وينتقدان وليسا من العائلة المالكة!! ذات الشئ حدث لأمين الاعلام ادريس أزرق، فقد صدر قرار بفصله وتم فصله فعلاً لمجرد مطالبته بايضاح الحسابات ومصارف الاموال وضرورة التحلي بالشفافية حيث جرى اعتبار حديثه هذا قدحاً في أمانة القيادة، ويأتي بعد ذلك مصير القيادي ابراهيم يحيى والذي كان يترأس المجلس التشريعي للحركة وظلت قرارات الفصل، والابعاد تصدر تحت سمعه وبصره دون أن يكون له فيها رأي مع أنها من صميم اختصاصه، وبلغ الرجل مبلغاً من الاستياء حتى اضطر للعودة متستراً وراء تقدمه في السن وعدم استطاعته ممارسة نشاطه بفاعلية، وكان ذلك أمراً مقصوداً وقف وراءه من يديرون دفة الحركة أما امين الشؤون القانونية عثمان فضل الملقب ب(واش) فقد اضطر هو كذلك لكتابة قرار تنحي، كتبه على نحو مقتضب حين فوجئ بقرار صادر عن قيادة الحركة يقضي بمهاجمة كتيبة تتبع لابناء الميدوب التي ينتمي اليها لأن ابناء الميدوب احتجوا على اجراء ترقيات عسكرية تخطت أبناءهم وتجاوزتهم رغم بلاءهم الحسن داخل الحركة، وجرت عملية الهجوم بفظاعة وفظاظة شديدة دون الرجوع للرجل المسؤول عن الشؤون القانونية، وبدأ موقفه بالغ السوء وسط أهله فغادر الى اسمرا واختفى بعد ذلك متنحياً عن القيادة، وهكذا ايضا كان مصير القيادي اسماعيل رحمة، ونصر الدين حسين وهرون عبد الحميد وابو العباس الطيب وهم جميعاً (حوالي 10)، كانوا من كبار قادة الحركة ولكن جرت عملية تهميش واقصاء متعمدة لهم لتنحصر القيادة حالياً في عائلة الدكتور خليل وهو من يطلق عليهم (آل عبد الرحمن) وهي العشيرة التي ينتمي اليها د. خليل ابراهيم واخوته مباشرة، ويمكن القول أن حركة د. خليل في أزمتها الراهنة تعيش واقعاً تنظيمياً خطيراً، جعل الكثيرين ينفضون من حولها ويبتعدون الامر الذي يشكل عبئاً اضافياً على الحركة وهي تخوض أو لا تخوض المفاوضات المقبلة، كونها أصبحت (مجرد مجموعة عشائرية مسلحة)، لا تحكمها نظم او قواعد من النظم والقواعد التنظيمية والسياسية المتعارف عليها!