عندما قدمت كل ولاية خمسة أسماء للترشيح لمنصب الوالي ليختار المكتب القيادي لحزب المؤتمر الوطني واحدا منهم ليخوض الانتخابات باسم الحزب ، دعوت فى هذا المكان ان يتعاهد المرشحون الخمسة للوقوف مع من يختاره المركز ، و يشكل الاربعة الآخرون نواة للجنة التعبئة للانتخابات لدعم المرشح المختار ، و كنت قد اتخذت ولاية شمال كردفان التى قدمت خمسة اسماء يصلح ك منهم لقيادة الولاية مدخلاً لذلك الحديث ، و لأن عملية التعبئة الاولية داخل الكلية الانتخباية للحزب فى الولاية قد شهدت بعض الحالات من الاستقطاب و التوتر، و كان هذا أمراً مقبولاً فى اطار المنافسة الداخلية للفوز بثقة الحزب للتقديم لخوض الانتخابات باسمه . و لم يقف الامر عند حدود ولاية شمال كردفان و لكن الاستقطاب و التوتر ضربا قواعد و قيادات الحزب فى ولايات شتي ، والآ ن بعد ان اختار المكتب القيادي للحزب من رحجت كفتهم عنده ، ينبغي ان تطوي صفحة و تفتح اخري . و اقول بشئ من الاسف أني لم اجد ترجبة قريبة للإقتداء سوي التجربة الامركية الاخيرة خلال الانتخابات التى افرزت فوز السيد باراك اوباما برئاسة الولاياتالمتحدة ، و دواعي اسفي أننا رغم ثاء ذخيرتنا التراثية بنماذج مشرقة تفوق ما نتخذه من المثال الامريكي الا ان انقطاعها قرون عدداً ، حال دون ان تصلح مثالاً للتقريب ، لأن الملوس و المحسوس فى مثل هذه الحالات مطلوب . فعندما كان الحزب الديمقراطي فى امريكا يفاضل بين اعضائه لاختيار مرشح الرئاسة من بينهم ،و انحصرت المنافسة بين هلري كلنتون و باراك ، دارت بينهما معركة شرسة لفوز بثقة الناخبين داخل الحزب . فعندما اختار الناخبون اوباما ، كانت هلري اول من تقدم لتهنئته ، بل زادت على ذلك فوقفت الى جانبه و هو يخاطب اعضاء حزبهم الديقراطي و قالت لهم لقد كنت اطلب منكم ترشيحي لتمثيل الحزب فى الانتخابات لأنني كنت أري اني الافضل من يمثل الحزب فى هذه الانتخابات ،و لكنني ادعوكم اليوم للوقوف مع اوباما لأنه الوحيد الاقدر على اعادة امجاد الحزب الديمقراطي و قيادة امريكا لتقود العالم . و عندما فاز اوباما بالرئاسة لم ينس فضل السيدة كلنتون و زوجها بيل ، فشكرهما على ذلك و جعلها ساعده الايمن و أسند اليها حقيبة الخاريجة ،و حتى المرشح ماكين هنأ أوباما بالفوز و تمني له التوفيق . هذه التجربة الامريكية المتميزة نهديها لجميع اعضاء المؤتمر الوطني الذين رشحتهم القواعد ، سواء الذين اختيروا من قبل القيادة العليا او الذين اختارت غيرهم. فتلك مرحلة انقضت و بدات مرحلة جديدة ، مرحلة التكاتف و التعاضد ، ونقول ذلك لأن بعض مظاهر انفلات بدأت فى الظهور – رغم قلتها و ضعفها – فلقد رشح ان بعض الذين تجاوزهم الاختيار أعلنوا خوضهم الانتخابات مستقلين ، و برغم ان الذين قالوا ذلك ما زالوا قلة ، و من غير الاساسيين ، فان وجود حالة واحدة من الخروج على الجماعة تنذر بالخطر ، و نخشي على الكيان ما كان يخشاه الرسول (ص) على اصحابه الكرام، و ما استعاذ منه ليجنب أمته ويلاته ، ويلات الشقاق و التفرق . نقلا عن اخبار اليوم 17/1/2010