قبل ثلاث سنوات تقريباً عقد اجتماع في جنيف ضم تونس والصومال ودولة الإمارات والسودان ومصر بهدف تسجيل منظمة عربية لحماية الصحفيين في مناطق الأزمات والحروب وكنت حاضراً ذلك الاجتماع وبالفعل تم تسجيل تلك المنظمة وبدأت في ممارسة أعمالها ممثلة لقارات آسيا وإفريقيا وجزء من أوروبا حسب وجود الدولة المشاركة في تكوين تلك المنظمة.. واليوم وجهت المنظمة الوطنية القطرية الدعوة لمائة من الشخصيات العالمية للمشاركة في مؤتمر دولي لوضع مشروع اتفاقية دولية لحماية الصحفيين في مناطق الحروب والأزمات خاصة أن بعض الجهات ظلت تستهدف الصحفيين وتقتلهم كما ظللنا نشاهد ونسمع كلما برزت مشكلة ما في إحدى البلدان العربية، وقد تلقيت الدعوة من السودان والبروفيسور علي محمد شمو رئيس المجلس القومي للصحافة للمشاركة في هذا المؤتمر العربي المهم. ولعل المتابع لهذا الأمر الخطير(استهداف الصحفيين) سوف يكتشف أن الدول الغربية وعلى رأسها الولاياتالمتحدة تعد من أكبر الجهات التي تستهدف الصحفيين في أوقات الأزمات والحروب، والحالة الصحفية العراقية ماثلة أمامنا بقيام جهات مجهولة باغتيال الصحفيين ولعل نقيب الصحفيين العراقيين(التميمي) وابنه داخل سيارته بواسطة السلاح الأمريكي واحدة من أبرز تلك الاستهدافات للصحفيين وأيضاً استهداف واغتيال المراسلة التلفزيونية العراقية أطوار بهجت ونحو ستمائة صحفي ومراسل في العراق إبان الحرب الأطلسية الغربية على العراق لأبرز دليل على أن الكيل قد طفح وأن الأمر بحاجة إلى جهة أوجهات ذات اهتمام دولي بسلامة الصحفيين وهم يؤدون واجباتهم المقدسة بنقل الحقائق وتغطية الأحداث هذا الأمر ومحاسبة كل من يواجه القلم والكاميرا بالبندقية ووضعه أمام الرأي العام العالمي ومحاكمته على تلك الجرائم. وأبرز نموذج بالطبع بعد الحالة العراقية هي إسرائيل التي لا تخشى لومة لائم ولا تتردد في توجيه السلاح بكل أنواعه على صدور الصحفيين دون واعز من أخلاق أو ضمير.. ودون أن تكون هناك جهة أو قانون يحمي هؤلاء الضحايا والشهداء وهم لا يحملون إلا سلاح الحقيقة ولا يهدفون إلا لتنوير الرأي العام العالمي وتغذيته بالحقائق وتزويده بصور جرائم الحرب.. وبالطبع هناك تجاوزات مريعة تسكت عنها الصحافة التي تدعي الحرية وتطالب أو تتحدث بالديمقراطية وسيلة وحيدة لممارسة أوضح الدول إذعاناً لرغبة المتقاتلين مثل صحفيي الدبابات الذين رافقوا الغزاة الأمريكان والبريطانيين في غزو العراق.. والهجوم العسكري البريطاني في حرب الفولكلاند حيث أسكتت الصحافة البريطانية عن الحديث أثناء الحرب، وذلك اعتداء واضح على حرية التغبير وكل من يخالف ذلك يلقى مصيره ممثلاً في طلقة واحدة لا تساوي قيمتها دولاراً واحداً. وفي إسرائيل استهدف العديد من الصحفيين واغتيلوا دون أن يكون هناك من يذرف عليهم دمعة واحدة من تلك المنظمات القريبة التي تملأ الأرض ضجيجاً من منطلقات ومواقف سياسية ضد دول معينة في العالم الثالث متناسية كل الدول الغربية وانتهاكاتها لحقوق الإنسان وحقوق الصحفيين في وقت واحد.. والحالة الصومالية هي واحدة من النماذج التي ينبغي أن يقف عندها المؤتمر لأنها أيضاً تشكل نموذجها لاستهداف الصحفيين من قبل الجماعات المتحاربة في شكل اغتيالات متعمدة تستهدف الانتقام أو منع نقل الحقائق للرأي العام عبر وسائل الصحافة المختلفة..إضافة إلى كل تلك الممارسات ضد الصحافة والصحفيين في مختلف أنحاء العالم حتى في أمريكا وأمريكا الجنوبية وعدد من دول آسيا وإفريقيا هناك مما يتعرض له الصحفيون من إجراءات متعسفة تبلغ بجانب خطر وجودهم المشروع للتغطية والاستقصاء استهداف بعضهم وقتلهم بدماء باردة مثل مراسل الجزيرة إبان الثورة الليبية ومراسل رويترز في غزة من قبل قوات القذافي والقوات الإسرائيلية.. وهذا الوضع غير المقبول في تقديرنا يستحق أن تنشأ له منظمة عالمية لحماية الصحفيين وملاحقة أولئك الذين يستهدفونهم قانونياً لمنع انتشار هذه الظاهرة التي بدأت دائرة انتشارها في الاتساع وازدياد أعداد الصحفيين الذين يصرعون في مناطق النزاعات والصراعات. المصدر: الشرق القطرية 19/1/2012م