اثناء انفجار الازمة الليبية، وتدخل قوات حلف الناتو بقوة الى جانب قوات المجلس الوطني الانتقالي التي كانت تقاتل للاطاحة بنظام العقيد معمر القذافي الديكتاتوري، كان العالم منشغلا بهذه الازمة، ونحن نتحدث هنا عن العالم الغربي وبعض حلفائه العرب، بحيث لم يمر اسبوع دون انعقاد اجتماع لما يسمى باصدقاء ليبيا، تارة في باريس، واخرى في ابوظبي، وثالثة في الدوحة، ورابعة في اسطنبول، فوزراء خارجية امريكا وفرنسا وايطاليا وبريطانيا وتركيا والامارات وقطر كانوا يجدون الوقت دائما للمشاركة في هذه اللقاءات. الآن، وبعد اطاحة نظام العقيد القذافي وقتل زعيمه وقادة كتائبه، واعتقال معظم انصاره في معسكرات اعتقال مؤقتة يمارس فيها القتل والتعذيب بشكل منهجي، تبدد اصدقاء ليبيا، وذهب كل منهم الى حاله، ولم يعودوا يتابعون ما يجري على الارض في مرحلة ما بعد 'التحرير'، وسقوط نظام الطاغية. الانباء الواردة من العاصمة طرابلس لا تبشر بالخير، فهناك تقارير غربية تقول ان هناك اكثر من 145 لجنة عسكرية في العاصمة وحدها، وثمانية آلاف معتقل بعضهم في سجون سرية، والميليشيات المسلحة تتنافس فيما بينها لكسب مناطق نفوذ على الارض، ويتطور هذا التنافس الى حروب تستخدم فيها الاسلحة الثقيلة. بالامس تحدثت وكالات الانباء الغربية باسهاب عن صدامات دموية بين كتائب مصراتة وكتائب الزنتان في طرابلس، بالقرب من استراحة للساعدي القذافي نجل العقيد وسط العاصمة طرابلس وسمع مراسلو هذه الوكالات تبادل اطلاق نار باسلحة خفيفة وثقيلة وشاهدوا سحب الدخان في اكثر من منطقة مجاورة، واكدوا ان الطريق الرئيسي بجوار الشاطئ كان مغلقا. يأتي هذا الاشتباك الاحدث في سلسلة اشتباكات متكررة تصيب اهالي العاصمة بالرعب والهلع، بعد 'ثورة' لانصار النظام السابق في مدينة بني وليد، وقبلها اشتباكات مماثلة في سرت وقع ضحيتها قتلى من الجانبين، اي كتائب المجلس الوطني الانتقالي الحكومي، والطرف الآخر الذي وجد نفسه في خندق الاعداء، بتهمة الانتماء والولاء للنظام السابق. اصدقاء ليبيا، العرب والاجانب على حد سواء يصمون آذانهم عن هذه الانباء، ويديرون وجههم الى الناحية الاخرى، فطالما ان النظام السابق سقط، وزعيمه قتل وسحل، واعدم بعد اعتقاله حيا، وطالما ان النفط يتدفق عبر الانابيب الى اوروبا، فليس مهما ما يحدث في ليبيا، كما ان جميع تقارير منظمات حقوق الانسان التي كانت تستخدم مثيلاتها سابقا لادانة النظام السابق والتحريض ضده، لم تعد لها اي قيمة حتى وان تحدثت عن اعمال قتل وتعذيب للمعتقلين في سجون الميليشيات المؤقتة. الوضع في ليبيا مأساوي والمجلس الوطني الانتقالي تمزقه الخلافات والصراعات، وبات مرفوضا من قطاع عريض من الليبيين، وما حدث للسيد مصطفى عبد الجليل رئيسه عندما اقتحم المحتجون مقره وحطموه، وللسيد عبد الحفيظ غوقه نائبه من اهانات واعتداءات في جامعة بنغازي بعض الامثلة في هذا الصدد. المصدر: القدس العربي 2/2/2012م