حفل رائع في قرعة دورة الصداقة بالضعين    دولة تسجل 16 ألف إصابة بسبب ذبح الأضاحي    تواصل العمل في صيانة وتأهيل مباني هيئة البراعم والناشيئن بمحلية بورتسودان    أكاديمية الفريع (A) تقلب الطاولة على أكاديمية الفريع (B) في ديربي الفريع الأهلي بالدامر    إجتماع ثلاثي مصغر لترتيب الاوضاع داخل الأكاديمية القضارف    شعار براؤن يصل يورو 2024 روديغر لاعب منتخب المانيا يقلد المصباح ابو زيد والاتحاد الأوروبي يتدخل    برمة: لا سبيل لمخرج آمن للبلاد إلا بالحوار الذي يفضي إلى إيقاف الحرب    تونس تفتح أبوابها لإيران.. ماذا يريد قيس سعيّد؟    يورو 2024: تعادل أول وتراجع بمعدل التسجيل 17 يونيو، 2024    مناوي: حرب 15 أبريل حربُ من أجل الحرب ولا أهداف سياسية أو رؤية وطنية    حكومة دارفور: نحذر جميع قادة مليشيات قوات الدعم السريع في النزاع من مغبة جرائمهم واحترام القانون الدولي    بالأرقام.. السعودية تكشف أعداد و"تصنيفات" الحجاج في 2024    جبريل: سائلاً المولى عز و جلّ أن يحقق لبلادنا العزيزة نصراً عاجلاً غير آجل على المليشيا الآثمة و على مرتزقتها و داعميها    شاهد بالصور.. الحسناء السودانية "لوشي" تبهر المتابعين بإطلالة مثيرة في ليلة العيد والجمهور يتغزل: (بنت سمحة زي تجديد الإقامة)    شاهد بالفيديو.. سودانيون في بريطانيا يحاصرون الناشط البارز بالدعم السريع الربيع عبد المنعم داخل إحدى المحلات ويوجهون له هجوم عنيف والأخير يفقد أعصابه ويحاول الإعتداء عليهم بالعصا    شاهد بالصورة والفيديو.. بأزياء فاضحة.. حسناء سودانية تستعرض مفاتنها بوصلة رقص تثير بها غضب الجمهور    الخراف السودانية تغزو أسواق القاهرة    كيف ستنقلب موازين العالم بسبب غزة وأوكرانيا؟    مدرب تشيلسي الأسبق يقترب من العودة للبريميرليج    ترامب: لست عنصرياً.. ولدي الكثير من "الأصدقاء السود"    مسجد الصخرات .. على صعيد عرفات عنده نزلت " اليوم أكملت لكم دينكم"    بالأرقام والتفاصيل.. بعد ارتفاع سعر الجنيه المصري مقابل السوداني تعرف على سعر "خروف" الأضحية السوداني في مصر وإقبال كبير من المواطنين السودانيين بالقاهرة على شرائه    بالفيديو.. تعرف على أسعار الأضحية في مدينة بورتسودان ومتابعون: (أسعار في حدود المعقول مقارنة بالأرقام الفلكية التي نسمع عنها على السوشيال ميديا)    رئيس وأعضاء مجلس السيادة يهنئون المنتخب القومي لكرة القدم    بالصورة.. المريخ يواصل تدعيم صفوفه بالصفقات الأجنبية ويتعاقد مع الظهير الأيسر العاجي    صالون لتدليك البقر في إندونيسيا قبل تقديمها أضحية في العيد    غوغل تختبر ميزات جديدة لمكافحة سرقة الهواتف    امرأة تطلب 100 ألف درهم تعويضاً عن رسالة «واتس أب»    "فخور به".. أول تعليق لبايدن بعد إدانة نجله رسميا ..!    الهروب من الموت إلى الموت    ترامب معلقاً على إدانة هانتر: سينتهي عهد بايدن المحتال    شرطة مرور كسلا تنفذ برنامجا توعوية بدار اليتيم    4 عيوب بالأضحية لا تجيز ذبحها    قصة عصابة سودانية بالقاهرة تقودها فتاة ونجل طبيب شرعي شهير تنصب كمين لشاب سوداني بحي المهندسين.. اعتدوا عليه تحت تهديد السلاح ونهبوا أمواله والشرطة المصرية تلقي القبض عليهم    نداء مهم لجميع مرضى الكلى في السودان .. سارع بالتسجيل    شاهد بالفيديو.. الراقصة آية أفرو تهاجم شباب سودانيون تحرشوا بها أثناء تقديمها برنامج على الهواء بالسعودية وتطالب مصور البرنامج بتوجيه الكاميرا نحوهم: (صورهم كلهم ديل خرفان الترند)    الإمارات.. الإجراءات والضوابط المتعلقة بالحالات التي يسمح فيها بالإجهاض    الإعدام شنقاً حتى الموت لشرطى بإدارة الأمن والمعلومات    نصائح مهمة لنوم أفضل    إغلاق مطعم مخالف لقانون الأغذية بالوكرة    شرطة بلدية القضارف تنظم حملات مشتركة لإزالة الظواهر السالبة    التضخم في مصر.. ارتفاع متوقع تحت تأثير زيادات الخبز والوقود والكهرباء    إجتماع بين وزير الصحة الإتحادي وممثل اليونسيف بالسودان    أمسية شعرية للشاعر البحريني قاسم حداد في "شومان"    عودة قطاع شبيه الموصلات في الولايات المتحدة    داخل غرفتها.. شاهد أول صورة ل بطلة إعلان دقوا الشماسي من شهر العسل    محمد صبحي: مهموم بالفن واستعد لعمل مسرحي جديد    خطاب مرتقب لبايدن بشأن الشرق الأوسط    السودان.. القبض على"المتّهم المتخصص"    قوات الدفاع المدني ولاية البحر الأحمر تسيطر على حريق في الخط الناقل بأربعات – صورة    الغرب والإنسانية المتوحشة    رسالة ..إلى أهل السودان    من هو الأعمى؟!    السودان..الكشف عن أسباب انقلاب عربة قائد كتيبة البراء    إنشاء "مصفاة جديدة للذهب"... هل يغير من الوضع السياسي والاقتصادي في السودان؟    محمد وداعة يكتب: ميثاق السودان ..الاقتصاد و معاش الناس    تأهب في السعودية بسبب مرض خطير    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



.. عن انتحار السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط!
نشر في سودان سفاري يوم 20 - 02 - 2012

للإنصاف يجب أن نذكر أن العلاقات بين القاهرة وواشنطن لم تكن في صحة جيدة يوما, فلقد تلقت مصر الصفعات تلو الصفعات حتي في زمن الرئيس السابق فكلنا يذكر الزيارة الأخيرة التي قام بها الرئيس الأمريكي السابق جورج دبليو بوش إلي مصر وتحديدا إلي شرم الشيخ عندما هرع إلي سيارته فور هبوطه في مطار شرم الشيخ الدولي ورفض أن يستقبله مبارك المخلوع وأعوانه.. وكانت إهانة ما بعدها إهانة, لكن اركان النظام السياسي السابق ابتلعها علي مضض ولم يلووا علي شيء!!
أيا كان الأمر فإن القول ان المجلس العسكري هو الذي صعد مع الولايات المتحدة هو قول فيه تجن لأن أمريكا جورج دبليو بوش لا تختلف عن أمريكا أوباما أما انسحاب البعثة العسكرية من أمريكا وإلغاؤها لقاءاتها التي كانت مقررة في الكونجرس إلا ماء باردا هبط علي قلوب المصريين فقام بترطيبها وجعل الكثيرين لا يشعرون بالراحة لأن العلاقات الأمريكية المصرية يجب أن تبني علي الاحترام والندية بعد أن مالت كثيرا لمصلحة أمريكا.
والحق ان الدرس الأول الذي تقوله العلاقات الدولية هو انه لا صداقات دائمة ولا عداوات دائمة.. وإنما المصالح وحدها هي الدائمة ومن ثم تخضع العلاقات بين مصر وأمريكا لهذا الدرس, أي أن العلاقة بين الدولتين ليست من أجل سواد عيون الشعب المصري أو الشعب الأمريكي وإنما من أجل رضاء الشعبين حقا ومن ثم فإن التلويح بقطع المعونة علي نحو ما تفعل أمريكا أو الدعوة بمقاطعتها مصريا سوف تجر وبالإعلي الشعبين والدولتين يمكن معا.
فأولا: إن قيمة هذه المعونة هي مليار ونصف المليار دولار وهو مبلغ زهيد إذا ما قورن بالأموال التي سرقت ونهبت من مصر طوال الثلاثين عاما الماضية.. علي أي حال هذا ما قالته السيدة آشتون مسئولة العلاقات الخارجية بالاتحاد الأوروبي عندما صرحت بأن اجمالي ما تم نهبه من مصر طوال السنوات الماضية من قبل اعضاء الحزب الوطني المنحل يبلغ5 تريليونات من الدولارات وأكدت أن مصر دولة غنية بثرواتها وأنها يمكن أن تساعد ثلث أوروبا.
ثانيا: أمريكا تلوح بقطع المعونة وتنسي أن بنود اتفاقية كامب ديفيد تنص علي انها لابد أن تدفع هذه المعونة سنويا إلي مصر.. أي أنها جاءت ضمن النتائج لإنجاح الاتفاقية فاذا لوحت بقطعها ففي ذلك اخلال بالاتفاقية ومن حق الجانب المصري أن يري في ذلك نهاية للاتفاقية ذاتها.
ثالثا: إننا نعلم أن المعونة الأمريكية لا تقدم إلي مصر مجانا وإنما مقابل مواقف مصرية تتعلق بإسرائيل الصديق الاستراتيجي الوحيد لأمريكا في المنطقة وعملية السلام, واستقرار الأمن والأمان في منطقة الشرق الأوسط. وعبور سفن أمريكية من قناة السويس ليل نهار وهو ما يعني أن قطع أمريكا لمعونتها عن مصر يجعلها تفقد كل هذه الامتيازات.. وظني أن أمريكا وقادتها الحاليين أوعي من اقتراف مثل هذا الاثم العظيم!
رابعا: إن اصواتا مصرية عديدة كانت ولاتزال تنادي بالاستغناء عن هذه المعونة التي نعلم انها تطلب اضعاف ما تقدمه إلي مصر, ناهيك عن أن جزءا منها يتم تحويله بأمر أمريكا إلي المجتمع الأهلي والجزء الثاني يعمل فيه أمريكيون برواتب خيالية تقررها أمريكا.
أما الجزء الثالث وقيمته17% منها فصل بعد أن يعبث به أصحاب الذمم الخربة إلي المواطن العادي.. ومن ثم فان الاستغناء عنها اصبح ضرورة غدا وبعد غد.
خامسا: إن الشعب المصري بكل فئاته وطوائفه قد مل هذه الوصاية التي تفرضها أمريكا علينا باسم المعونة! التي لا يصل منها إلا أقل القليل, لذلك فان طلب مصر بقطعها والاستغناء عنها أفضل كثيرا من استمرارها والتلويح أمريكيا بها.
سادسا: إن مبادرة الاستغناء التي رفعها الشيخ محمد حسان أحد وجوه علماء الدين الوطنيين قد لاقت استحسانا من جانب عدد كبير من الشعب المصري الذي تفاعل معها ودفع من قوت يومه لكي يتحقق ذلك, ولست أنكر أن ذلك يعتبر استفتاء علي المجلس العسكري بالفعل لأنه اعطي تعليماته لبعثته بالعودة من أمريكا وإلغاء مواعيده في الكونجرس اعتراضا علي تلويح أمريكا بقطع المعونة.
سابعا: إن العلاقات المصرية الأمريكية يجب أن تتحرر من كل ما يحاول أن يلوثها.. ولاشك أن هذه العونة من الملوثات لهذه العلاقة التي يجب أن تؤسس علي الاحترام المتبادل.
كلمة اخري: لقد آن أوان الاستغناء عن هذه المعونة وان تبدأ مصر بالاستغناء لكن علينا أن نعرف أن ذلك سوف يكلفنا مواقف أمريكية وإسرائيلية معادية لنا في المحافل الدولية مثل الأمم المتحدة, وصندوق النقد الدولي والبنك الدولي وحلف الناتو ومنظمة التجارة العالمية, أي أننا يجب أن نعد العدة لذلك منذ الآن فصاعدا.. وهذا من حقنا كدولة مستقلة في قراراتها ذات سيادة.
ثامنا: إن الغلبة حتي الآن في مجلسي الشعب والشوري للتيار الإسلامي وتحديدا لحزب الحرية والعدالة الجناح السياسي لجماعة الإخوان المسلمين.. وقد صرح أكثر من واحد منهم بأن المعونة الأمريكية سيف مسلط علي سيادة مصر, ومحدد لتحجيم إرادة مصر, ومن ثم فإن رفضها أقرب, والاستغناء عنها أوجب مادامت أمريكا تلوي عنق الحقائق وتنظر فقط لهذه المعونة علي أنها طوق نجاة لمصر والمصريين وتنسي انها مادامت توجب علي مصر التزامات فهي كذلك تلزم أمريكا بالتزامات أخري.
تاسعا: إننا لا نميل في هذا التوقيب بالذات إلي التصعيد مع أمريكا, وأعتقد جازما أنه ليس في مصلحة أمريكا ذلك, بدليل أن ميزانية العام الجديد قد أقرت الحكومة الأمريكية ما سبق أن التزمت به وخاص بالمعونة لمصر.. لكن العلاقات, مع أمريكا يجب أن تكون علي الوجه الامثل, وان يعرف الشعب المصري دقائق هذه العلاقات ولعل ذلك ما ينحو إليه المجلس العسكري في الآونة الأخيرة بمعني أن هذه العلاقات كانت تتدثر في اكاذيب واوهام كثيرة برع النظام السياسي السابق في نسجها وترويجها وكانت وسائل إعلامه المخادعة تتكفل بالباقي. إن هذه العلاقات في حاجة إلي تقويم جديد, وأن يكون مفهوما أن لنا فيها مثل ما للآخرين وأن أمريكا هي دولة لها مصالح في الشرق الأوسط, وأن إسرائيل المتاخمة لحدودنا التي وقعت معنا اتفاقية سلام( برعاية أمريكية) يهمها أن تكون علاقتنا بها طيبة, بمعني آخر لسنا من انصار التصعيد مع أمريكا, لأن قطع المعونة هو أهون حلقة من حلقات هذه العلاقة, وإنما يجب أن نضع مصلحة مصر العليا فوق كل اعتبار. وأن ندرك أن أمريكا سوف نصادفها في كل المحافل الدولية, ومن ثم فإن استعداءها لن يكون في مصلحة مصر.
باختصار: لقد لوحت أمريكا بقطع المعونة فووجهت بإصرار شعبي علي الاستغناء عنها شكلا وموضوعا, ان هذا يكفي فلقد بلغت الرسالة إلي قادة أمريكا ومن ثم بات علينا أن نؤسس لعلاقات صحيحة مع أمريكا تقوم بالدرجة الأولي علي الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة.
ليس خافيا علي احد أن مصر اليوم تعيش تحديات مرحلة التحول الديمقراطي وهي مشغولة بترتيب البيت من الداخل ومن ثم ليس من الحنكة فتح جبهات جديدة. إذ يكفينا ما لدينا من جبهات داخلية واقليمية, ناهيك عن مفاجأة المستجدات التي تهبط علينا دون سابق انذار!
باختصار: أمريكا قد لا تكون صديقا أو ملاكا لكن يجب ألا نوجد منها عدوا أو شيطانا مريدا.
المصدر: الاهرام 20/2/2012م


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.