تبدأ اليوم بالخرطوم المباحثات السودانية الأمريكية بين وزير المالية علي محمود ومساعدة وزير الخارجية الأمريكية بهدف إلغاء ديون السودان، وهذه المباحثات ليست أولى المحاولات التي تجريها الحكومة الأمريكية تجاه السودان، ففي مطلع الأسبوع الماضي بعث الرئيس الأمريكي باراك أوباما بمشروع موازنة للعام2013م إلى الكونغرس الأمريكي، والذي تضمُّن إمكانية إعفاء السودان من ديونه الخارجية، والمهم أكثر هو اشتراط أوباما لإعفاء ديون السودان ابتعاده عن دعم الإرهاب، والتأكد من تنفيذ اتفاقيات السلام الشامله في البلاد، هذا بالإضافة إلى عدم انتهاك السودان لحقوق الإنسان، واشترط على أن يقوم السودان بثلاثة أمور: أولها، أن يوقع اتفاقية سلام مع جنوب السودان، وهذا الأمر تم في يناير من العام 2005م، الأمر الثاني: أن يسجل اقتصاد السودان أداءً جيداً، وهذا أيضاً تم بشهادة صندوق النقد الدولي، الأمر الثالث: أن يقوم السودان بإعداد وثيقة مكافحة الفقر، وكل هذه الشروط تم إنفاذها، وأيضاً خصص مشروع الموازنة مبلغ250 مليون دولار لتغطية دين السودان لدى الولاياتالمتحدة استناداً على التزامات واشنطن تحت مبادرة »الهيبك« والتي تتيح للبلدن المثقلة بالديون إمكانية التخلص من أعبائها بعد الإيفاء بمتطلبات إصلاحية معينة. هذه الزيارة تحتمل الكثير من الخيارات المتعلقة بإمكانية إعفاء ديون السودان الخارجية والتي يرى الخبير الاقتصادي محمد الجاك لدى حديثه ل»الإنتباهة« أن الزيارة لا تشكل أولى المحاولات أو آخرها بالنسبة للإدارة الأمريكية فيما يخص المديونية أو القضايا المرتبطة بالمقاطعة الاقتصادية، مضيفاً أن الإدارة الأمريكية بحكم أنها رفعت الحظر الاقتصادي عن دولة الجنوب فإنها تسعى إلى إقامة علاقات طبيعية مع السودان، وفيما يخص اللقاء وإعفاء الديون أعتقد أن هناك قضايا أخرى مرتبطة بالقضايا الاقتصادية تريد أن تناقشها وليس المديونية فقط.. وبالنظر للأوضاع السياسية والاقتصادية التي تسود العلاقات بين السودان وجنوبه يذهب بعض المراقبين إلى أنه قد تكون هناك أسباب خفية تسعى وراءها الولاياتالأمريكيةالمتحدة من خلال هذه المباحثات في هذا الوقت، وهو ما ذهب إليه الجاك بقوله إنها تتخذ من قضية إعفاء الديون مدخلاً لتحقيق نوع من الاستقرار بين دولة السودان ودولة جنوب السودان، وبالتالي إن مثل هذه المباحثات تلعب دوراً كبيراً في تحسين الأوضاع الاقتصادية والتخفيف من حدة التوتر الذي تشهده الأوضاع بين البلدين، بجانب أنها تحاول أن تأخذ من بُعد الديون لتؤثر على دولة السودان في أن تتنازل أو تتعامل بنوع من الهدوء فيما يخص القضايا العالقة، وتلجأ الإدارة الأمريكية إلى ذلك لأنها سبقت وأن تدخلت في العديد من القضايا كقوة اقتصادية كبرى لذلك تريد أن تتخذ مسألة الديون وسيلةً للوصول إلى حلول نهائية للقضايا العالقة وتفادي أي صراعات أو مواجهات عسكرية بين السودان ودولة جنوب السودان. وأبدى الجاك تساؤلاً: إلى أي مدى يمكن أن تكون هناك إعفاءات من الإدارة الأمريكيةالمتحدة بجانب القضايا العالقة بين السودان ودولة الجنوب، وقال إن الولاياتالأمريكية تربط الديون بالشروط المعمول بها عالمياً كاتفاقية »الهيبك« التي تسمح للدول الفقيرة بإعفاء ديونها بشروط كثيرة، وهذه الشروط بها الاقتصادي والسياسي والتجاري ومن أهم هذه الشروط ما يخص حقوق الإنسان التي تبناها المجتمع الدولي ونظام الحكم نفسه والحرية والشفافية وانعدام الفساد بجانب الاهتمام بأهداف الألفية الإنمائية وتخفيف حدة الفقر وتحقيق معدلات تصل إلى ال »15% « حتى العام 2015م، وقال إن الديون التي يتم إعفاؤها يتوقع أن تذهب في اتجاه تحقيق أهداف الألفية وتوفير الخدمات الأساسية في الصحة والتعليم وغيرها. بينما ينحو بعض المراقبين تجاه الأمل بأن تنجح هذا المباحثات في إيجاد إعفاء جزئي من ديون السودان فإن ذلك يسجل للحكومة السودانية في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي يمر بها السودان. نقلا عن صحيفة الانتباهة السودانية 21/2/2012م