معسكر (إييدا) بولاية الوحدة بدولة جنوب السودان، وهو واحد من عشرات المعسكرات المماثلة التى أقامتها حكومة جنوب السودان خصيصاً لتدريب وتجنيد الأطفال الذين يتم اختطافهم من أنحاء شتي من دولة السودان، سواء من إقليم دارفور أو كردفان أو المناطق الحدودية المتاخمة لدولة جنوب السودان. المعسكر شهِد مؤخراً جريمة حرب بشعة حيث قامت عناصر من الجيش الشعبي هناك بتصفية وإغتيال حوالي 13 طفلاً من الأطفال المختطفين من مناطق (تروجي) و (الدبكاية) و (أنقولو) و (بلفام) بولاية جنوب كردفان . وتشير متابعات (سودان سفاري) هناك إن المحتجزين من الأطفال بالمعسكر يصل عددهم الى 1500 شخص بين طلاب وأطفال وتجري عملية تشديد الحراسة عليهم منعاً لهروبهم؛ كما تجري عملية تدريبهم بغلظة وشدة بغية دفعهم الى أتون الحرب وهم مدفوعين بأحقاد سوداء . إن الأمر المؤسف فى هذا الصدد أن هذه الجريمة تجري تحت سمع وبصر المجتمع الدولي وفى دولة جنوب السودان التى ترابض فيها قوات الأممالمتحدة (اليوناميس) وتنتشر المنظمات الطوعية وهى مُلِمة بكل ذلك. بل سبق لمنظمة الطفولة التابعة للأمم المتحدة (اليونسيف) أن وعدت ببحث الأمر ووضع حد له - قبل أشهر خلت - عقب ورود معلومات لها عن وجود أطفال قيد الاختطاف لدي السلطات الجنوبية، ولكن حتى هذه اللحظة وقد بدأت الأوضاع تتفاقم لم تحرك اليونسيف ولا الأممالمتحدة ساكناً. ولعل الأمر المثير للقلق فى هذا المنحي أن المجتمع الدولي يبدو غير عابئ ولا مكترث بهذا الأمر رغم كل ما فيه من خطورة وانتهاك جديّ وصريح للطفولة والإنسانية، فى الوقت الذى لا يكف فيه ذات هذا المجتمع الدولي عن ملاحقة السودان بشأن الأوضاع الانسانية فى ولاية جنوب كردفان، رغم أن الأوضاع فيها لم تصل الى درجة تثير القلق. كما أن إمعان المجتمع الدولي فى تجاهل ما يجري فى معسكرات تجنيد الأطفال فى دولة جنوب السودان هو بمثابة عون ودعم صريح لحكومة جنوب السودان للإستمرار فى هذا النهج غير الإنساني والمخالف للمواثيق الدولية. إن مصداقية المجتمع الدولي تبدو الآن على المحك، فهؤلاء الأطفال هم أطفال سودانيون وعملية اختطفاهم إنما تتم من داخل حدود السودان وبأيدي وعناصر تابعة لإستخبارات الجيش الشعبي بما يُعد تدخلاً سافراً فى الشأن الداخلي السوداني، وبما يمسّ صميم الأمن القومي السوداني، ولعل لجوء حكومة جنوب السودان لهذا المسلك غير الإنساني مردّه إفتقار متمردي جنوب كردفان للذين يؤمنون بمبادئ الحركة الشعبية ونهجها وافتقارها للرؤى السياسية، فلم يكن أمامها من سبيل سوي اللجوء لتجنيد الأطفال بعد أن تتم عملية اختطافهم من مناطق نائية حتى لا يتمكنوا من الهرب والعودة لذويهم. إن معسكرات عديدة تضم الآن عشرات الأطفال من دارفور وجنوب كردفان تجري فيها عمليات تجنيد وتدريب عسكري قاسية، وقد تمكن عدد من هؤلاء الأطفال من الفرار من هنالك فى رحلة شاقة ودامية ومُبكية حكوا فيها عن الأهوال والويلات التى صادفوها بما تقشعر له الأبدان وتتفطر له القلوب، والمطلوب الآن من المجتمع الدولي أن يولي هذه القضية إنتباهة خاصة، فحين يتعلق الأمر بالأطفال لا يصح الكيل بمكيالين!