الاعتداء الذي تم علي هجليج لا يقوم به إلا مجنون، ذلك لأن القوات المسلحة التي دحرت فلولهم قادرة على التصدي لهذا النوع من الحماقات. لم يكن مناسباً حتى ولو كانت النوايا وضع عراقيل أمام مساعي السلام الجارية مع وصول وفد الحركة للخرطوم لتوجيه الدعوة للرئيس البشير لزيارة جوبا أوائل أبريل الجاري. اختلف الناس في تفسير هذه النوايا وذهب بعضهم إلى أن الذين قاموا بالاعتداء أفشلوا مخطط باقان بتسليم الرئيس البشير عند وصوله. كامل إدانتي للاعتداء على هجليج مهما كانت النوايا إلا أن العارفين ببواطن الأمور يقولون إن الجيش الشعبي لا يملك أحد سلطاناً عليه، وربما هو المتأثر الوحيد بالاتفاقية باعتبار الوصول إلى تسوية سلمية يحسب البساط من جنرالات الجيش الشعبي تقديرات الفريق سلفاكير حين تسلم الورقة التي قصمت ظهر الاتفاق لم تكن سلمية ويقيني أنه علم بهذا الأمر من خلال هذه الورقة لأن الجيش الشعبي لا يأتمر بأوامره كما نعلم ولكنه أراد بإعلانه بعد قراءة الورقة أن يتبنى شيئاً لا يعلمه وبالطبع فهو لا يعلم لأن إدارة البلاد لم تعد ممكنة إزاء التناقضات الكثيرة والخلافات المتجددة بين أطراف الحركة ولا تزال عقلية الغابة تسيطر عليها التي لم تعد قادرة على تجاوز منهج الغابة، لذا فمن الحكمة والعقل أن ندع الأمور تسير إلى غاياتها دون حجر على الآراء، فالذين يرون استحالة التعايش السلمي أو يرفضونه لأسباب يرونها لا يتفق معه آخرون برؤية تبرئ النوايا الجنوبية من السوء مع أهمية استدامة السلام عبر الحوار دون أن نتهم بعضنا بالخيانة، وحسنا فعل السيد الرئيس باعتزامه إيجاد تسوية سلمية مع جوبا بشأن القضايا العالقة استناداً علي التفاهم والحوار طبقاً لرؤية إستراتيجية تخدم مصالح البلدين وذلك لدي مخاطبة القمة العربية في بغداد مما يؤكد وعي القيادة وإدراكها للمصالح العليا رغم التآمر الخارجي الذي يفوت علي قيادات دولة الجنوب بقصر التجربة السياسية، فأعداء السلام في مواصلتهم وضع العراقيل والعوائق يدفعون الجنوب لارتكاب حماقات كالتي حدثت في هجليج. الحرب بين الدولتين التي تقدر بأكثر من 100 مائة مليار دولار مع وقف تصدير النفط من دولة الجنوب تلقي بظلالها وتؤثر على المعيشة وتزيد من فرص الاضطرابات وتزايد أعداد اللاجئين الفارين من ويلات الجوع والحرب إلي الشمال. أردت بذلك أن أصل إلى حديث السيد النائب الأول لرئيس الجمهورية علي عثمان محمد طه أن استفزازات الجنوب لها رجالها ومسيرة التنمية لن تتوقف ومواصلة الحوار عبر الآلية الرفيعة وفقاً للإستراتيجية المتفق عليها كفيلة بوضع حد للخلاف ولا زلت أحسن الظن في تصريحات قيادة وفد الجنوب في الحوار بوجود عناصر معارضة لتقارب البلدين في تعليقهم على هجوم هجليج وأنهم سيعملون بإرادة كاملة لخلق أجواء مهيأة لتفويت الفرصة علي المعارضين لعودة العلاقة بين السودان ودولة الجنوب. نقلا عن صحيفة الأحداث السودانية 1/4/2012م