أعلنت القوات المسلحة، عن معارك ما زالت مُستمرة مع قوات تتبع لحكومة دولة الجنوب على الحدود مع الجنوب باتجاه مدينة هجليج، هذه هي المرة الثانية في غضون أسابيع معدودة والتي يؤكد فيها العقيد الصوارمي / خالد سعد الناطق باسم القوات المسلحة في بيانه، وقوع اعتداءات مسلحة لقوات غاشمة تتبع لدولة جنوب السودان على الحدود السودانية مع الجنوب باتجاه مدينة هجليج تحركت فيه عناصر من الجيش الشعبي والمرتزقة من داخل دولة جنوب السودان يتقدمها الحقد وسوء النيّة والرغبة المتجذرة في تواصل الحرب، ويقول الصوارمي مساء أمس الثلاثاء10 أبريل 2012م ، إن المعارك ما تزال حامية الوطيس ولم ينجلِ موقفها بعد، وأوضح أن العدوان جاء برغبة متصلة من رئيس دولة الجنوب وآماله في استمرار أمد الحرب بين السودان ودولة الجنوب لتكريس القطيعة، وأبان الصوارمي أن هزيمة الحركة الشعبية في أبيي وجنوب النيل الأزرق وجنوب كردفان لم تكن رادعة لها لإيقاف نواياها العدوانية البغيضة، ونقل الصوارمي تعهّد الجيش للشعب السوداني بنصر جديد على فلول الغدر والخيانة في معركة يدفع ثمنها كل من سوّلت له نفسه التعدي على مقدرات البلاد!. وأخشى أن لا تكون المرة الأخيرة ونحن نسترجع جرائم الحركة الشعبية قبل الانفصال في غدرها بتوريت قبل توقيع اتفاق السلام الشامل، وتكرار هذه المحاولات في أبيي لمرات عديدة وبحيرة الأَبْيض مؤخراً، فضلاً عن ما جرى ويجري في ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق، وآثاره الفتاكة التي تجاوزت هذه المناطق إلى السودان بكامله، ولم تُشفَ بعد جراح التمرد وحرائقه في دارفور، ترى ما هي الأسباب الحقيقية وراء استهداف هجليج وفي هذا التوقيت بالذات والمفاوضات ظلت تعقد جولاتها بأديس أبابا؟ وقد كان سلفا كير أعلن في نهاية الشهر الماضي أن هجليج تتبع لجنوب السودان وأن حكومته كانت تنوي إثارة الأمر في المحادثات بين البلدين واسترجاعها سلمياً، لكن قواته اضطرت لأخذها عنوة، يقول حاكم الجنوب بذلك وهو يدرك تبعيتها للسودان، وأنها لم تكن أبدًا ضمن النقاط المختلف عليها لوقوعها شمال خط حدود الأول من يناير1956م، الأمر الذي ترفض الحركة الشعبية التزامه، بل وتزايد عليه بعقلية وسند خارجي يعي الأهداف التي جعلت هجليج تتقدم ما كان من ملفات عالقة على الحدود. مما يدعو للغرابة والدهشة أن البلاد بكامل أجهزتها العسكرية والأمنية كانت تتحسب لهجوم يديره ويعده الجنوب بمعية منظومة حركات التمرد التي ترابض بأراضيه ممثلة فيما يسمى بالجبهة الثورية، وأن البعد الجيو سياسي والإستراتيجي لهذه المنطقة لا يقف كونها واحدة من مناطق إنتاج وضخ النفط، بل هي محطة أولى للهجوم على أبيي، ومع ذلك يقع الاعتداء، لقد سبق وأن أعلن نائب الرئيس وقف الاتصالات والتفاوض مع الجنوب عقب الهجوم الأول، إلا أن الأمور سارت على غير ما أعلن وانتظمت جولة أديس أبابا وسبقتها الزيارة المضللة لباقان وسبعة من وزراء حكومة الجنوب للخرطوم لم يكن من بينهم قادة الأجهزة العسكرية في إشارة إلى إطلاق الوعود السياسية الجوفاء واستمرار العمليات العسكرية، وها هو نائب رئيس الجمهورية؛ الدكتور الحاج آدم يوسف، يقطع مجددًا بإيقاف جميع جولات التفاوض مع دولة جنوب السودان لحين استرداد منطقة هجليج، ضمن تصريحه ل«الأهرام اليوم» أن الحركة الشعبية أثبتت أنها مجرمة وتضمر السوء للبلاد من فترة طويلة، وأضاف أن الخرطوم كانت حريصة على التفاوض طيلة المرحلة الماضية والعالم شهيد على ذلك، ووصف الهجوم على هجليج بالخيانة المتوقعة، وزاد: «نحن نعلم أن الحركة الشعبية تخطط لاحتلال الأُبَيض وجنوب كردفان وتسعى لإسقاط النظام». والسؤال الذي يتبادر لأي محلل مبتدئ للأحداث وتسلسلها: كيف تدرك الدولة كل ذلك وتقول بضرورة أن تفاوض الحركة الشعبية؟ نفاوضها وخنجرها المسموم على خاصرتنا وأراضينا محتلة ومواردنا تحت قبضتها ويدها ملطخة بدماء أبنائنا، والتمرد يستضاف ويمول عبرهم، وملايين من مواطنيها على أراصينا؟! هذا ما لا يقبله العقل ولا المنطق، والشعب يفاجأ بالاعتداء تلو الآخر من قبل الجنوب ومن يقفون إلى صفه من قوى العمالة الداخلية والتآمر الخارجي، وحكومتنا تفاوض وتريد أن تبرهن لعالم أخرس وأعمى عن كل حقيقة طالما كانت لصالح حكومة السودان وشعبه، هذا العالم الماكر بقيادة أمريكا والغرب الذين يعلنون انحيازهم ووقوفهم صراحة إلى جانب الجنوب وجيشه وكل تمرد يقاتلنا بالمال والعتاد والخطط دون اكتراث لمترتباتها، ترى من نريد أن نقنع بهكذا مواقف وتقديرات ومجاملات أثبتت الأيام أنها في غير مكانها ولا تقوم على أرجل ولا يوجد في الجانب الآخر من يقدرها أو يتعامل معها، أما آن الأوان أن تقف أجهزتنا الرسمية ولو لمرة واحدة احتراماً لقراراتها والتزام سياسة ثابتة ومحددة المعالم تجاه الجنوب، وإخضاعها إلى فترة زمنية لاختبارها قبل الانتقال إلى جولات تفاوض عشوائية وعبثية دون نتائج على نحو ما يتم ويجري. كيف يدعو السيد د. الحاج آدم نائب رئيس الجمهورية، حكومة جنوب السودان إلى التزام حدودها والتعامل بمسؤولية، والكف عن دعم المتمردين والشواهد على الأرض اعتداءات مستمرة وهجوج تلو الآخر، وكيف يطالب جوبا بتنفيذ الاتفاقات التي وقعتها مع السودان واحترام المواثيق والأعراف الدولية، وهي تتنكب اتفاقات لم يجف مدادها وعدوانها يجد السند الدولي والإقليمي لتبرير جرائمه في استباحة حرمات الجوار الذي منحها حق إقامة دولتها الوليدة رغم المفارقات التي أوجدتها شراكتهم السابقة والتجاوزات التي تمت وما قدمناه من تنازلات وتضحيات، كيف نثق بهكذا طرف لا يعرف غير لغة الغابة والقتل والدمار والتآمر ووأد كل حلم باتجاه السلام والاستقرار في المنطقة، اليوم بات جلياً أن منبر السلام العادل وكُتّاب «الإنتباهة» ومن يرون بالوقوف بحزم إزاء تهور الجنوب وقيادته، وأعمال الحسم في التعاطي معهم لم يكن محض تحليل صحفي عابر واستنتاجات فطيرة أو محض خيال وتهويم وعنصرية كما حاول البعض أن يصورها بأقلام فيها كثير من المجاملة والعاطفة المتأثرة بغراميات وهيام تجاه الجنوب لم تكن في مكانها، ولكن ما سوقته «الإنتباهة» أثبتت الأيام أنها إشارات نابعة عن رؤية ثاقبة وفكر متقد وحصافة بها إيمان ووعي تسنده التجارب والشواهد الميدانية، لله درك أخي الطيب صاحب «الإنتباهة» في يقظتك وحدسك ونجاعة رأيك وبصيرتك وأنت تقاتل بسيف ولسان من أدركت وخبرت عقليتهم وما تنطوي عليه سريرتهم من حقد موتور ودسائس مركوزة، لله أيامك وأنت أبو الشهيد ما انكسرت لك راية ولا لانت لك قناة ولم يتغلقل اليأس والهوان إلى نفسك أبدًا، هذا السلوك الذي تنتهجه حكومة الجنوب باتجاهانا وهي تحمل من العلات والخلل الداخلي ما يجعلها تنشطر لأكثر من ثلاث دول، أرادت أن تهرب منه بحرب النفط وإغلاق آباره فيما سبق، ثم بمناوشات عسكرية واحتلال لبحيرة الأبيض وكاودا وهجليج ولا ندري ما القادم من قبلهم، هذه الأيام أعادت العربة إلى الوراء على أوائل التسعينيات والمتحركات والتجييش والتشوين ونفرات العزة التي ظن بعضنا أننا غادرنا مربعها إلى غير رجعة، ولكن سنن الجهاد الماضية برهنت أن هؤلاء لهم تطلعاتهم ورؤاهم لن يبلغوها بمجرد أن حصلوا على انفصال الجنوب، فالمعركة التي يديرها الأجانب على ظهر الحركة الشعبية وخونة التمرد من أراضيهم لها أبعاد باتت مكشوفة تستهدف إزاحة البشير ورجاله ونظامه بقوة السلاح مهما تجملنا وسعينا للوسطية التي يريدونها هم وبعض المخذلين والمنبطحين داخل صفنا، نريدك أخي الرئيس أن تكف عن السماع عن أي خير أومصلحة أو وفاق يمكن أن يرجى أو يجنى وهذا المجموعة المسماة أبناء قرنق وسلفا كير على سدة حكم الجنوب، لقد أرادوها حرباً شاملة علينا أن نتعامل مع معطياتها وواقعها على النحو الذي تكشف حتى الآن مهما عظمت نتائجها، وقواتنا الرسمية وسندها الشعبي ومجاهدونا قادرون على إعادة العربة إلى مسارها الصحيح اليوم قبل الغد،، أي تأخير في ترجيح الخيار العسكري والجهادي لحسم المعركة ميدانياً من شأنه أن يلحق بنا خسائر فادحة وانحرافات جارفة وتشوهات كبيرة، والتقديرات السياسية الماثلة مواتية لن تجد هذا السند والعضد الشعبي الذي توافر الآن من واقع حماقات أرباب التمرد في الجنوب وجيشه الشعبي عبر الهجوم على هجليج!.