لا تزال النبرة الحادة بين شطري السودان سيدة الموقف، ولا يزال التراشق بالاتهامات المتبادلة بدعم الحركات المتمردة من الخرطوم، وقصف مناطق داخل دولة الجنوب من جانب جوبا مستمراً، على الرغم من اقتراب موعد مفاوضات ينتظر منها حل قضايا خلافية بقيت محل شد وجذب، يتصدرها ملف النفط وترسيم الحدود ومصير منطقة أبيي على حدود البلدين، فضلاً عن رزمة خلافات أخرى استعصت على الحل. وعلى الرغم من أجواء الاتهامات، إلا أن ذلك لا يخفي أجواء إيجابية جديدة بدأت تسود، لتبرز إلى الأفق بوادر حلول للقضايا العالقة، فتصريحات الرئيس السوداني عمر البشير لدى مخاطبته جلسة الانعقاد الجديدة للبرلمان السوداني، عبر تعهده بحل القضايا الخلافية بين الجانبين عبر الحوار والتفاوض يعتبر خير مدخل لتجاوز الطرفين مرحلة الخلافات والصراع. وعلى الطرفين استغلال فرصة المفاوضات المنتظر انطلاقها في غضون أيام بوساطة إفريقية لتجاوز خلافاتهما، وإبداء إرادة قوية للمضي قُدماً، إذ إن البلدين تنتظرهما استحقاقات كبيرة، سواء الخرطوم بترتيب بيتها الداخلي عقب الانفصال، وعملها الدءوب على إيجاد مصادر أخرى بديلاً للنفط، أو جوبا التي تنتظرها مهام جسام في بناء الدولة الوليدة، واستتباب الأمن عبر إزالة كل أسباب الاشتباكات القبلية التي تسقط عديد ضحايا بين الحين والآخر. وعلى الطرفين إدراك أن لا بديل للتعاون بينهما باعتبار وحدة التاريخ والجغرافيا والمصير المشترك، ويبدو في الوقت نفسه أن الإرادة لا تنقص الطرفين على الرغم من الاتهامات المتبادلة بين الحين والآخر، فالبلدان الجاران يحتاجان التعاون بغية تحسين اقتصادهما واستتباب الأمن في مناطق الاضطراب سواء في كردفان والنيل الأزرق أو غيرها من بؤر الصراع. حرب عقود طويلة عاشها شعبا البلدين وتجاوزاها بعد مفاوضات ماراثونية، ويتطلعان الآن أكثر من أي وقت مضى لقطف ثمار السلام، التي لن تدنو دون توصل القيادتين إلى اتفاقات تمهد الطريق لبدء صفحة جديدة ملؤها التعاون المثمر في مختلف الملفات. المصدر: البيان الاماراتية 124/4/2012م