وقع رئيسا السودان وجنوب السودان، عمر البشير وسلفاكير ميارديت، أمس، على اتفاق تعاون لحل الخلافات العالقة بينهما -عدا أبيي وترسيم الحدود- في ختام مفاوضات ماراثونية وست قمم استمرت عدة أيام في أديس أبابا. ويشمل البروتوكول الموقع تسعة اتفاقات منها الترتيبات الأمنية وأوضاع المواطنين في البلدين والملف الاقتصادي بما فيه النفط،واحيل ملف أبيي الى الاتحاد الافريقي للبت فيه بعد أن تباعدت شقة الخلافات بين الطرفين،وقرر الطرفان الشروع في محادثات حول ترسيم الحدود على طول 1800 كلم، فيها خمس مناطق رئيسية متنازع عليها، من المرجح أن يترك أمرها لمفاوضات مستقبلية «المتبقي 20% بعد التوصل في وقت سابق الى 80%». وقطع الرئيس عمر البشير لدى مخاطبته حفل التوقيع، بالتزام السودان بالاتفاقات التي تم التوقيع عليها،وحرصه على انفاذه عبر حدود مفتوحة والتبادل التجاري، وحركة السكان عبر حدود مرنة ،مشدداً على التزامه بحق الجوار الآمن،وتعهد بمواصلة الحوار لحل القضايا العالقة، خاصة المناطق المتنازع حولها وأبيي، مؤكداً الالتزام ببروتكول أبيي. ووعد البشير بفتح صفحة جديدة في العلاقات بين الخرطوموجوبا تعزيزاً للعلاقات الوثيقة التي تربط شعبي البلدين، قبل أن يطالب وسائل الاعلام بنقل المعلومات من مصادرها وفق المسؤولية المطلوبة. واعتبر الرئيس البشير الاتفاق نموذجاً لقدرة السودانيين والأفارقة على حل الخلافات عبر الحوار، وأشاد بالوساطة الأفريقية واستضافة أثيوبيا للمفاوضات منذ رئيس الوزراء الراحل مليس زيناوي. من جانبه، تعهد رئيس جنوب السودان سلفاكير ميارديت،بانفاذ الاتفاق،وقال ان جهود «صديقي وصديق الشعب الجنوبي مليس زيناوي» تفرض علينا ان نعمل لانفاذ ما كان يسعى اليه من استقرار وامن للمنطقة وليس السودان وجنوبه فقط،وأضاف «لذلك بقينا انا واخي البشير ولم نغادر مقر المفاوضات، ما يؤشر على مدى اهتمامنا»،ورأى ان الاتفاق يبقى اساساً للاستقرار والسلام. وابدى سلفاكير اسفه لعدم التوصل الى اتفاق حول ابيي ،مشيراً الى انه وجه الوسيط الأفريقي، ثامبو أمبيكي، باحالة ملف أبيي الى مجلس السلم والأمن الافريقي بعد رفض السودان لمقترح الوساطة الافريقية وموافقة جوبا عليها، وتابع: «لا بد من حل هذا المأزق عاجلاً وليس آجلاً». وقال سلفاكير ان جنوب السودان التزم بالخارطة الافريقية وقرار مجلس الأمن وسيمضي قدماً في تنفيذ الاتفاقات الموقعة، وأشاد بالتزام وجهود الوساطة الافريقية وبتعاون الرئيس البشير في الاجتماعات التي جمعت بينهما في أديس أبابا. وأشار الى أنه طلب من فريق التفاوض الجنوبي الدخول في مفاوضات لحل مسألة المناطق الحدودية الخمس المتنازع حولها، على اساس الحدود مطلع يناير 56م. وقال انه لم يستغرب من أن تستغرق مباحثاته مع البشير كل هذا الوقت، ما اضطره الى تأجيل سفره الى اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، وكل ذلك في سبيل تحقيق الأمن والاستقرار. مراسم التوقيع جرت مراسم توقيع اتفاقات التعاون بين السودان وجنوب السودان في مختلف المجالات بالاضافة الى الاتفاقات المفصلة حول الاقتصاد والأمن بقاعة المؤتمرات الكبرى بفندق شيراتون بأديس أبابا وسط حضور كثيف من الدبلوماسيين الغربيين والصحافة العالمية واهتمام دولي كبير بحضور الرئيس عمر البشير وسلفاكير ميادريت ورئيس الآلية رفيعة المستوى ثابو امبيكى ورئيس بورندى الاسبق ببير بيويا . وفي مستهل حفل التوقيع وقف الحاضرون دقيقة صمت حدادا على روح رئيس الوزراء الراحل ملس زيناوي والذي شكره المتحدثون من السودان ومن جنوب السودان على الدور الهام الذى لعبه فى سبيل الوصول الى اتفاق بين الطرفين . وعقب التوقيع على الاتفاقات هلل الجانب السودانى وكبر فيما هتف الجنوبيون بهلالويا . وتصافح الرئيسان البشير وسلفاكير عند بداية مراسم الاحتفال ثم بعد ذلك تصافحا للمرة الثانية عندما القي سفاكير خطابه ومرة ثالثة عندما القي البشير خطابه ايضا وقد ساد الاحتفال جو من التفاؤل والتعاون والفرح . وبث التلفزيون الأثيوبي والقنوات الفضائية الأخرى الاحتفال على الهواء مباشرة . وتحدث في الاحتفال الرئيس ثابو امبيكي شاكراً الطرفين والحكومة الاثيوبية والمجتمع الدولي على ما أبدوه من صبر وتعاون وخص بالشكر الرئيس عمر البشير والفريق سلفاكير والآلية الأفريقية رفيعة المستوى . ووقع الرئيسان على اتفاقية التعاون الشامل بين السودان وجنوب السودان شهد عليها الرئيس ثابو امبيكى رئيس الآلية الافريقية رفيعة المستوى ووزير الاعلام الأثيوبي انابة عن رئيس الوزراء الاثيوبي هايلي ماريام. كما وقع الطرفان على ثلاث مجموعات من الاتفاقيات تتعلق المجموعة الأولي بالترتيبات الأمنية والثانية باتفاقيات مابعد الانفصال والثالثة تتعلق بالتعاون بين البلدين . الاتفاقات الموقعة: ووقع على اتفاقية الترتيبات الامنية بين البلدين الفريق عبد الرحيم محمد حسين وزير الدفاع وعن دولة الجنوب الفريق جون كونج وزير دفاع جنوب السودان . كما وقع الطرفان على اتفاقية حول أوضاع المواطنين ، التجارة والموضوعات ذات الصلة ،وقضايا الحدود ،واتفاقية القضايا الاقتصادية الأخرى التي تضم الأصول والديون والمتأخرات والمطالبات ،كما وقع الطرفان على اتفاقيتين الأولى حول التعاون بين البنوك المركزية، والثانية حول المعاشات ،بجانب اتفاقية البترول والقضايا ذات الصلة. الترتيبات الأمنية كاد ملف الترتيبات الامنية ان يعجل بانهيار المفاوضات الاخيرة وبفشل القمة الرئاسية لاسيما عند اشتداد الخلاف حول منطقة الميل «14» الحدودية مابين ولايتي شرق دارفور وبحر الغزال وهي ماتعرف بمنطقة «سماحه « بعد رفض الخرطوم تتبيع تلك المنطقة لداخل حدود دولة جنوب السودان ضمن الخارطة التي اقترحتها الوساطة الافريقية لتحديد المناطق المنزوعة ألا ان التحركات الماكوكية التي قادتها الوساطة والمبعوثون الدوليون ورئيس وزراء اثيوبيا نجحت في نزع فتيل الأزمة واقنعت الطرفين بتقديم تنازلات محددة ليتفقا اخيرا على سحب قواتهما من منطقة الميل «14» معا على ان تكون تحت الادارات التقليدية للدولتين، وجاء اتفاق الترتيبات الامنية بجملة من الاجراءات على رأسها نشر قوات اليونسفا «قوات مشتركة من الاتحاد الافريقي والامم المتحدة « على طول الشريط الحدودي بما فيها منطقة الميل 14 بجانب نشر لجان المراقبة المشتركة بين الدولتين ولجان الشكاوي وألزم اللجنة السياسية الامنية المشتركة برئاسة وزيري دفاع الدولتين بالبدء فور توقيع الاتفاق في وضع الاجراءات اللازمة لتفعيل العمل . ملف النفط وتجاوز الطرفان بعد مايفوق العشر من جولات التفاوض الماكوكية عقبة النفط بالاتفاق على رسوم عبور النفط بان تدفع جوبا للخرطوم مبلغ «11» دولارا لمزيج النيل و«9,10» دولار لمزيج عدارييل وأقر الاتفاق ان تدفع دولة جنوب السودان مساعدات للسودان بماقيمته ثلاثة مليارات و280 مليون دولار لمدة ثلاثة اعوام على ان يتم اعادة النظر في تلك القيم بعد انتهاء تلك الفترة ، وتجاوز الطرفان عقبة تعويضات شركة سودابست التي طالبت الحكومة جوبا بدفعها والبالغة مليون ومائتي دولار لاسيما بعد ان وضعت جوبا يدها على اصول الشركة وفقا لاتفاق الطرفين بان تؤول لكل طرف الاصول الموجودة بارض الاخر ، وتوصل الطرفان لاتفاق بتجاوز تلك القضية وان تقوم الخرطوم بترتيبات داخلية لحلها. ملف الحريات الاربع وجاء ملف الحريات الاربع في مجلد كامل تناول الاتفاق على حرية التنقل والتملك والعمل والاقامة وأقر بتكوين عدد من اللجان الوزارية المشتركة لتفعيل تنفيذ الاتفاق والدفع به لبرلمان البلدين للمصادقة عليه ليصبح ساريا. بروتكولات التعاون وتدخل ضمن اتفاق برتكول التعاون مابين الدولتين 8 اتفاقات على رأسها اتفاق حول مرونة التجارة بين الدولتين والتعاملات البنكية والتعويضات والتي تشمل مكافآت نهاية الخدمة للجنوبيين الذين عملوا بالشمال ايام الوحدة والعكس بجانب اتفاقات حول الديون حيث اتفق الطرفان على اعفاء متبادل للديون بجانب قيادة حملة دبلوماسية مشتركة لاعفاء ديون السودان الخارجية وان يوقع كل من رئيسي الدولتين البشير وسلفاكير على خطاب مشترك موجه للمجتمع الدولي في ذلك الشأن. الحدود فيما يتعلق بالحدود ، فان الطرفين حسما 80% من النقاط الخلافية بالاتفاق على وضع اعمدة خرصانية لتحديدها وأقرا مرجعية يستندان عليها تتمثل في فريق من الاتحاد الافريقي لمساعدتهما في تسوية الخلاف حول المناطق الخمس المتنازع عليها وهي مناطق كافياكنجي وحفرة النحاس وجبل المقينص وكاكا التجارية وجودة، والتي تمثل 20% من حدود البلدين كما ان الجولة المقبلة التي اتفقا على عقدها ينتظر ان تنظر بجانب تلك القضايا في الجدل بشأن المناطق المدعاة التي تتمسك جوبا بادراج تلك المناطق ضمن اجندة التفاوض ليقدم كل طرف ادلته على ادعاءاته بتبعية تلك المناطق خاصة وانها لم تكن حاضرة في بداية التفاوض . أبيي قضية تستعصي على الحل النقاش حول قضية ابيي على مستوى الدولتين اغلق تماما بعد ان انتهت المهلة المحددة للطرفين للوصول لاتفاق ودفع الوساطة الافريقية بمقترح الحل النهائي للمنطقة وبما ان الخرطوم اعلنت رفض المقترح وسلمت الوساطة ردها مكتوبا فالوساطة اعلنت احالة الملف لمجلس السلم الافريقي الذي ينتظر ان يقرر فيه ومن ثم يدفع بالقرار الذي سيستقر عليه لمجلس الامن.