* حركات دارفور يمكن أن نحاكمها بعاملين مهمين ساهما بقدر كبير في انصرافها عن القضية التي دفعت بها لتحمل السلاح وتحارب الحكومة حتى تحملها علي الوفاء بمطالب أهل دارفور العادلة والمنطقية وهذان العاملان يمكن أن يلحظهما الجميع وحتي الشخص البسيط يستطيع أن يدرك ذلك ومن ثم يؤسس قناعته وموقفه من هذه الحركات التي خرجت تحارب من اجله بعد أن تكشف له أنها تحارب من اجل شيء آخر لا علاقة له أبداً بقضية دارفور وهذا ماساهم بالضبط في تراجع الاهتمام بقضية دارفور وسط شعب دارفور وفي الإقليم وداخل المجتمع الدولي بمن فيه هؤلاء اليهود الذين اتجهوا الي قضايا أخري في جنوب كردفان والنيل الأزرق بعد أن بارت سلعة دارفور لدي المواطن الغربي وتكشف له جزء من الحقيقة وأدرك أخيراً أن الطريقة التي يعالج بها التحالف الصهيوني قضية دارفور لم تفلح في إنهاء معاناة الناس في هذا الإقليم وبدأت تظهر بوادر فساد في الأموال التي يتم جمعها حتى أضحت الحملات التي تنطلق لجمع المال لصالح دارفور لا تقنع أحداً ليتجاوب معها. *العامل الأول الذي ساهم في تراجع الاهتمام بقضية دارفور الانقسامات الكثيفة التي ضربت جسم الحركات المتمردة في دارفور التي تجاوزت المئة حركة تنقسم الواحدة منها بمتوالية هندسية وتنشطر مثل الخلايا وهذا ما يؤكد ان المصلحة الشخصية تتجاوز في تأثيرها القضية التي خرجوا يقاتلون من اجلها ويناضلون وابلغ مثال يمكن ان نكشف عنه لتأكيد هذا الافتراض ما حدث بين خليل إبراهيم وعزالدين بيجي المسؤول المالي والإداري بحركة العدل والمساواة والمقرب جداً من خليل بالإضافة لصلة القربي التي تجمع بينهما وقد عمد الثاني الي تسميم الأول للإستيلاء علي الأموال التي دفعتها المخابرات الليبية لحركة العدل والمساواة مقابل مشاركتها في القتال الي جانب كتائب القذافي مما اضطر خليل بعد تعافيه لقتله. * العامل الثاني وهو الأكثر أثراً علي التمرد في دارفور هو المشاركة في القتال خارج دارفور ولصالح أجندات أخري لا علاقة لها بمصلحة أهل دارفور وقد حدث ذلك في تشاد وقد وجد جنود حركة العدل والمساواة يقاتلون في أراض أخري والي جانب جيوش أخري كما أن القتال علي طريقة المرتزقة مارسته حركة العدل والمساواة في ليبيا الي جانب كتائب القذافي الذي تم الاتفاق عليه بعد أن استلم خليل إبراهيم صكاً مالياً من سليمان الشحومي مسؤول العلاقات الخارجية بمؤتمر الشعب الليبي وبحضور عبد الله السنوسي مدير المخابرات الليبية "هذا هو المال الذي اغري عز الدين بيجي لتسميم خليل إبراهيم" هذا وقد شاركت قوات العدل والمساواة في القتال في ليبيا ابتداء من 27/6/2011 م وقد كانت انطلاقتهم من قاعدة الجفرة العسكرية وشاركوا في معارك يفرن والبريقة والزنتان والجبل الغربي وجبل غريان بالإضافة لمشاركتهم في تأمين العاصمة طرابلس. أما مشاركة قوات مني اركو مناوي فقد كانت في منطقة الكفرة علي الحدود الليبية السودانية وقد لعب قيادات حركة العدل والمساواة الدور الرئيس في جلب المرتزقة الأفارقة من داخل ليبيا ومن عدد من دول الجوار الإفريقي المحيط بليبيا وكذلك فإن حركة العدل والمساواة كانت قد عرضت خدماتها لأطراف الصراع في ساحل العاج وبالذات القتال بسيارات اللاندكروزر باعتبارهم خبراء في هذا الجانب وقد صار هذا ديدنهم وصاروا مرتزقة يحاربون لمن يدفع لهم وهاهم ينتقلون الي الدولة الرابعة من الدول التي قاتلوا فيها لصالح حكوماتها مقابل المال وهي دولة جنوب السودان وقد خاضوا معها المعارك في ولاية الوحدة وجونقلي وهي تحارب الثوار الجنوبيين كما ان حركة العدل والمساواة تخوض الحرب في جنوب كردفان والي جانبها حركة مناوي وأبو القاسم إمام بعيداً عن دارفور وبدلاً من أن تقاتل من أجل الفاشر ونيالا هي الآن تحارب من اجل تلودي وكادقلي وطروجي وجنودها يموتون في حرب لا مصلحة لإنسان دارفور فيها. * في المقابل هناك عوامل أخري ساهمت في انصراف الاهتمام الدولي بقضية دارفور بعد ان قدمت الحكومة السودانية تنازلات كبيرة لصالح دارفور وقد كانت هي مطالب لحركات دارفور وكذلك إستقرت الأوضاع الأمنية لأكثر من عامين وتنامت العودة الطوعية وهي تصل الي مئات الآلاف من النازحين واللاجئين العائدين الي قراهم ومناطقهم وكذلك قطعت التنمية شوطاً مقدراً ونال أهلنا في دارفور نصيبهم من قسمة السلطة وهم ينعمون بمنصب نائب الرئيس وتسع وزارات اتحادية منها المالية والعدل والصحة بجانب المناصب الدستورية بالسلطة الانتقالية وبالولايات الخمس وهذا كله حقهم ويستحقون أكثر منه وبالتالي لم يعد هناك منطق لاستمرار الحرب والمعاناة لا سيما وان الاتفاقية مفتوحة وتستطيع استيعاب كافة الحركات التي ما زالت تحارب لأجل اجندة أخري لا علاقة لها بإنسان دارفور. نقلا عن صحيفة الاهرام17/4/2012